موازنة 2025 على طريق الإقرار بمرسوم… وكنعان يحذر الحكومة من “الدعسة الناقصة”


خاص 6 آذار, 2025

بينما تصرّ الحكومة على إقرار الموازنة بمرسوم، ترتفع الأصوات المعارضة التي تحذر من التداعيات الخطيرة لهذه الخطوة على الاقتصاد اللبناني. وبين الضرورات المالية والمخاوف الإصلاحية، يبقى السؤال الأهم: هل ستمضي الحكومة في خطوتها أم ستعيد النظر في الموازنة؟


كتب أنطوان سعادة لـ”هنا لبنان”:

تتجه حكومة نواف سلام لإقرار موازنة عام 2025 بموجب مرسوم، متبنيةً بذلك موازنة حكومة نجيب ميقاتي، التي تفرض مزيدًا من الضرائب والرسوم على اللبنانيين، ما يثير جدلًا واسعًا حول تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.

مبررات الحكومة لإقرار الموازنة بمرسوم
تبرر الحكومة خطوتها هذه بأنّ حكومة ميقاتي كانت قد أحالت مشروع الموازنة إلى مجلس النواب ضمن المهلة الدستورية، إلا أنّ تعذّر انعقاد المجلس بسبب الحرب وأولوية الاستحقاق الرئاسي أدى إلى انقضاء المهلة القانونية الممنوحة له لدراسة المشروع وإقراره أو رده. ونتيجة لذلك، سيتم إقرار الموازنة كما هي، بكل ضرائبها ورسومها، من دون أن تمر حتى على لجنة المال والموازنة لإجراء أي تعديلات عليها.

كنعان: أين الإصلاح في تبنّي موازنة غير مدروسة؟
في هذا السياق، شدد النائب إبراهيم كنعان، رئيس لجنة المال والموازنة، لـ”هنا لبنان” على أن “العنوان الأساسي لأي حكومة جديدة يجب أن يكون الإصلاح والإنقاذ، فكيف يمكن لحكومة نواف سلام أن تتبنى موازنة أعدتها حكومة تصريف أعمال في شهر أيلول الماضي، أي في بداية الحرب، دون الأخذ في الاعتبار المتغيرات التي طرأت منذ ذلك الحين؟”
وأضاف كنعان أنّ هذه الموازنة لا تتضمن أي رؤية اقتصادية أو إصلاحات بنيوية، متسائلًا: “لماذا تصرّ الحكومة الجديدة على تبني مشروع موازنة كهذا، في حين أنها لا تزال في بداية العام وتمتلك الوقت الكافي لاستردادها وإعادة العمل عليها؟” وأكد أنّ “في الدول التي تحترم نفسها، تُعتبر الموازنة من أهم القوانين، ويجب على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها بإعادة النظر في إيراداتها ونفقاتها وموادها القانونية، خاصة الرسوم التي سبق أن شطبتها لجنة المال والموازنة”.

زيادات غير مسبوقة في الرسوم والضرائب
من بين البنود المجحفة التي تتضمنها الموازنة فرض رسوم إضافية تتراوح بين 225 و750 ضعفًا على المشروبات الكحولية المنتجة محليًا، مثل الويسكي والبيرة، إضافة إلى رفع رسوم تراخيص محلات بيع الكحول بمعدل 333 ضعفًا. كما تم رفع قيمة الطابع المالي من 20 ألف إلى 100 ألف ليرة، ما يزيد الأعباء على المواطنين والقطاع الخاص.

الضرائب والرسوم: عبء إضافي على المواطنين
من هنا، انتقد كنعان التوجه الحكومي لإقرار الموازنة بمرسوم، معتبرًا أنه “من غير المقبول أن يتم تمرير موازنة جديدة تتضمن إعادة فرض الضرائب والرسوم التي ألغيت في موازنة 2024″، متسائلًا: “هل يعقل أن ترتفع الرسوم مئات الأضعاف في ظل الأوضاع الحالية، وأن تعود الحكومة لاسترداد الضرائب التي حذفتها لجنة المال والموازنة في الموازنة الماضية؟ ومن ضمنها غرامة عدم تنفيذ وثيقة الوفاة حيث ارتفعت من 100 ألف إلى مليونَي ليرة!”
وأشار كنعان إلى أن “خطورة هذه الموازنة لا تقتصر فقط على الضرائب، بل تتعداها إلى إعطاء إشارات سلبية للداخل والخارج بشأن الإصلاحات، فالإصلاح الحقيقي يبدأ من بنية الموازنة، التي تشمل قطاعات أساسية مثل التربية، الدفاع، الصحة، الشؤون الاجتماعية، والقضاء”. وأضاف أن “لجنة المال والموازنة سبق أن أصدرت توصيات إصلاحية في هذا المجال، لكنها لم تُنفَّذ حتى الآن”.

الثغرات القانونية في الموازنة
أوضح كنعان أن الموازنة تحتوي على العديد من الثغرات القانونية، منها إجازة الاقتراض، متسائلًا: “على أي أساس ستستمر الدولة في الاقتراض؟ وهل يستطيع لبنان تحمل المزيد من الديون؟” كما شدد على ضرورة وضع ضوابط لنقل الاعتمادات، بحيث لا يتم ذلك بقرار منفرد من وزير المالية، بل يجب أن يخضع لمراجعة مجلس النواب وأحيانًا مجلس الوزراء.
وأشار أيضًا إلى مسألة الهبات، قائلًا: “لم يعد مقبولًا الهروب من الرقابة في تنفيذ الهبات، فقد تبخرت 4 مليارات دولار منذ التسعينيات حتى اليوم ودخلت في حسابات خاصة”، مؤكدًا أنّ هذه الثغرات، إلى جانب الضرائب الإضافية، يجب أن تُصحح.

دعوة لاسترداد الموازنة وتعديلها
وختم كنعان بالتأكيد على ضرورة التمسك بالرؤية الإصلاحية التي وعدت بها الحكومة الجديدة، محذرًا من “الدعسة الناقصة” التي قد تؤدي إلى نتائج كارثية على البلد والمواطنين. ودعا الحكومة إلى “استرداد مشروع الموازنة وإعادة عرضه على المجلس النيابي بعد تعديله،” مشددًا على أنّ لجنة المال والموازنة مستعدة للتعاون إلى أقصى حد في هذا السياق.

الحكومة: لا بديل عن إقرار الموازنة
في المقابل، أكد وزير المالية ياسين جابر، في تصريح تلفزيوني، أنه “يميل إلى تمرير الموازنة بمرسوم لتفادي استمرار الإنفاق على قاعدة الاثني عشرية، التي تعيق تقديم قطع الحساب من قبل الحكومة”. كما أشارت مصادر مقربة من الوزير إلى أنّ “إقرار الموازنة بمرسوم من شأنه أن يضع حدًا لطلبات سلفات الخزينة.

بينما تصرّ الحكومة على إقرار الموازنة بمرسوم، ترتفع الأصوات المعارضة التي تحذر من التداعيات الخطيرة لهذه الخطوة على الاقتصاد اللبناني. وبين الضرورات المالية والمخاوف الإصلاحية، يبقى السؤال الأهم: هل ستمضي الحكومة في خطوتها أم ستعيد النظر في الموازنة؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us