توافق على تسوية في دول الهلال

التسوية، التي ترقى إلى مستوى نموذج يعتمد، هي وليدة ضغوط ترامب القصوى على إيران والتعهد العربي بتمويل إعادة إعمار واستنهاض الدول التي تسببت سيطرة الولي الفقيه على مقاليدها وتعميم الفساد فيها بتدمير اقتصاداتها وتوريطها بنزاعات لا مصلحة لها فيها وهي لبنان، سوريا والعراق. أما اليمن فتتم معالجة انفصاليي حوثييها بمزيج من الضغوط العسكرية والإقتصادية لتأمين سلامة الملاحة الدولية
كتب محمد سلام لـ”هنا لبنان”:
تميزت منظومة العمل العربي المشترك التي اجتمعت في القاهرة على مستوى القمة بأنها إعتمدت ضمانات الطرف المحايد لإدارة إنتقال غزة من الدمار إلى حقبة الإصلاح وإعادة الإعمار.
الخطة أوكلت إدارة حقبة الإنتقال إلى لجنة “غير فصائلية” مكونة من تكنوقراطيين محايدين مهمتها كشف وفضح أي خرق من قبل إسرائيل أو محور فصائل حركة حماس، لقرار وقف إطلاق النار، على أن تكون بنوده كلها معلنة.
صيغة اللجنة غير الفصائلية هي تسوية بين اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أراد غزة “بلا ناس” لإعادة إعمارها وتحويلها إلى “ريفيرا” سياحية وبين التوجه العربي العام لتبني معادلة “غزة بلا حماس” مع المحافظة على فلسطينيي القطاع في أرضهم وتشغيلهم في حقبة إعادة بناء القطاع التي يتوقع أن تستمر خمس سنوات، على الأقل، مع تعهد بضمان التمويل العربي للخطة على أن يتولى الأردن ومصر تدريب جهاز فلسطيني لحفظ أمن غزة التي يعاد وصلها بالضفة الغربية التي كانت حماس قد سلبت منها ثغرها البحري سنة 2007.
التسوية، التي ترقى إلى مستوى نموذج يعتمد، هي وليدة ضغوط ترامب القصوى على إيران والتعهد العربي بتمويل إعادة إعمار وإستنهاض الدول التي تسببت سيطرة الولي الفقيه على مقاليدها وتعميم الفساد فيها بتدمير إقتصاداتها وتوريطها بنزاعات لا مصلحة لها فيها وهي لبنان، سوريا والعراق. أما اليمن فتتم معالجة إنفصاليي حوثييها بمزيج من الضغوط العسكرية والإقتصادية لتأمين سلامة الملاحة الدولية.
إيران تعاني من إنقسام داخلي حاد بين محافظيها ومعتدليها بدأ بسحب البرلمان الثقة بوزير الاقتصاد عبد الناصر هيماتي وإقالته لاتّهامه بالفشل في معالجة أزمة اقتصادية أدت إلى إرتفاع جنوني للأسعار.
إقالة هيماتي أدت إلى استقالة حليفه مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الخارجية محمد جواد ظريف الذي فشلت جهوده في تحقيق أي تقدم في المفاوضات مع أميركا.
ظريف حمّل فشل المفاوضات إلى رفض المرشد علي خامنئي التفاوض مع أميركا تحت الضغوط القصوى التي يعتمدها ترامب ضد الحكومة الإيرانية ما رفع حدة الصراع بين الإصلاحيين والمحافظين.
في هذا الصدد ذكرت وسائل إعلام إيرانية أنّ الإرتفاع الجنوني للأسعار ومؤشر التضخم سببه العقوبات الاقتصادية التي فرضها ترامب ما أدى إلى تصاعد نسبة الإيرانيين الواقعين تحت خط الفقر.
إضافة إلى النزاع الداخلي والصراع مع أميركا ظهرت على سطح المشهد السياسي مؤشرات صراع متدحرج بين طهران وأنقرة التي حذر وزير خارجيتها هاكان فيدان من “زعزعة إستقرار سوريا.”
وكان فيدان قد انتقد في مقابلة تلفزيونية قبل نحو أسبوع تحرك مجموعات مسلّحة مدعومة إيرانياً ضد السلطة السورية.
واعتبر أنّ “السياسة الخارجية الإيرانية المعتمدة على الفصائل المسلحة خطيرة ويجب تغييرها.”
وأضاف فيدان في ما يشبه التهديد: “إذا كنت تحاول إثارة التوتر في دولة ثالثة، تستطيع دول أخرى أن تزعجك أيضاً عن طريق دعم جماعات في بلدك”.
ردت إيران بتصريح للناطق بإسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي، الذي قال: “نثمن بشدة علاقاتنا الثنائية مع تركيا. وللأسف ما نسمعه مراراً غير بنّاء للغاية، وكان من الضروري أن تعلن إيران موقفها في هذا الصدد بشكل حاسم وواضح”.
إضافة إلى دعم تحرّك مجموعات مسلحة ضد السلطة السورية توقع علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد للشؤون الدولية، تفتت سوريا ومواصلة “حزب الله مسيرة المقاومة بقوة لأن غالبية الشعب اللبناني تدعمه وستقف مع المقاومة”.
لم يعرف ما إذا كانت الحكومة اللبنانية ستكلف وزارة الخارجية بالتصرف، حسب الأصول الدبلوماسية، حيال تصريح ولايتي الذي عين نفسه متحدثاً بإسم الشعب اللبناني كله، لا أتباع إيران فقط.
بغض النظر عن جدوى مفاخرة ولايتي بمقاومة المحور الإيراني، تستمر مسيّرات إسرائيل بالإغارة على مسؤولين وأهداف لحزب الله في عدة مناطق لبنانية على الرغم من إتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ نظرياً في 27 تشرين الثاني الماضي وإنتهت صلاحيته في 18 شباط من دون إعلان تمديده أو الكشف رسمياً عن بنوده حتى الآن.
وإستمرت إسرائيل بإحتلال خمس مرتفعات في جنوب لبنان تستطيع أن تؤمن منها ستاراً نارياً يحمي مستوطناتها الشمالية من هجمات عناصر المحور المدعوم إيرانياً.
في السياق أشار موقع “أكسيوس” الإخباري الأميركي إلى وجود “تفاهم هادئ” لم يذكر أطرافه على استمرار الإنتشار الإسرائيلي في المواقع الخمسة بجنوب لبنان “لأسابيع أو لأشهر” بانتظار “تمكن الجيش اللبناني من تأمين إستقرار الجنوب.”
ونقل الموقع عن مسؤولين أميركيين قولهما إنّ وزارة الخارجية ستعفي 95 مليون دولار من المساعدات المقررة للقوات المسلحة اللبنانية من قرار إدارة ترامب تجميد المساعدات الخارجية لمدة 90 يوماً، في ما يبدو أنه رغبة أميركية في تعزيز قدرة الجيش اللبناني على إكمال إنتشاره في جنوب لبنان وعلى الحدود الشرقية والشمالية مع سوريا ما يلغي مبررات تنفيذ غارات جوية إسرائيلية على أهداف لحزب الله.
وفي هذا الصدد، وعلى الرغم من عدم تجديد قرار وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، تضمّن البيان الختامي للقمة العربية فقرة واحدة طالبت بـ “ضرورة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بجميع بنوده والالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 1701، وإدانة الخروقات الإسرائيلية لهما، ومطالبة إسرائيل بالانسحاب الكامل من لبنان إلى الحدود المعترف بها دولياً، وبتسليم الأسرى المعتقلين في الحرب الأخيرة والعودة إلى الالتزام بمندرجات اتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل لعام 1949، والوقوف مع لبنان وأمنه واستقراره وسيادته”.
فمن سينسحب من جنوب لبنان أولاً، جيش إسرائيل أم ميليشيا حزب إيران؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() لبنان إلى أين؟ | ![]() حرب “هلال” فارس “وسلام” أبراهام | ![]() لبنان بيْن التغيير الخارجي والإدمان الداخلي |