عن موقع “درج” المنبوذ لبنانيًّا وعربيًّا!

لا بدّ من التوقف عند غياب المنصتيْن عن الإضاءة على مواطن الفساد، فالطبقة السياسيّة التي أهدرت المليارات على الدّعم الذي ذهب إلى سوريا لا تعدّ خصمًا لمدّعي التغيير، ومن هَدَرَ المال العام ليس متهمًا أيضًا، فالخطّة تتمحور حول المصارف واستهدافها.
كتبت إليونور اسطفان لـ”هنا لبنان”:
ما إن عصفت الأزمة الإقتصادية في لبنان وبعض الدول العربية حتى أطلق رجل الأعمال الأميركي جورج سوروس عدّة منصات من بينها موقعا “درج” و”ميغافون”. والهدف واحد، استهداف الإقتصاد اللبناني إعلاميًّا، والترويج لمصرفيّين جدد كي يتمكّنوا من إنشاء 5 مصارف جديدة تحت سيْطرته بتخطيط وتنفيذ مستشاري “الألعوبة” حسان دياب وعلى رأسهم جهبذ الإقتصاد العضو المؤسِّس في الجمعية الزراعية الإنمائية “كلنا إرادة”.
في العام 2019، ومع انطلاق الثورة، بدأت المعركة، فاجتمع يساريّو الهوى من حازم الأمين (رئيس تحرير موقع “درج”) إلى زوجته ديانا مقلد وجان قصير (أحد مؤسِّسي “ميغافون”) على “الفريش دولار”.
التمويل كان مؤمَّنًا، من مؤسسة “Open Society Foundation” أي “المجتمع المنفتح” التي يملكها سوروس، أمّا القضية فهي جاهزة، وتُخْتَصَرُ بـ”ضرب الإقتصاد اللبناني”.
هذا لبنانيًّا، أمّا عربيًّا فلم تسْلَم بعض الدّول من أذرع “أخطبوط” المال. فأيّ دولة لم تتجاوب وطموحه بالسيطرة على اقتصادها، تُشَنُّ على المسؤولين فيها الحملات الافتراضية والمقالات والتحقيقات.
غيْر أنّ الدول العربية اكتشفت لعبة سوروس باكرًا، فتمّ حظر موقع “درج” في الإمارات والسعودية ومِصر إلى جانب العديد من الدول العربية. والرسالة إلى سوروس من الدول العربية كانت واضحة، لن نسمح لك عبر أذرعك “درج” و”ميغافون” المسّ باقتصادنا.
والسّؤال هنا: لماذا استمرت أذرع سوروس في لبنان؟
بدايةً، ناسب هذا الواقع “حزب الله”، الذي حاول عبر إعلامه وبالتنسيق غيْر المباشر مع منصات “سوروس” إقناع المجتمع اللبناني بأنّ المصارف هي التي تصرّفت بأموال المودعين، غير أن تأثير أذرع الأخطبوط كان صِفْرًا، فعددُ قرّاء مقالات المنصتيْن لا يتجاوز الـ500 شخص، ومن يتصفّح حساباتهما على مواقع التواصل الاجتماعي يلحَظُ ذلك بسهولة.
فمثلًا من يدخل إلى صفحة “درج” على “فيسبوك” يكتشف التفاعل المعدوم مع المنشورات، وهذا يدلّ على أنّ رسالة روّاد مواقع التواصل واضحة، وهي عدم القبول والانسياق وراء منصّات تدمّر الاقتصاد.
ولو يدرك سوروس تأثير هذه المنصات لسَحَبَ التمويل سريعًا.
المنصَّتان وبعد 4 سنوات من الادّعاء بالتحدّث “باسم الناس” انتهى بهما المطاف “جنودًا” في اتحاد المتموّلين من سوروس علّهم يستمرون.
فمن يدخل موقع “إكس” ويتابع أصحاب المؤسّسات المدعومة من سوروس كـ”المفكرة القانونية، والصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق)، وكلنا إرادة، ودرج ميديا، وجمعية حلم (حلم) لحقوق المثليّين في لبنان، وجمعيات CARE (التعاونية للمساعدة والإغاثة في كل مكان)، وBasmeh & Zeitooneh لحقوق اللاجئين، والإعلام المصدر العام، و”ميغافون”، يكتشف سريعًا ومن دون بحثٍ عميق كيف يدعمون بعضهم بعضًا بالريتويتات واللايكات والتفاعل، لعلّ التأثير يتضخّم ويستمرّ التمويل.
ولا بدّ من التوقف عند غياب المنصتيْن عن الإضاءة على مواطن الفساد، فمن يبحث مثلًا في موقعيْ “درج” و”ميغافون” عن اسم جبران باسيل الذي هَدَرَ أكثر من 50 مليار دولار على الكهرباء في لبنان، يكتشف أن آخر مقال كُتب عنه كان عام 2023.
فالطبقة السياسيّة التي أهدرت المليارات على الدّعم الذي ذهب إلى سوريا لا تعدّ خصمًا لمدّعي التغيير، ومن هَدَرَ المال العام ليس متهمًا أيضًا، لأنّ سوروس ببساطة لا يهتم بذلك، فالخطّة تتمحور حول المصارف واستهدافها وتكرار عبارة “الحقّ عليها”.
ووِفق ما ينقل أحد العارفين بخفايا المنصتيْن، أنّه وفي أحد الإجتماعات بين المسؤولين عن التمويل في مؤسسة “المجتمع المنفتح” وموقعيْ “درج” و”ميغافون”، قيل لهما على سبيل المزاح، إن اقتضى الأمر “هاجِموا سوروس”، ليأتيَ الردّ من أحدهم ضاحكًا: “نحن نهاجم جميع السياسيين. حتّى “المعلم” نهاجمُه إن أردنا وإن سَمَحَ لنا طبعاً”، متابعًا: “هكذا يقتنع القارئ بأنّنا لسنا مع أي طرف، فلكلّ سياسي مقال. أمّا للمصارف فألف مقال”.
إذًا الخط السياسي والاقتصادي لأذرع سوروس بات بوضوح الشمس، ومن يعارض آراء المموّلين، يصبح في لحظة في مرمى المواقع وحسابات بعض الناشطين ومدعّي الثقافة والتأثير، والتي هي دائمًا جاهزة لشنّ الحملات طمعًا بالحصول على مكاسب سياسية واقتصادية ومالية كالتي حصل عليها جورج سوروس بنجاح في عددٍ من الدول.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() فرنسا تلملم خيباتها… وتبحث عن دورٍ جديد عبر “أزعور”! | ![]() “كلنا إرادة” ترْجُم “البساط”… و”لعيون الكنّة” نواف سلام يصوّب على “الحاكميّة”! | ![]() “أزمة” المعارضة الشيعيّة… وحلم “الكرسي”! |