ملف الغاز والنّفط الى الواجهة وتمديد مهلة تقديم العروض لجولة التراخيص الثالثة التي تنتهي الإثنين

على لبنان الإسْراع في اتخاذ القرارات المناسِبة في ملف الغاز والنّفط، لأنّ إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تمتلك غازًا إضافيًّا لتغذية السوق وتسعى لتكون مركز الطاقة وتصدير الغاز في شرق المتوسط.
كتبت شهير إدريس لـ”هنا لبنان”:
بعد اكتمال مفاصل الدولة اللبنانية مع انتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون وتشكيل الحكومة برئاسة نوّاف سلام، وبدء العمل على التعيينات في المؤسّسات، وورشة الإصلاحات التي بدأت في بعض الدوائر الرسمية، إضافة الى الاستقرار الأمني عقب اتفاق وقف الأعمال العدائية جنوب لبنان، يعود ملف الغاز والنفط الى واجهة الاهتمامات مجدّدًا مع انتهاء مهلة تقديم العروض لجولة التراخيص الثالثة حول البلوكات اللبنانية ما عدا البلوك الرقم 9 والذي أعلنت شركة “توتال” الفرنسية في التاسع من أيلول 2023 عدم العثور على غاز فيه بعد عملية الاستكشاف التي قامت بها.
إلّا أن زيارة وزير الطاقة جو صدّي الى فرنسا الأسبوع الماضي وهي أول رحلة عمل له كان هدفها محاولة إعادة فتح ملف التنقيب عن النفط والغاز وإقناع “الكونسورتيوم” المكوّن من شركات “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية و”قطر للطاقة” من أجل القيام بمحاولات جديدة عبر مرحلة استكشاف ثانية والعمل على المساحة الموجودة في ظل حالة الاستقرار وعزم الحكومة على جذب الاستثمارات مجدّدًا، إضافة الى الاحتضان العربي والدولي للبنان، كما أنّ مهمة وزير الطاقة أيضًا إقناع “الكونسورتيوم” بإعادة النّظر في موقفه الرافض للبحث في الطلب المقدّم حيال رخصة الاستكشاف والانتاج في البْلُوكَيْن 8 و10 .
وقد عرض الوزير صدّي خلال لقاءاته في باريس جملة قضايا حساسة إذ عقد اجتماع عمل مع رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة “توتال للطاقات” باتريك بويانّي وجرى البحث في التنقيب عن الغاز في لبنان. كما التقى رئيسة مجلس الإدارة والمديرة التنفيذية للطاقة المتجددة في كهرباء فرنسا “EDF” والمديرة المسؤولة عن الإدارة الدولية فيها بياتريس بوفون وتناول البحث قطاع الكهرباء وكيفية استفادة لبنان من الخبرات والقدرات الفرنسية.
كلّ ذلك يتزامن مع اعلان نتائج جولة التراخيص الثالثة في لبنان والمتوقعة اليوم الإثنين، إلّا أنّ وزير الطاقة يتكتّم عن كلّ شيء يتعلّق بهذا الملف نظرًا لحساسيته. وتوقّعت مصادر متابعة لهذه القضية لموقع “هنا لبنان” أن يتمّ تأجيل الإعلان عن النتائج لمدة أسبوعيْن على الأقل، فيما يتمّ التشاور بين الوزير صدّي ورئيسيْ الجمهورية والحكومة من أجل إيجاد حلول للمسائل العالقة بعد اطّلاعهما على نتائج زيارته إلى فرنسا وفي ظلّ الحديث عن عدم تقدّم أي شركة بطلب المشاركة في دورات التراخيص الممدّدة تكرارًا.
وفيما يتعلق بالكهرباء والاهتمام الفرنسي بلبنان، سارعت فرنسا الى إيفاد نائب الرئيس التنفيذي لشركة “توتال” في الشرق الأوسط وشمال شرق آسيا إيان لوبوتي الى لبنان والذي زار مقرّ شركة كهرباء زحلة والتقى مديرها العام أسعد نكد وجرى عرض لبرامج الشركة ومشاريع في مجال الطاقة والطاقة المتجدّدة بهدف تنويع مصادرها.
وبالعودة الى موضوع الغاز، يبقى السؤال الأهم متى سيتم استئناف التنقيب في المياه اللبنانية واستكشاف الكميات؟
الخبيرة في مجال حوْكمة النفط والغاز والطاقة لوري هايتايان أكدت لموقع “هنا لبنان” على أهمية إعادة العمل في ملف التنقيب عن النفط والغاز لا سيما مع عودة دورة الحياة السياسية والاقتصادية وانتظام عمل المؤسسات لا سيما أنّ رئيس الحكومة نوّاف سلام وفي البيان الوزاري قد أكد السعي لإنعاش هذا الملف، مشيرة إلى ضرورة إصدار بيان رسمي من قبل وزارة الطّاقة حول قضية جولة التراخيص الثالثة والتي من شأنها في حال حصلت جذب استثمارات وشركات عالمية.
وذكرت هايتايان أن البلوك الرقم 9 وبحسب الاتفاق مع “كونسورتيوم الشركات” ينصّ على مهلة 3 سنوات للاستكشاف الأول، وبعدها يتمّ اتخاذ القرار بمرحلة استكشاف ثانية للعمل على المساحة الموجودة في العقد خصوصًا أنّهم وقعوا على اتفاق عام 2023 وبعد تمديد المهل بسبب وباء كورونا والأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان، للبدء في شهر أيار من العام 2025 وعليهم استكمال هذا الاستحقاق، وأملت أن يكون وزير الطاقة قد توصل الى حلول مع شركة “توتال” خلال زيارته الى فرنسا.
وشددت هايتايان على ضرورة العمل بشكل سريع من أجل إيجاد بيئة استثمارية تساعد على تطوير قطاع الطاقة وتعطي الثقة للشركات للتنقيب في البلوكات اللبنانية. وألقت الضوء على تطوّرات تحصل في المنطقة في مجال الغاز والنفط، مشيرة الى أنّ قبرص توصلت بعد سنوات من التفاوض أي منذ العام 2011 الى عقد اتفاق مع شركة “شيفرون” للعمل في بلوك “أفروديت” وفي حال بدأ العمل يتمّ مدّ أنابيب الغاز الى مِصر التي تعمل على تسييله وتصدّره الى أوروبا لتغذيتها بالغاز المسال وهذا الأمر يعتبر تطورًا هامًّا في البحر المتوسط.
من جهة أخرى، فإن شركة “سوكار” و”نيو ميد” الأذرية وشركة “بي.بي” البريطانية وقد تدخل كذلك “إيني” الإيطالية للتوقيع مع إسرائيل على البلوكات الموجودة على حدود مصر وكذلك حدود لبنان حيث يقع البلوك الرقم 8. وحذرت الخبيرة هايتايان من أنّ إسرائيل أعلنت عن انتهاء جولة التراخيص الرابعة وتعتبر الدولة الوحيدة التي تمتلك غازًا إضافيًّا لتغذية السوق المصرية والأردنية وتريد أن تكون مركز الطاقة وتصدير الغاز في شرق المتوسط بعد تحالف أكبر ثلاث شركات في مجال التنقيب عن الغاز.
إذن على لبنان الإسْراع في اتخاذ القرارات المناسبة من أجل ضخّ الحياة مجدّدًا في هذا الملف الحيوي وأن يكون هناك ارادة سياسية جامعة، كما حصل خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، وبدء الاستكشاف في البلوك الرقم 9 إضافة الى متابعة التطورات الحاصلة في الدول المجاورة للحفاظ على حقوقنا وتبادل الداتا في حال حصول مسوحات جديدة في المكامن المشتركة.