التربية التقليدية “في مهبّ الريح”… و”أهلًا” بالتربية الحديثة!

هناك العديد من الالتباسات والاعتقادات الخاطئة التي تروّج إلى أن التربية الحديثة هي فقط السماح للأطفال بفعل كل ما يريدونه من دون قواعد أو ضوابط أو حدود، إلّا أنّ “لكلّ جديد لذّة”، لذلك، إنّ للتربية الحديثة ايجابياتها وسلبياتها. ومن مميّزاتها: أوّلًا، الاعتراف بقدرات الأطفال واحتياجاتهم، والسعي لجعلهم أفضل. ثانيًا، التأكيد على أن الطفل له حقوق وعليه واجبات، فتزيد من ثقته بنفسه وتجعله كامل المشاعر في التعبير عن رأيه. ثالثًا، تحقيق ذاته، وبناء شخصيته المستقلة. أمّا عن السلبيّات فلا شكّ أنّ لكل جديد سيئاته، منها، الافراط في اكتساب الشيء، عدم طاعة الطفل للأهل، ميل الأطفال إلى الأنانية وحب الذات وغيرها.
كتبت ريتا صالح لـ”هنا لبنان”:
يشهد العالم ظاهرة تربوية جديدة تغزو غالبيّة المجتمعات الشرقية منها والغربية، إنّها “التربية الحديثة”!
تعتمد التربية الحديثة للاطفال على مجموعة من التعليمات والطرق التي تحسِّن من سلوك وأداء الطفل في مواجهة المجتمع. حديثًا، إنّ غالبية الآباء وخصوصًا مَن يواكبون التطور التّكنولوجي أو العولمة الحديثة يلتزمون بتطبيق طرق التربية الحديثة تماشيًا مع تطوير المجتمعات، ومواكبةً لكلّ ما يطرق من احتياجات واهتمامات على البيئة المحيطة بهم. ومن مفهوم التربية الحديثة للأطفال هي استخدام الاهل إمكاناتهم العلمية والتعليمية، وقيمهم الاساسية في التربية، ومعتقداتهم من أجل اتّخاذ أفضل القرارات لمصلحة أطفالهم، بالإضافة إلى توفير بيئة حاضنة لتكوين مستقبل ناجح وواعد بعيدًا عن كل الطرق القديمة التي تزيد من الإحباط النفسي، وتحجيم قدرات الطفل، بالاضافة الى عدم قدرته على تطوير شخصيته.
وفيما أنّ هناك العديد من الالتباسات والاعتقادات الخاطئة التي تروّج إلى أن التربية الحديثة هي فقط السماح للأطفال بفعل كل ما يريدونه من دون قواعد أو ضوابط أو حدود، إلّا أنّ “لكلّ جديد لذّة”، لذلك، إنّ للتربية الحديثة ايجابياتها وسلبياتها. ومن مميّزاتها: أوّلًا، الاعتراف بقدرات الأطفال واحتياجاتهم، والسعي لجعلهم أفضل. ثانيًا، التأكيد على أن الطفل له حقوق وعليه واجبات، فتزيد من ثقته بنفسه وتجعله كامل المشاعر في التعبير عن رأيه. ثالثًا، تحقيق ذاته، وبناء شخصيته المستقلة. أمّا عن السلبيّات فلا شكّ أنّ لكل جديد سيئاته، منها، الافراط في اكتساب الشيء، عدم طاعة الطفل للأهل، ميل الأطفال إلى الأنانية وحب الذات وغيرها…
في هذا الإطار، أشارت الاخصائية والمعالجة النفسية فالنتينا عطية في حديث لـ”هنا لبنان” الى ان وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورًا كبيرًا في التربية، حيث شهدنا نقلة نوعية لدى الاهالي، بحيث أصبحوا منفتحين أكثر على العالم، ولم يعد الافراد منغلقين فقط على بيئتهم الصغرى، وأصبح هناك وسائل جديدة للتعامل مع الاطفال او الاولاد، إذ إن الاهل اكتسبوا معرفة أكبر عن كيفية التعامل مع اولادهم وبطرق حديثة، كإعطائهم الفرصة والمجال للتعبير عن آرائهم، بعيدًا عن الضغوطات، ومساعدة الطفل على تنمية قدراته وتطوير شخصيته وأفكاره، مؤكدةً أنّه في التربية الحديثة أصبح للطفل الحق في التعبير، وأصبح الاهل أكثر انفتاحًا في التواصل مع ابنائهم.
في المقابل، قالت عطية أنّ التربية الحديثة لها سيئاتها خصوصًا بوجود وسائل التواصل الاجتماعي من حيث نمط الحياة، والقناعة، والوقت الطويل أمام الشاشة، بالاضافة الى الحرّية الزائدة التي تعطى للطفل من دون أي حدود أو ضوابط، ممّا يؤدّي في بعض الاحيان الى قلّة احترام تجاه الاهل، وسقوط هيبة وسلطة الآباء. وعلى الرَّغم من كل تلك السلبيات، لا بدّ من الاشارة أيضًا الى تعرّض الاولاد الى التنمّر على مواقع التواصل الاجتماعي. وبالتالي، رأت عطية أنّه على الرَّغم من كل الايجابيات الموجودة في التربية الحديثة إلّا أنّ قيم التربية التقليدية لا تزال أولوية ومهمة منها احترام الاهل، الحدود في الكلام، والمبادئ الاساسية للعائلة وغيرها.
وختمت عطية أنّ على الاهالي التمتّع بالوعي الكافي لتربية أبنائهم، وأن يفعّلوا التوازن الصحيح ما بين التربية الحديثة والتربية التقليدية لأنّ لكل واحدة منهما مكانتها وأهميتها في المجتمع، وفي حال حصول أي مشكلة التوجّه إلى أخصائيين لمساعدتهم في مواجهة التحديات التربوية.
أمّا الأخصائي والمعالج النفسي وخبير برامج حماية الطفل إيلي نصّار فأشار، في حديث لـ”هنا لبنان”، إلى أنّ كلّ تطوّر جديد في حقبة من الزمن يكون خاصًا في بداياته، واثناء مراحل تطوّره السريع، مكان تساؤل، حيث يمكن ان يختلط الجدوى منه مع سوء استعماله او المبالغة فيه. واعتبر انه من الافضل ألّا نربط وسائل التواصل الاجتماعي بما يسمّى بالتربية الحديثة او التقليدية، فالامر مرتبط اكثر بالوسائل المتاحة. فالمبادئ والنظريّات العملية التربوية هي بشكل عام واضحة وقد تكون ثابتة في أحيان كثيرة مع بعض المتغيّرات التي تتطور مع تطور العلم. أمّا وسائل التواصل فهي التي تتغير، مضيفًا أنّه اذا عملنا على تطبيق هذه المبادئ وكيّفناها مع الوسائل الجديدة يمكن ان نجني الإفادة المرجوّة والعكس صحيح.
وشدّد نصار على أن المشكلة لا تكمن بوجود وسائل التواصل الاجتماعي بحدّ ذاتها كوسيلة وانّما بسلامة او سوء استعمالها ونعني هنا المكان والزمان وغياب المراقبة والتوجيه والرقابة الموجَّهة وهي معايير مطلوبة مع اي وسيلة تواصل على ان تتناسب هذه المعايير مع قدرات هذه الوسائل من ناحية الشمولية وسهولة الوصول اليها وسهولة استعمالها في الزمان والمكان المناسبيْن. كما لفت الى انه اذا تمكن الطفل وبدعم من أهله من الاستفادة من مميزات التواصل الاجتماعي فيمكن أن يقدّم الكثير من الامتيازات، لم تكن لتقدّمها له الوسائل التقليدية الاخرى. وعندما نتكلم عن توجيه الأهل فهذا يشمل حرصهم ألّا تحلَّ هذه الامتيازات كبديل عن التواصل المباشر، فيتيح الاهل خيارات متعددة اخرى من خلال الانشطة المدرسية والانشطة الترفيهية والرياضية والاجتماعية والثقافية المناسبة لرغبة الطفل في الترفيه والتواصل الخارجي.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() انتشار واسع لعدد من الفيروسات الموسميّة… ولكورونا “حصّة الأسد”! | ![]() عشرون عامًا على الاغتيال… رحيل الرجل الاستثنائي في مرحلةٍ استثنائية! | ![]() المفقودون اللبنانيون في السجون السورية: بين الأمل وجهل المصير! |