لبنان والشرق الأوسط في ظل سياسة ترامب الجديدة: الفرصة الأخيرة

في عالم اليوم، لا أحد ينتظر لبنان ليلحق بالرّكب، إذا لم يستيقظ السّاسة اللبنانيون الآن ويفهموا أنّ عهد الاتكال على الخارج قد انتهى، فإنّهم لن يجدوا قريبًا من يسمعهم عندما يبدأون بالصراخ طلبًا للمساعدة.
كتب سلام الزعتري لـ”هنا لبنان”:
لدى السياسيين في لبنان عادة خطيرة: تجاهل التغيّرات الجيوسياسية حتى تصبح كارثيّة. ولكن هذه المرة، قد لا يكون هناك متسع من الوقت لتدارك الأمور. السياسة الخارجية الأميركية تتغيّر بسرعة، والرسالة واضحة: حلّوا مشاكلكم بأنفسكم، لأن واشنطن لن تفعل ذلك بعد اليوم.
إذا كان بعض القادة في بيروت لا يزالون يعتقدون أنّ الولايات المتحدة ستتدخل لحماية لبنان من أزماته المتراكمة، فعليهم أن يعيدوا التفكير فورًا. لأنّ ما يحدث اليوم في الشّرق الأوسط، من غزّة إلى أوكرانيا، ليس مجرّد تحولات عابرة، بل هو إعلان صريح لنهاية مرحلة طويلة من التدخل الأميركي المباشر. “العالم يتغيّر… وعليكم أن تتكيفوا”، ما يقوله ترامب للحلفاء في أوروبا والشرق الأوسط بسيط: الولايات المتحدة لم تعد مسؤولة عن استقراركم. إذا لم تستطيعوا إدارة شؤونكم بأنفسكم، فهذه مشكلتكم. هذا ما حصل مع أوكرانيا، عندما قرّر ترامب التفاوض مع روسيا على مستقبلها من دون إشراك الأوروبيين. وهذا ما يحصل مع غزّة، حيث طرح ترامب خطة ترحيل الفلسطينيين إلى الأردن ومصر، متجاهلًا التداعيات الكارثية لهذا الطرح على استقرار المنطقة.
بالنّسبة للبنان، هذه الرسالة تعني شيئًا واحدًا: لا أحد سينقذكم من أنفسكم. إذا لم يتمكن السياسيون اللبنانيون من اتخاذ قرارات جذرية لإنقاذ البلاد، فإنّ لبنان قد يجد نفسه في دوامة لا رجعة فيها، بلا أي دعم دولي. لبنان ليس على أجندة أميركا… فهل هو على أجندة زعمائه؟
بين الانهيار الاقتصادي، الفساد المستشري، والتدخلات الخارجية، يتعامل السّاسة اللبنانيون مع بلدنا وكأنّه قابل لإعادة التشغيل مهما كان حجم الخراب. لكن في ظلّ التغيّرات الإقليمية الحالية، قد يكون لبنان أقرب إلى دولة فاشلة منه إلى بلد قابل للإنقاذ. واشنطن لم تعدْ معنيّة بلبنان كما كانت في السابق. لم يعد هناك دعم غير مشروط، ولم يعد هناك استعداد لممارسة الضّغوط الدولية لإنقاذ الطبقة السياسية من أزماتها. فإذا استمرّ الزعماء اللبنانيون في إدارة البلاد بالعقلية نفسِها التي أوصلت لبنان إلى الحضيض، فلن يجدوا من يستمع إليهم في الخارج. السياسيون اللبنانيون أمام خيارين لا ثالث لهما:
– إعادة بناء الدولة بقرارات سيادية وجريئة: وقف الفساد، إصلاح الاقتصاد، وتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية. هذه هي الشروط الأساسية لجذب أي دعم دولي مستقبلي.
– الاستمرار في سياسة الإنكار والمماطلة سيؤدّي حتمًا إلى انهيار أعمق، وربّما إلى إعادة رسم المشهد اللبناني بالكامل وفق أجندات إقليمية ودولية لا علاقة للبنانيين بصياغتها.
في عالم اليوم، لا أحد ينتظر لبنان ليلحق بالرّكب. إذا لم يستيقظ الساسة اللبنانيون الآن ويفهموا أنّ عهد الاتكال على الخارج قد انتهى، فإنهم لن يجدوا قريبًا من يسمعهم عندما يبدأون بالصراخ طلبًا للمساعدة. هذه هي الفرصة الأخيرة… فإما الإصلاح، أو الفوضى الكاملة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() فضيحة “فورت نوكس”: هل يؤدّي نقص الذهب إلى صعود الـ”بيتكوين”؟ | ![]() كأس السم للإسلام السياسي | ![]() إتفاق وقف إطلاق النار أم إعادة تسليح ؟ المسار الغامض للأمام |