بعد سلسلة خسائره… “الحزب” ينقل المعركة الى الداخل ويستعين بالتناقضات!


خاص 18 شباط, 2025

شكّلت أحداث المطار صفعةً قوية لحزب الله، لأنّ الأمور خرجت عن سيطرته الى غير رجعة، والواقع بدأ يفرض عليه الحل الوحيد المتبقّي له، وهو ضرورة الانخراط بالدولة، والحدّ من الاعتراض الذي كان يفرضه بالقوة، لكن التغيّرات المستجدّة قلبت الوضع رأسًا على عقب. ونجح العهد في امتحانه الاول بالضّرب بيد من حديد، من خلال الاوامر الصارمة التي أُعطيت للقوى الامنية بضبط الوضع على طريق المطار، والمداهمات التي قامت بها ضدّ من حاول زعزعة الاستقرار.

كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:

بعد سلسلة السّقطات والخسائر التي مُني بها حزب الله، منذ شنّ حربه على إسرائيل تحت عنوان وحدة الساحات والدفاع عن غزّة، التي لم تحقّق أهدافها وشعاراتها، بل دفع لبنان واللبنانيون فقط ثمن المغامرات العشوائية، التي تباهى بها الحزب على مدى أكثر من عام، فكانت النتيجة سقوط آلاف الضّحايا والجرحى من المواطنين الذين تحوّلوا إلى نازحين في بلدهم، بعد تدمير منازلهم وجرْف قراهم الحدودية، وقصف معظم المناطق الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية من قبل الاسرائيليّين، واغتيال عدد كبير من قادة ومسؤولي الحزب وسقوط معظم مقاتليه.

باختصار عاش كل لبنان جحيم الحرب، من دون أن يكون للسلطة الرّسمية أي رأي في شنّ هذه الحرب، التي انتهت بالسّقطات المدويّة وباتفاق وقفٍ لإطلاق النّار لصالح اسرائيل، التي وضعت شروطًا ما زالت تفرضها وبانسحاب مؤجّل كل فترة، والنتيجة انتصار وهمي كبير فقط بحسب رؤية حزب الله.

طريق المطار “فشّة خلق”

أمام هذه المشاهد الخيالية التي يعمل الحزب وقسم من بيئته على تصديقها بالقوّة، لم يبقَ أمامه سوى طريق المطار كـ”فشّة خلق” يلجأ اليها كل فترة، وبكل الوسائل السلبيّة كي يستعين بشيء من قوّته التي ولّت، وآخر الاسباب التي وضعها في الواجهة منع السلطات اللبنانية هبوط طائرة إيرانية في المطار والاسباب معروفة، ما دفع مناصري حزب الله إلى إقفال كل الطرق المؤدّية إلى مطار رفيق الحريري الدولي وإشعال الإطارات، ومن ثم التعرّض لآلية تابعة لقوات الطوارئ الدولية، وإضرام النار فيها فأصيب نائب قائد “اليونيفيل” الذي كان بصدد السفر حينها، كما أصيب آخرون. وهذا ما اعتاد عليه مناصرو الحزب وكرّروه في مناطق جنوبية، ما شكّل رسائل في اتجاهات عدّة من قيادة الحزب مع بدء انطلاقة العهد، محاولين فرض سلطتهم من جديد عبر أعمال الشّغب على طريق المطار لما له من رمزية، فهو واجهة لبنان الاولى أمام زواره، لذا أراد الحزب فرض سيطرته من جديد على الداخل، والاعتداء على قوّة أمنية دولية غير آبه بنتيجة اعتدائه هذا، لانّ هدفه نقل المعركة من الجنوب إلى العاصمة والتلويح بـ7 أيار جديد، والاستقواء بالشارع من خلال أدوات قديمة بائدة ولّى زمنها، وانتهى أمرها ولم تعد صالحة.

تهديد بالحرب الأهلية

في السّياق، لم يعد أمام مناصري حزب الله سوى التهديد بالحرب الأهلية، وهذا ما قام به أحدهم من بيئة الحزب، عبر تسجيله فيديو بُثَّ على مواقع التواصل الاجتماعي، هدّد خلاله بحرب داخلية لأنها تطيح اللبنانيين الشامتين بالحزب بحسب رأيه، بالتزامن مع هجوم كبير شنَّه على العهد المتمثِّل برئيسَيْ الجمهورية والحكومة، ما دعا العديد من رواد مواقع التواصل للطلب من الاجهزة الأمنية الإسراع بإلقاء القبض عليه، لوضع حدٍّ لهذه الاساليب التحريضيّة بين اللبنانيين، الذين ينظرون إلى العهد بإيجابية، وإلى خطاب القسَم كفرصة واعدة بعد طول انتظار.

حرق علم لبنان ورفع علم إيران!

إلى ذلك، ثمّة تناقضات ظهرت ضمن سياسة حزب الله، فهو تارة يضع الدولة اللبنانية في الواجهة السياسية، من باب المفاوضات مع الطرف الاسرائيلي، ويستذكر حين تناسبه الظروف بأنّ لبنان دولة شرعية حين يطالبه النازحون بإعادة إعمار بيوتهم، التي تهدّمت بسبب حروبه العبثية، فينقلب على كل التفاهمات ولا يعترف بها مع العلم أنه وقّع عليها، لكنه يسارع الى التملّص منها عبر التمييز بين جنوب الليطاني وشماله، كما يهاجم الحكومة ومع ذلك يشارك فيها، ومن ثم يطلق النّار السياسية عليها، ويتحدّث عن الشراكة في الوطن والدّفاع عن لبنان بالدم والشهادة، ويتباهى بولائه لإيران ويدافع عنها بكل الاساليب، فيحرق علم لبنان ويرفع علم إيران، والصور شاهدة على ذلك وآخرها على طريق المطار ليل الاحد الماضي.

العيش في أمجاد الماضي

هذه التناقضات التي بات يستعين بها “حين يكون محشورًا” أكدت انه في وضع لا يحسد عليه، اذ لم يعد أحد يفهمه، لأنه لم يتقبّل بعد تلك الخسائر، بل ما زال يعيش في أمجاد الماضي، لذا لا يستطيع اليوم تقبّل الإستراتيجية الجديدة لمسألة الدفاع عن لبنان، وحصريّة القرار بيد الدولة، بعدما كانت قرارات الحرب والسّلم محصورة به فقط، لكن هيهات من هذا اليوم…

في السّياق، شكّلت أحداث المطار صفعةً قوية لحزب الله، لأنّ الأمور خرجت عن سيطرته الى غير رجعة، والواقع بدأ يفرض عليه الحل الوحيد المتبقّي له، وهو ضرورة الانخراط بالدولة، والحدّ من الاعتراض الذي كان يفرضه بالقوة، لكن التغيّرات المستجدّة قلبت الوضع رأسًا على عقب.

العهد نجح في امتحانه الأمني الأول

باختصار، نجح العهد في امتحانه الاول بالضّرب بيد من حديد، من خلال الاوامر الصارمة التي اُعطيت للقوى الامنية بضبط الوضع على طريق المطار، والمداهمات التي قامت بها ضدّ من حاول زعزعة الاستقرار في توقيت دقيق جدًّا، فعيون المجتمع الدولي شاخصة نحو العهد الذي سينال الثقة من كل الجهات، للبدء بمساعدته ونهوضه مقابل فرض هيبته على كامل الاراضي اللبنانية، والسيطرة بقوّة على البلاد وأمنها، مما يعني انّ كلّ التهويل الذي كان سائدًا لم يعُد له وجود او مبرّر، وبالتالي فالتهديدات لم تعد تنفع، من هنا نستعين بما قاله الرئيس الشهيد رفيق الحريري “ما في حدا أكبر من بلدو”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us