حرب الآخرين وليست حرب لبنان

كلّ المنطق والعقل والوقائع تشير إلى أنّ حرب الإسناد لم تكن سوى حرب الآخرين في لبنان، فحزب الله دخلها نصرة لقطاع غزّة وربط وقف النار في لبنان بوقف النار هناك، كما أنه لم يستجِب لكل الأصوات اللبنانية التي طالبت بوقف النار…
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
يضغط حزب الله وجمهور ما تبقّى من محور الممانعة من أجل دفع السلطة اللبنانية الجديدة نحو خطوات متهوّرة يستفيدون منها لجهة أنّ هكذا خطوات إنْ حصلت ستؤدي إلى تدمير ما تبقّى من شرعية ودولة ورموزها وفي مقدمها الجيش اللبناني.
يدرك حزب الله أنّ الدولة اللبنانية لا يمكن أن تتصرّف عسكريًّا تجاه الاحتلال الإسرائيلي لبعض المناطق الجنوبية فموازين القوى لا تقارَن، ويملك المسؤولون قناعةً أنّ الجيش اللبناني سيكون عرْضة للتدمير الكامل إنْ زجَّ نفسه في معركةٍ مع قوات الاحتلال، ولذلك لا تتوقف السلطة السياسية الجديدة عند التصريحات والمواقف الداعية إلى انخراط الجيش في مواجهة مع الإسرائيليين وتتجاهلها بالكامل وتفضّل الاستمرار بالجهود السياسية والديبلوماسية من أجل التوصّل إلى حلّ لهذه المشكلة التي لم تتسبّب بها الدولة بل تسبّب بها فريق كان يربط وجوده بحمل السلاح لمقاومة إسرائيل.
والسّؤال المطروح اليوم هل بعد الحرب الأخيرة ونتائجها الكارثية سيتصدّى حزب الله عسكريًّا لقوات الاحتلال؟ أم أنّه يدرك أن فتح الحرب مجددًا سيمضي على ما تبقّى؟
يحاول حزب الله أن يظهر أمام بيئته وكأنه هو الذي يحميها ويدافع عنها وأنّه لو تركت الأمور له لكان الآن يواصل القتال لإخراج الإسرائيليين ولكنّه أجبر على وقف المعركة، فوجد أنّ السبيل الوحيد للتغطية على ما أسفرت عنه الحرب من مآسٍ ودمارٍ أن يُلقي بالمسؤولية على الدولة لجهة التقاعس في الدفاع عن الأرض وإعادة الإعمار، علمًا أنّه لو سأل الدولة في 8 تشرين الأول 2023 أن تنصحه إنْ كان يدخل الحرب أم لا لكانت نصحته بعدم الإقدام على هكذا مغامرة ولكانت بيئته أيضًا أو معظمها قد أعلنت النصيحة نفسها، ولكنّ الحزب كان يصادِر قرار الدولة من جهة، ويجعل بيئته تعيش في حال من التفوق وفائض القوة وأنّ إلحاق الهزيمة بها مستحيل وأنّ القدس قاب قوسين أو أدنى من جهة ثانية.
في تداعيات الحرب الانتقادات التي تُوجَّه لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون عندما يتحدّث عن حروب الآخرين في لبنان، وكلّ المنطق والعقل والوقائع تشير إلى أنّ حرب الإسناد لم تكن سوى حرب الآخرين في لبنان، فحزب الله دخلها نصرةً لقطاع غزّة وربط وقف النار في لبنان بوقف النار هناك، كما أنّه لم يستجِب لكلّ الأصوات اللبنانية التي طالبته بوقف النار، وكان يحظى بالتأييد والدعم الإيراني في هذه الحرب واستمرارها، أليس كلّ ذلك وقائع دامغة على أن الحرب كانت حرب الآخرين في لبنان؟.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() في الاتحاد قوّة | ![]() بين الواقع والوهم | ![]() سلاح الديبلوماسية |