تراجع معدلات التطعيم… أطفال لبنان بخطر؟!

لبنان يعاني من ظاهرة “التلقيح المتقطّع” حيث يلتزم الاهالي بتلقيح اطفالهم بعض اللقاحات التي تتناسب مع ميزانياتهم ويغضّون النظر عن أخرى تكون ذات سعر مرتفع.
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
على الرَّغم من الأهمية الكبيرة للتطعيم، لا تزال مستويات التحصين في لبنان تُسجّل تراجعًا، حيث انخفضت نسبة الاقبال على اللقاحات الروتينية بشكل لافت خلال السنوات الماضية، بحسب مصدر طبي متابع.
هؤلاء الأطفال الذين يفوّتون اللقاحات المنقذة للحياة سنويًا قد يصبحون عرضةً لتفشّي الأمراض المميتة.
وبحسب خبراء فإن واحدًا من بين ثلاثة أطفال فاته لقاح واحد على الأقل، فلماذا هذا التراجع بنسب التطعيم وهل بات أطفال لبنان مهدّدين صحيًّا؟
مصدر طبي يقول لـ “هنا لبنان”: “بعد الازمة المالية التي ضربت لبنان ودَوْلَرَتْ الاسعار بات ثمن اللقاحات مرتفعًا بالنسبة للكثير من الاهالي الذين يزورون العيادات الخاصة حيث تخطّى سعر بعضها الـ 7 ملايين ليرة لبنانية وهي أسعار قد تفوق قدرة المواطن، في حين أن وزارة الصحة لا تغطي إلّا لقاحات محدّدة تحصل عليها من منظمة اليونيسيف مثل الثلاثي (الخناق والكزاز والسعال الديكي) والخماسي (الخناق والكزاز والسعال الديكي والمستدمية النزلية وشلل الأطفال) ولقاح التهاب الكبد B والحصبة الالمانية (أبو كعب) إلّا أن هذه اللقاحات المؤمّنة في مراكز الرعاية الصحية عادةً ما تكون نسب الاعراض الجانبية الناتجة عنها مرتفعة أكثر من تلك التي يحصل عليها الطفل في العيادات الخاصّة. أمّا باقي اللقاحات فتكون على عاتق الأهل ما قد يدفع بعضهم للاستغناء عنها وتأخير تحصين الاطفال، وهذا الامر قد يؤدي الى انفجار وبائي لذا لا بد من تكثيف حملات التوعية وحثّ الاهالي على ضرورة تلقيح أطفالهم”.
ويتابع: “انخفاض التحصين قد يزيد من مخاطر انتشار الأمراض المعدية، التي تؤدي إلى الدخول للمستشفى، وبالتالي زيادة في معدلات الوفيات في حال أصيب الطفل بالحصبة وعدوى الدفتيريا أي الخناق، والالتهاب الرئوي”.
كما يشير المصدر الطبي إلى أن لبنان يعاني من ظاهرة “التلقيح المتقطّع” حيث يلتزم الاهالي بتلقيح اطفالهم بعض اللقاحات التي تتناسب مع ميزانياتهم ويغضّون النظر عن أخرى تكون ذات سعر مرتفع”.
من جهته، يقول رئيس اللجنة الوطنية للتحصين الدكتور برنارد جرباقة لـ “هنا لبنان”: “لقد تراجعت نسبة تلقيح الأطفال في لبنان في السنوات الماضية لأسباب عديدة، لكنها استقرّت وبدأت الارتفاع مع الجهود المبذولة من قِبل أطباء الأطفال والبرنامج الوطني للتحصين في وزارة الصحة”.
ويضيف: “التطعيم طريقة فعالة، ضرورية وآمنة، من أجل حماية الأطفال من الأمراض الجرثومية، وقبل التعرّض لها. وهناك العديد من اللقاحات المتوفرة على كلّ مساحة لبنان، مثل الشلل، الكزاز، الخانوق، الشاهوق، الصفيرة ب، المولع بالدم هيموفيلوس، الرئوي، الروتا، الحصبة، الحصبة الألمانية، ابو كعب، وهذه اللقاحات الإلزامية موجودة في مراكز الرعاية الصحية ولدى أطباء الأطفال، أسوة بباقي اللقاحات الضرورية، مثل: السحايا، جدري الماء، الصفيرة أ، الانفلونزا وغيرها”.
ويشرح د. جرباقة عن ضرورة وأهمية التطعيم قائلًا: “التلقيح يستخدم وسائل الدفاع الطبيعية للجسم لبناء القدرة على مقاومة الأمراض الجرثومية وتقوية جهاز المناعة، إذْ تعمل اللقاحات عن طريق تحفيز جهاز المناعة على تطوير استجابة دفاعية ضد مسبّبات الأمراض الجرثومية المحددة، وذلك ليقوم جهاز المناعة بإنشاء أجسام مضادّة للجراثيم وذاكرة مناعية. فإذا دخل الفيروس أو الجرثومة إلى الجسم في المستقبل، سيكون جهاز المناعة مدركًا لكيفية مكافحة هذا الفيروس أو الجرثومة بسرعة”.
ويوضح أنّ “التطعيم يمثّل ثاني أفضل عمل صحي ينقذ حياة الأطفال من بعد ماء الشرب ويساهم بشكل كبير في تفادي الأمراض المعدية وأعبائها، كما وينشر شبكة حماية مجتمعية ويقلّل من حالات الوفيات لدى الأطفال، مشيرًا إلى أنّ اللقاحات أكثر أمانًا وجدوى من الأدوية العلاجية”.
كما يعطي مثالًا عن لبنان، الذي بات خاليًا من مرض الشلل الوبائي منذ عشرين عامًا على التوالي، وهذا الإنجاز ما كان ليتحقق لولا الوصول إلى نسب تحصين عالية في كافة المناطق اللبنانية.
ويختم د. جرباقة حديثه: “لقِّحوا أطفالكم، لا ينفع الندم”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() المطاعم اللبنانية: ملاذٌ للأمل والفرح رغم التوتّرات الأمنية | ![]() تجّار الضاحية يشدّون رحالهم: توتّر وقلق من عودة الحرب | ![]() فوضى انتشار الصيدليات في لبنان: بين عشوائية التراخيص وارتفاع أعداد الخريجين |