خطاب قاسم يحيّر جمهوره من تناقض التمسّك بالسلاح والمشاركة في بناء الدولة!


خاص 25 شباط, 2025

تبدو قيادة “الحزب” وقاعدته الشعبية في ضياع متواصل ومرشّح للتفاقم، إلى حين الاعتراف بالواقع العسكري الجديد الذي قلبَ وضعه رأسًا على عقب، لأنه يرفض تقبّل ما جرى من تغيّرات، في حين وافق على وقف إطلاق النار والقبول بالشروط التي فرضتها اسرائيل، كما انّ تحميله المسؤولية للدولة خطأ كبير، فالمسؤولية تقع على عاتق شخص الرئيس نبيه برّي، الذي وافق على الشروط الاسرائيلية بصفته ممثلًا لـ”الحزب”.

كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:

كان لافتًا خطاب الامين العام لحزب الله نعيم قاسم “غير المباشر”، أثناء تشييع الامينيْن العاميْن السابقيْن حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، الاحد، في مدينة كميل شمعون الرياضية، بعدما جمع التناقضات وحيّر جمهور الحزب، فبدا بعيدًا عن المهمّة الصعبة التي أوكِلت اليه، وفي طليعتها شدّ عصب البيئة التي تراجعت نسبة تأييدها للحزب مع توالي “تخبيصاته” وسقطاته، فحاول قاسم إعلاء الصوت والتحدث بنبرة قوية صارخة، على غرار ما كان يقوم به السيّد نصر الله أثناء خطاباته، فلم يُفلح بسبب غياب “الكاريزما” على الرَّغم من محاولة البعض إطلاق الهتافات الداعمة والمحضّرة له، فسقطت في مهْدها ولم تتفاعل في الساحة، التي طغى عليها الحضور الإيراني وعلَمه، الى جانب الاعلام الصفراء التي رفرفت مع علم لبناني وحيد ويتيم، ترافق مع غياب الحضور الرسمي اللبناني، إلّا من قلّة منه مع حلفاء أتوا من باب الخجل ليس أكثر، فيما غاب الحلفاء السابقون، فبدا الحزب وحيدًا في ساحته بعدما كان مسيطرًا عليها.

رسالة حزب الله: يدنا ستبقى على الزناد!

قاسم الذي أطلق الرسائل في اتجاه إسرائيل وبعض الخارج، ليسمع الداخل اللبناني “عنترياته ومراجله”، بهدف رفع معنويات البيئة من خلال عبارات الصمود والتصدّي والانتصار الوهمي، مختصرًا بكلماته عبارة واحدة، أراد إرسالها أوّلًا إلى الداخل للقول: “ما زِلنا هنا وكل مَن راهن على نهايتنا سقطت كل احلامه”، مذكِّرًا بأنهم باقون ضمن محور المقاومة وسلاحها بعدما أثبتوا انتصارهم، وبأنّ الحزب موجود وقوي عددًا وعدّةً وشعبه صامد، واليوم دخل في مرحلة جديدة تختلف أدواتها وأساليبها، مع التأكيد أنّ اليد ستبقى على الزناد وستطلق النار متى ارتأت قيادة المقاومة ذلك مناسبًا”.

هذا الموقف تلاقى مع آخر معاكس له، أطلقه قاسم ولم يفهم عليه أحد، مع إعلانه انّ حزب الله سيكون ضمن ورشة إعادة بناء الدولة والالتزام بالطائف، اي حاول جمع المجد من أطرافه، حين أعطى الحقّ للمقاومة بالتصرّف وفقًا للظروف، وبإطلاق النّار متى يرون الوقت مناسبًا، مع الالتزام بالدولة في الوقت عينه ودفعها لتحمّل مسؤولياتها، محاولًا التذاكي علّه يضرب عصفوريْن بحجر واحد، كردّ معنوي على مَن يعتبر انّ زمن حزبه قد ولّى.

التذاكي على الدولة لن يمرّ!

قاسم أراد من خلال هذه الازدواجية، إفهام مَن يهزأ بانتصاراته الوهمية، بأنه وافق على طلب إسرائيل وقف إطلاق النار من منطلق استراتيجي، وهم كحزب التزموا بالاتفاق لكن إسرائيل لم تلتزم به، واضعًا المسؤولية على عاتق الدولة اللبنانية، التي لم يستشِرها حزبه حين قرّر شنّ الحرب، تحت عنوان وحدة الساحات التي سقطت معها كل أسُس الوحدة، لكنّه يتناسى كل هذا ليتنقّل بين المشاركة في بناء الدولة العادلة، والمساواة بين اللبنانيين حين يشاء، طارحًا على لبنان الرسمي الاستعانة بالديبلوماسية لانسحاب إسرائيل من التلال الاستراتيجية الخمس في الجنوب، ما يعكس ازدواجيةً واضحةً في أدائه، فتارةً هو جزء من الدولة، وطورًا هو متمسّك بسلاحه ضمن مشروع المقاومة التي يهدّد عبرها إسرائيل في اي لحظة، على الرَّغم من أنه لم يعد يملك مقومات الصمود والقدرة العسكرية، لذا بدا واضحًا وكأنه يتحدث بلسان غيره.

ضياع القيادة والقاعدة

انطلاقًا من هنا تبدو قيادة حزب الله وقاعدته الشعبية في ضياع متواصل ومرشح للتفاقم، إلى حين الاعتراف بالواقع العسكري الجديد الذي قلبَ وضعه رأسًا على عقب، لأنه يرفض تقبّل ما جرى من تغيّرات، في حين وافق على وقف إطلاق النار والقبول بالشروط التي فرضتها اسرائيل، معتمدًا على طريقة القبول ومن ثم الرفض، ضمن مفهوم خاص لا أحد قادر على استيعابه، كما انّ تحميله المسؤولية للدولة خطأ كبير، فالمسؤولية تقع على عاتق شخص الرئيس نبيه برّي، الذي وافق على الشروط الاسرائيلية بصفته ممثلًا لحزب الله، أمّا الخوف الاكبر فهو إعلان الحزب الشراكة في بناء الدولة، ضمن إطار المناورة، لانّ بناء الدولة بحسب اعتقادهم يستند الى تصوّر ديني خاص بهم لتجييش الطائفة الشيعية، كما لا يمكن أن يكون للبنان استراتيجية دفاعية، لان لا مصلحة للحزب بها، والتحدث عنها من قبل قاسم هو من باب المناورة أيضًا، لكسب المزيد من الوقت واستعادة القوّة بطريقة مغايرة، بعدما اُقفلت طرق تموينه العسكرية والمالية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us