“مفاوضات غير مباشرة” مع إسرائيل.. ولبنان يتمسك بالسيادة!

الدولة مسؤولة عن حماية البلد وحصْر السلاح بيدها إذ إن كلّ الاتفاقات السابقة كاتفاق الطائف والقرارات الدولية وأبرزها القرار 1701 تنصّ على عدم وجود ميليشيات مسلّحة ومجموعات تحتفظ بالسلاح تحت مسمّى مقاومة.
كتبت شهير إدريس لـ”هنا لبنان”:
خرَق تصريح وزير الإعلام بول مرقص، بعد جلسة مجلس الوزراء في بعبدا، الصّمت الرسمي حيال مسألة التطبيع مع العدو الإسرائيلي عبْر التأكيد أن لا صحة لهذا الكلام وأن لا موقف للحكومة في هذا الاتجاه ولم يحصل أي نقاش بهذا الشأن في الجلسة، مشيرًا الى أنّ التفاوض الذي جرى لتحرير الأسرى اللبنانيين تمّ بشكل غير مباشِر.
وبحسب مصادر حكومية لموقع “هنا لبنان”، فإنّ “لبنان لم يتلقَّ أي طلب أميركي أو أوروبي لإجراء مفاوضات غيْر مباشرة مع إسرائيل”، مؤكّدة أن “لبنان يتمسَّك بتطبيق القرارات الدولية وأهمّها القرار 1701 إضافةً الى اتفاق وقف الأعمال العدائية”. وشدّدت على أنّ لبنان يرفض محاولات إسرائيل مقايَضة ترسيم الحدود البرّية والانسحاب من لبنان باتفاقٍ للتطبيع بين البلديْن.
ويأتي ذلك بُعيْد إشاعة الإعلام الإسرائيلي أنّ المحادثات مع لبنان هي جزء من خطة واسعة وشاملة، وأنّ سياسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد غيّرت بالفعل الشرق الأوسط، وإسرائيل تريد أن تواصل هذا الزّخم للوصول إلى التطبيع مع لبنان. وكما أنّ للبنان مطالبات بشأن الحدود، فإنّ لدينا أيضًا مطالبات بشأن الحدود، وسوف نناقش الأمور.
هذه التصريحات تزامَنت أيضًا مع مواقف مِصرية تحدثت عن أنّ مبادرة ترامب لإحلال السلام في الشرق الأوسط يمكن أن تمثِّل إطارًا عمليًّا للبناء عليه بما يراعي تطلّعات الشعب الفلسطيني المشروعة.
الموقف الرّسمي اللبناني يتمّ اتخاذه عبر العمل الديبلوماسي ومن خلال لجنة متابعة اتفاق وقف إطلاق النار، ويؤكّد مؤسِّس “المركز اللبناني للمعلومات” في واشنطن الدكتور جوزيف جبيلي لموقع “هنا لبنان” أنّ “صمت الدولة اللبنانية حيال هذا الأمر يأتي بسبب عدم الحديث عن التطبيع مع الدولة من أي جهة، مشيرًا الى أنّ مسألة التطبيع بين لبنان وإسرائيل أمر مستبعد في ظلّ الواقع الفلسطيني والتحفّظ الحاصل لدى المجموعة العربية الرافضة للتطبيع لا سيما بعد حرب غزّة”.
وأضاف أنّ هناك واقعًا لدى المسؤولين الأميركيين في إدارة الرئيس دونالد ترامب وقبله في إدارة الرئيس جو بايدن بتوسيع قضية التطبيع مع الدول العربية عبر استراتيجية أميركية مستمرّة يأملون أن تصل إلى نتيجة، إلّا أنّ من كانوا مستعدين للتطبيع لا سيما السعودية قد غيّروا المسار بعد حرب غزّة وبعد الموقف الإسرائيلي المتصلّب وبات مبدأ حلّ الدولتيْن هو الأبرز.
وكشف جبيلي أن الاجتماعات التي تحصل في واشنطن مع فريق عمل “المركز اللبناني للمعلومات” يتمّ خلالها طرح فكرة التطبيع بشكلٍ عام ولا يتم العمل عليها حاليًّا، إذ إنّ الرئيس ترامب يطمح إلى اتفاقيات سلام في المنطقة قبل ذلك.
وبرأي الدكتور جبيلي، هناك مسألتان أساسيّتان يجب إيجاد حلّ لهما قبل الحديث عن مسألة التطبيع وهما: الاحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس والسلاح غير الشرعي في الجنوب، لأنّ ذلك ينتقص من السيادة اللبنانية إضافة إلى الخروقات الإسرائيلية المتكرّرة عبر الطيران الحربي والمسيّر، وهذه القضايا لم تعالَج وِفق اتفاق وقف الأعمال العدائية. ثم تأتي إشكالية ترسيم الحدود البرية إذ في العام 2018 جرى التوصّل الى حلّ لسبع نقاط وبقيت ست نقاط يجب العمل عليها وكذلك قضية بلدة الغجر، ومزارع شبعا التي تحتاج الى حلّ مع سوريا. وأشار جبيلي الى أن تركيز الدولة لا سيما العهد الجديد سينصبّ على إيجاد حلول لهذه المسائل العالقة بعد الكلام المُلفت والمهم للمبعوثة الأميركية الى لبنان مورغان أورتاغوس حول مجموعات العمل الديبلوماسية والأسرى والحدود البرية والانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس.
واعتبر أنه في حال وصلت المفاوضات الى استعادة لبنان لسيادته كاملة فإنّ ذلك من الأمور الجيدة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وهو من أولويات الدولة اللبنانية والفريق السيادي. كما يرى أنّ الدولة مسؤولة عن حماية البلد وحصْر السلاح بيدها إذ إن كلّ الاتفاقات السابقة كاتفاق الطائف والقرارات الدولية وأبرزها القرار 1701 تنصّ على عدم وجود ميليشيات مسلّحة ومجموعات تحتفظ بالسلاح تحت مسمّى مقاومة. لذلك يجب النظر الى مصلحة لبنان أولًا والتطبيع يحتاج الى قبول عربي لهذا المبدأ بشكل عام ولا سيما من قبل المملكة العربية السعودية وكذلك من قبل سوريا.
هذه الأولويات التي ستركّز عليها الدولة اللبنانية والتي ستجذب الثقة مجدّدًا الى لبنان تترافق مع جهود دولية سياسية عبر اللجنة الخماسية المؤلفة من السفراء وعسكريًّا عبر اللجنة الخماسية التي تعقد اجتماعاتها في الناقورة بإشراف أميركي، وهذه الجهود من شأنِها في حال نجحت أن ترسم ملامح المرحلة المقبلة من مستقبل لبنان والتي ستنعكس إيجابًا في حال تمّ تنفيذ الإصلاحات من جهة والقرارات الدولية من جهة أخرى والتي ستتواكب مع التغييرات في المنطقة ككلّ.