حوار مع حسَن

حسَن هو انعكاس لشريحةٍ واسعةٍ ترى في المقاومة هويتها الوحيدة، وما عداها مجرّد تفاصيل. هوية تعلو على مفهوم الدولة والوطن، وتستمدّ قدسيَّتها من عقيدةٍ ترسّخت على مدار عقود. والحوار مع حسَن يشبه الدوران في حلقةٍ مفرغة.
كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:
حسَن شاب جنوبي، يعمل في توصيل الطلبات على درّاجته النارية. لا تفارقه صورة السيّد حسن نصر الله على شاشة هاتفه، كما لا يفارقه اليقين الرّاسخ بأنّ “السيّد لم يَمُتْ”، بل هو باقٍ في القلوب والعقول. في كلّ لقاءٍ معه، تتكرّر العبارات ذاتها، وكأنّها محفوظة عن ظهر قلب: “السلاح باقٍ، وستكتشفون قريبًا أنّ السيّد كان على حق”.
في البداية، كانت علاقتي بحسَن محض تعارف سطحي، لكنّه سرعان ما فتح لي قلبه، وصرنا نتبادل الأحاديث خلال رحلاته المتكرّرة لنقلي من مكان إلى آخر. ومع مرور الوقت، عرف أنّني صحافي أنتقد حزب الله، ومنذ ذلك الحين، لم يتوقَّف عن معاتَبتي، وإنْ كان ذلك بلهجةٍ لا تخلو من الودّ المغلّف بالعنفوان.
“بدكم تسحبوا السلاح؟”، يقول حسَن وهو يضع يده على شاربِه ويتوعّد: “ما في إلّا الله وحده يسحَب السلاح!”، وعندما أجيبه بأنّ الدولة وحدها هي التي يجب أن تحتكرَ القوّة، يضحك بسخرية ويقول بازدراء: “مرحبا دولة…”
حسَن ليس مجرّد فرد، بل هو انعكاس لشريحةٍ واسعةٍ ترى في المقاومة هويتها الوحيدة، وما عداها مجرّد تفاصيل. هوية تعلو على مفهوم الدولة والوطن، وتستمدّ قدسيَّتها من عقيدةٍ ترسّخت على مدار عقود. هو يفتخر بأنّه من “أشرف الناس”، وبأنّ حزبَه حمى لبنان من الاحتلال والإرهاب، حتى وإنْ كان ذلك “غصبًا عن الآخرين”.
الحوار مع حسَن يشبه الدوران في حلقةٍ مفرغة. لا مجال لإقناعِه، لأنه ينطلق من مسلّمات لا تقبل الجدل. وحين تنظر إلى ما يمثّله حسَن، تُدرك أنّ قصته ليْسَت إلّا جزءًا من قصّة وطن لم يستطع أن يستقرّ منذ تأسيسه، وطن تتجاذبه الهويات، وتتصارع فيه الوَلاءات، حتى بات السّؤال مؤرقًا: هل فات الأوان؟.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() قمة “الخرطوم 2”: لا كبرى للترانسفير | ![]() صفعة على وجه إيران في قصر بعبدا | ![]() “بروفة” طريق المطار الفاشلة: “الحزب” مرتبك ولن يعوّض ارتباكه تشييع نصر الله وتقديس المناسبة |