ما علاقة رتيبي تحقيق بـ “ضبضبة ملفات” دعارة واحتيال؟


خاص 12 آذار, 2025

كشفت تحقيقات قضائية عن تورّط رتيبيْن سابقيْن في تحقيقات تتعلّق بجرائم دعارة واحتيال، حيث تبيَّن تقاضيهما رشاوى من مطلوبين بغيّة تأخير تعميم بلاغات البحث والتحرّي أو “ضبْضبة” القضايا. ومن بيْن هؤلاء المطلوبين، متهمٌ بترويج المخدّرات وتشغيل زوجتَيْه في الدعارة. كما أظهرت التحقيقات اتصالاتٍ متبادلة بين أحد الرتيبيْن وأحد المطلوبين، وأقرّ الأخير بدفع ألف دولار لقاء “حلّ القضية”. من جهته، نفى المؤهّل الأوّل الاتهامات، إلّا أنّ قاضي التحقيق اعتبر أنّ أفعاله تنطبق على جناية قبول رشوة، وأحال القضية إلى محكمة الجنايات.

كتبت سمر يموت لـ”هنا لبنان”:

كشفت تحقيقات قضائية تورّط رتيبَيْ تحقيق سابقيْن في “ضَبْضَبَة” ملفّات تتعلق بجرائم دعارة واحتيال ونصْب وقبض رشاوى من المطلوبين، بغيّة تأخير تعميم بلاغات البحث والتحرّي بحقّهم أو إيجاد حلّ لقضيتهم، وأنّ من بيْن المطلوبين الذين كانوا يدفعون الرشاوى متهم بترويج المخدرات وبتشغيل زوجتَيْه في الدعارة.
القضية التي تكشّفت معطياتها في السادس من تموز 2021 بعد توافر معلومات لفرع التحقيق في “شعبة المعلومات” حول “قيام المؤهل الأوّل “ب.ف” وهو أحد رتباء مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال السابقين بتقاضي رشاوى من أشخاص مطلوبين أو متورّطين في ملفات معيّنة بغيّة حلحلتها، وعُرف من هؤلاء الأشخاص المدعو “ش.ع” أحد نزلاء “سجن رومية” مبنى المحكومين بجرم ترويج المخدّرات، وأنّ المؤهّل الأول المذكور تقاضى مبالغ ماليّة بموجب حوالات وذلك بالاشتراك مع المدّعى عليه الرقيب الأوّل “م.م” أحد رتباء مكتب مكافحة السرقات الدولية السابقين”.
وخلال التحقيقات الأوّلية من قبل فرع التحقيق في شعبة المعلومات، تبيّن أن المؤهّل الأول والذي كان رتيبًا سابقًا للتحقيق في مفرزة بيروت القضائية، كان قد نظّم كتاب معلومات يتضمّن قيام المدعو “ش.ع” بعملية نصب واحتيال ودعارة، ثمّ اتصل به لإبلاغه بالحضور الى مركز المفرزة فوعده الأخير بذلك من دون أن يفعل، طالبًا منحه مهلة أسبوعيْن إضافييْن، وبمراجعة الرّتيب السابق للمحامية العامة الاستئنافية المناوِبة في بيروت في حينِه، أشارت إليه بإعطائِه مهلة الأسبوعين التي طلبها، وبعد انقضاء المهلة دوّن المؤهل الأول ملاحظةً أن المدعو “ش.ع” لم يحضر وأنّ خطّه مقفل من دون أن يُطلِع المحامية العامّة الاستئنافية على ذلك، ليعود وينتظر حتّى تاريخ لاحق ويُدوّنَ ملاحظة أخرى أنّه استحصل على رقمٍ آخر للمدعو “ش.ع” وأنّه اتصل به وطلب منه الحضور (أي بعد قرابة شهرين من المدّة التي منحته إيّاها المحامية العامة).
وبيّنت دراسة الاتصالات للأرقام المستخدَمة من “ش.ع” والمدعى عليه “ب.ف” وجود رسائل متبادلة واتصالاتٍ بينهما لأكثر من خمسة أيام تلَت حضور طليقة “ش.ع” إلى التحقيق، كذلك أظهرت تواصلًا بين المدعى عليهما “م.م” و”ب.ف” والمدعو “ش.ع” وبيْن الأخير وإحدى المحاميات (قريبة “م.م”).
وتبيّن من التحقيقات أنّ “ش.ع” هو أحد نزلاء سجن رومية، وأنّ هناك بلاغ بحثٍ وتحرٍّ بحقّه بجرم نصب واحتيال ودعارة، بموجب كتاب معلومات، وأنّه تمّ توقيفه لاحقًا بجرم احتيال من قبل مكتب مكافحة السّرقات الدولية كما تمّ توقيفه بعدها من قبل مكتب مخدّرات الجنوب بجرم ترويج مخدّرات، وبالنسبة لكتاب المعلومات فقد وردت معلومات أنّه يقوم بتشغيل زوجتَيْه في مجال الدعارة، بالإضافة الى تنظيم أوراق مزوّرة للاحتيال على أحد المصارف بهدف تسديد قرض استحصل عليه من المصرف المذكور.
باستجواب “ش.ع”، نفى المعلومات الواردة في كتاب المعلومات، مشيرًا الى أنّه جرى تعميم بلاغ بحث وتحرّ بحقّه لعدم حضوره التحقيق وصدرت بحقّه مذكرة توقيف غيابية لاحقًا ونُفّذت بحقّه، ثمّ صدر قرار بمنع محاكمته. وأقرّ “ش.ع” بمعرفته بالمؤهّل الأوّل “ب.ف” كونه كان رتيب التحقيق، وأضاف أنّ الأخير اتصل به لإعلامه بوجوب حضوره إلى مركز المفرزة للاستماع إليه، وأنّه تواصل معه مباشرة بعد أن زوّده برقمه الخاص لإعلامه بموعد حضوره، وأنّه قام فيما بعد بالتواصل معه من أجل “ضبضبة الملف” وقال له “شو بدّك تكرم عينك”، فأجابه المؤهّل “منلاقيلها حلّ” مؤكّدًا له أنه سوف “يضبضب الملف”، وذلك لقاء مبلغ مالي عرضه عليه وقال إنّه دفع له نحو ألف دولار عبر شركة لتحويل الأموال بغية معالجة الملف، مُقِرًّا بأنّ الرتيب (السّابق) أجّل إصدار بلاغ البحث والتحرّي بحقّه لمدة شهر ثمّ عاد وعمّمه بعدما طلب منه مبلغًا إضافيًّا ولم يُعْطِهِ إياه.
أمّا المؤهل الأول المدّعى عليه فنفى علمه بـ “ش.ع”، مشيرًا الى أنّه يمكن أن يكون قد أجرى التحقيق معه في المفرزة حينها، لكنّه لا يذكر أي تفاصيل عن الملف لأنه مرّ عليه سنوات، نافيًا أن يكون قد تلقّى أي مبلغ مالي منه، وبسؤاله عن سبب عدم استدعاء “ش.ع” لمدة شهرين خلافًا لرأي المحامي العام، قال إنّه كان يريد الحصول على رقم هاتفه الثاني أو لكونه كان مكلّفًا بمهام أخرى، مشيرًا إلى أنّه يُبلغ الشخص المطلوب عادةً من هاتف المركز، لكن عندما يكون الهاتف مشغولًا بسبب استخدامه من قبل العديد من الرّتباء يقوم باستخدام هاتفه الخاص. بدوره “م.م” (المدّعى عليه الثاني) نفى معرفته بـ”ب.ف” أو بالمدعو “ش.ع” أو أن يكون هناك أي تعامل أو حوالات بينهما.
قاضي التحقيق في بيروت فريد عجيب الذي تولّى التحقيق في القضية، وأصدر قراره الظني مؤخّرًا، اعتبر فعل المدعى عليه “ب.ف” (قبول رشوة للقيام بعملٍ منافٍ لوظيفته) ينطبق على جناية المادة 352 من قانون العقوبات في حين اعتبر فعل المدّعى عليه “م.م” لجهة التدخل في الجرم، ينطبق على الجناية نفسِها معطوفة على المادة 219 عقوبات وأحال المدعى عليهما (تُرِكا بسند إقامة في حزيران 2024) إلى المحاكمة أمام محكمة الجنايات.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us