جنبلاط جلس على ضفّة النهر.. وانتظر مرور ابراهيم حويجة

تعايش وليد جنبلاط مع نظام الأسد، كان يعرف أنّ النظام لا يحبه، وكان النظام يعرف أنّ جنبلاط لا يحبه، وقد عبَّر الأخير عن هذا الشعور في الخطاب الذي ألقاه في وسط بيروت في الذكرى الأولى لاغتيال الرئيس رفيق الحريري.
كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:
حين قدَّم زعيم المختارة وليد جنبلاط شهادته أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، سمَّى اللواء ابراهيم حويجة بأنه هو المسؤول عن اغتيال والده كمال جنبلاط بأمرٍ من اللواء محمد الخولي. اللواء إبراهيم حويجة، كان رئيس المخابرات الجوية في سوريا ما بين 1987 و2002، وكان اليد اليمنى للخولي. وعند اغتيال جنبلاط كان نقيبًا في الاستخبارات الجوية.
السرديّة السوريّة حاولت لصق التّهمة بشقيق الرئيس حافظ الأسد، رِفعت، لكنّ الذي قاد التحقيق في لبنان، العميد عصام أبو زكي، قائد الشرطة القضائية، سابقًا، جزم بأنّه يشكّ في تورّط رِفعت الأسد في الاغتيال. كما أنّ رفعت الأسد ردَّ في أحد الوثائقيات على التهمة، فنفى مسؤوليته واتّهم ابراهيم حويجة كاشفًا أنّ هناك مئة شاهد على تلك الحادثة.
زعيم المختارة وليد جنبلاط، وفي إحدى مقابلاته التلفزيونية، وضع ملفًا ضخمًا على الطاولة أمامه، وكان الملف يحتوي محضر التّحقيق في اغتيال والده كمال جنبلاط، وحين سأله المحاوِر أن يطلعه على الملف وعلى مَن قتل والده، أجابه أنه سيضع الملف في موقدة النار.
وليد جنبلاط كان يعرف منذ اليوم الأوّل أن النظام السوري هو الذي قتل والده، لكنه كان يعرف ايضًا كيف يختار التوقيت لإعلان ذلك. حين زار سوريا، إثر اغتيال والده، والتقى الرئيس حافظ الأسد، بادره الأخير بالقول: “كم تشبه والدك”، وكانت هذه العبارة كافية ليفهم وليد جنبلاط الرّسالة ويُخرِج رأسه من “فم الأسد”.
تعايش وليد جنبلاط مع نظام الأسد، كان يعرف أنّ النظام لا يحبه، وكان النظام يعرف أنّ جنبلاط لا يحبه، وقد عبَّر الأخير عن هذا الشعور في الخطاب الذي ألقاه في وسط بيروت في الذكرى الأولى لاغتيال الرئيس رفيق الحريري.
يروي العميد عصام أبو زكي الذي أشرف على التحقيق، أنّ “التحقيق القضائي كان في عهدة المحقق العدلي القاضي حسن قواص، والذي أصرّ على متابعة التحقيق والسير به غير آبه بالمخاطر والتهديدات التي تعرض لها، من محاولة خطفه إلى إطلاق قذيفة صاروخية على منزله أدّت إلى احتراقه، لمنعه من استكمال التحقيق”. أبو زكي تعرّض شخصيًّا أيضًا لأكثر من محاولة خطف، لأنه كان يعاون القاضي قواص.
ويكشف أبو زكي أنّ “الرئيس الياس سركيس تعرّض لضغوط سياسية كبيرة، فاستدعى القاضي قواص وطلب منه التوقف عن التحقيق، كما أنّ وليد جنبلاط عاد وأسقط حقّه، ثم تقرّر بعدها إسقاط الدعاوى والملاحقات الجزائية والكفّ عن التعقبات واسترداد كل المذكرات وحفظ الرسوم والمصاريف”.
هكذا كانت تسير “العدالة” في لبنان، لكنّ هذه العدالة تختفي وتعود لتظهر مع تبدَّل الظروف، وكم من عدالة ستظهر بعد سقوط نظام الاسد؟ وكم من جثة ستعبر النهر، وسيكون هناك على ضفته مَن ينتظرها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() التعيينات واقتلاع الدولة العميقة | ![]() واشنطن تؤيّد “النقاط الخمس”: إنها “وقتٌ انتقالي” | ![]() سعد الحريري وخطاب العودة إلى لبنان.. وسوريا |