عشية استحقاق 18 شباط… لبنان الرّسمي يصرّ على الانسحاب الاسرائيلي وحزب الله منقسم بين الوقوف وراء الدولة وأمامها

الواضح أن إسرائيل لن تتخلّى عن حقّ المبادرة التي تقول إنّه مُنح لها في اتفاق موازٍ مع واشنطن لضرب أي خلل امني أو عسكري يمكن أن يقدم عليه حزب الله، وهذا ما يفسِّر الغارات التي تستمرّ إسرائيل في تنفيذها سواء في شمال الليطاني أو في عمق البقاع باتجاه السلسلة الشرقية وكذلك من خلال أعمال التفجير التي تقوم بها في شريط القرى الجنوبية الحدودية التي تتواجد فيها.
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
لم يتبدّل الموقف اللبناني الرسمي الذي أبلغه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لزواره حول التمسّك بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي تحتلها ضمن مهلة الثامن عشر من شباط الجاري. وهذا الموقف كان الحاضر الأكبر في سلسلة اتصالات دولية قادها الرئيس عون من أجل إتمام هذا الانسحاب في هذه المهلة من دون أي تأخير. وفي سياق متصل، يستكمل الجيش اللبناني عملية انتشاره في عدد من المناطق وينجز المهمات الموكلة إليه.
وقبل يوم من حلول هذا الموعد، لا يزال الجيش الإسرائيلي يعمد إلى تنفيذ تفجيرات في المنطقة الحدودية في الجنوب وحرق منازل في عدة مناطق شملت بلدات كفركلا وميس الجبل وحولا، كما أنّ طائرات الاستطلاع لم تتوقّف وكذلك استهداف قادة لحزب الله من خلال مُسيّرات. أمّا بالنسبة إلى الانسحاب، فإنّ المعطيات تؤشر إلى انّ الجيش الإسرائيلي أبلغ المعنيين بأنّ هناك 5 نقاط حدودية لن يغادرها في جنوب مجرى نهر الليطاني وشماله تحت ذريعة مراقبة تحركات حزب الله.
وبالنّسبة إلى الحزب فإن الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم رمى المسؤولية لدى الدولة اللبنانية في متابعة الانسحاب ضمن المهلة المحددة وعدم بقاء إسرائيل في أي نقطة.
فما هو المشهد المرتقب إذا؟
يقول الكاتب والمحلل السياسي الياس الزّغبي لموقع “هنا لبنان” إنّ استحقاق الثامن عشر من شباط الجاري هو استحقاق ملتبس إسرائيليًّا ولبنانيًّا؛ اسرائيليًّا لجهة تمسك تل أبيب بالبقاء على الأقل في خمس نقاط استراتيجية أي في مرتفعات تشرف على أراضي الجانبين الإسرائيلي واللبناني.
اما لبنانيًّا، فالمسألة متصلة بمدى تنفيذ الشق اللبناني من القرار 1701 ومندرجات اتفاق وقف إطلاق النار. والواضح حتّى الآن أن إسرائيل تتذرّع بأن حزب الله لم يُخْلِ كلّ المواقع ومجمّعات السلاح التي بناها في منطقة جنوب الليطاني إضافة إلى الاستمرار في محاولات الحصول على السلاح تهريبًا من سوريا إذا استطاع وعلى المال تهريبًا من إيران عبر مطار رفيق الحريري الدولي. وهذه الإشكالية تضغط على الاستحقاق بحيث لا يتحقّق الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجغرافيا التي احتلّها الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة. وفي هذا الإطار، يلفت موقف الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم من مقر إقامته حيث هو بالبقاء وراء الدولة اللبنانية بحيث يحمّلها مسؤولية تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، في ما هناك داخل حزب الله فريق لا يوافق الشيخ قاسم على موقفه، بل يذهب بعيدًا في تحريك الأرض كما فعل في الأيام الثلاثة الماضية في محيط المطار وعبر استهدافه الجيش اللبناني واليونيفيل أيضًا.
ويضيف الزغبي: “وكما فعل ذلك في الجنوب من خلال التمرّد على توجيهات الجيش اللبناني بعدم الدخول إلى بلدة حولا ما أدى إلى سقوط ضحية وجرحى. كلّ هذا المشهد يرتبط بشكل أو بآخر بالأجندة الإيرانية أو على الأقل ما تبقّى منها ومن قدرة طهران على التأثير في مجرى الأحداث، لذلك نرى الطرف المتشدِّد داخل حزب الله يسعى إلى التصعيد على الأرض وفي الموقف السياسي إلى درجةٍ يمكن معها أن يتجه إلى مقاطعة الدولة برمّتها أي من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة الحكومة والى الحكومة نفسها. فإيران امام صراع ما بين فريق من حزب الله يريد الوقوف وراء الدولة وفريق آخر يريد الوقوف أمامها”.
ويشير إلى أنّ هناك رؤوسًا حامية تتجه إلى فكرة الانسحاب من الحكومة ما يعني أن هناك ضغطًا على الوزيرين اللذيْن سمّاهما حزب الله كي يقدما استقالتيهما، قد يكون الهدف الابتزاز والتهويل على العهد وحكومته البكر، كي يرضخا لهذا التشدّد وتنفيذ ما يرضي به هذا الفريق الذي يأتمر مباشرة بالتوجيه الإيراني.
ويوضح أنه إذا كان الشيخ قاسم يعبّر بشكل أو بآخر عن الموقف الإيراني الحقيقي طالما أنه موجود في حضانة النظام في طهران، فإنّ العاصمة الإيرانية تلعب في الحقيقة لعبتيْن أو على خطيْن داخل قادة حزب الله كي تصل إلى الفريق الأكثر تعبيرًا عن سياستها وعن الأجندة التي لا تزال تتمسك بها على الرَّغم من الضغوط الأميركية.
ويرى أنّ ضغط إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إسرائيل كي تلتزم بالانسحاب في الموعد المحدّد من شأنه أن يؤدي إلى عملية مشهديّة لهذا الانسحاب، ولكن مع احتفاظ إسرائيل بيدها العسكرية العليا من أجل التحكّم بمجرى الأحداث اللاحقة في حال حصولها. والواضح أن إسرائيل لن تتخلّى عن حقّ المبادرة التي تقول إنّه مُنح لها في اتفاق موازٍ مع واشنطن لضرب أي خلل امني أو عسكري يمكن أن يقدم عليه حزب الله، وهذا ما يفسِّر الغارات التي تستمرّ إسرائيل في تنفيذها سواء في شمال الليطاني أو في عمق البقاع باتجاه السلسلة الشرقية وكذلك من خلال أعمال التفجير التي تقوم بها في شريط القرى الجنوبية الحدودية التي تحتلّها.
ويختم الزغبي: “في المحصّلة يدخل لبنان مرحلة شديدة الدقة على عتبة العهد الجديد ولا بدّ من ربط علاقات متينة مع الراعيَيْن العربي والدولي كي يشكِّلا مظلة أمان للبنان في أدق مرحلة في تاريخه الحديث”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() الرابع عشر من شباط.. والحكاية التي لم تنتهِ | ![]() “كلنا إرادة” تسوّق للأزمات والانقلابات ومخطّطاتها كُشِفَت | ![]() رحلة تأليف الحكومة تلفها التعقيدات والهبوط الآمن ينتظر الوقت المناسب |