الثغرة القاتلة


خاص 19 آذار, 2025

إن ما يقوم به الحزب اليوم على الحدود اللبنانية – السورية ليس سوى مغامرة جديدة تعرّض لبنان لخطر متزايد..


كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

لطالما كانت الحدود اللبنانية – السورية محورًا للأزمات، لكنّ ما يجري اليوم يتعدّى مجرّد الاختراقات التقليدية. فقد خلق حزب الله ثغرةً قاتلةً على هذه الحدود، مستغلًا الفوضى الأمنية ليؤسِّس غرفة عمليات تحت غطاء “العشائر”، وهي منه براء. الهدف الحقيقي ليس سوى استمرار تهريب السلاح، والأموال، والممنوعات عبْر الداخل السوري، وإشغال بيئته بحربٍ مفتعلة تحت ذريعة محاربة “التكفيريين”. في الواقع، هذه المغامرة ليست سوى انعكاس لانهيار مشروعِه الإقليمي بعد سقوط الأسد وتحوّله إلى عبءٍ أمني خطير على لبنان.
بينما تسعى سوريا لترسيم وضبط حدودها حمايةً لمصالحها الاستراتيجية، تبقى الحدود اللبنانية سائبة في ظلّ سيطرة حزب الله على أجزاء واسعة منها، بعيدًا عن سلطة الجيش اللبناني. لا تقتصر هذه الفوضى على التهريب وحسب، بل تشمل تحويل المنطقة إلى ممرّ استراتيجي لخدمة أجندة إيران في المنطقة، متجاوزًا حتّى المصالح السورية نفسها. فدمشق التي كانت تعتبر لبنان ساحة خلفية، تجد نفسها اليوم مجبرة على التكيّف مع واقع جديد حيث القرار العسكري والأمني بيد حزب الله.
لم يستطع حزب الله بعد هضْم المتغيّرات الإقليمية، خصوصًا سقوط الأسد عن دوره كحاكم مطلق لسوريا. فبعدما كان شريكًا في التخطيط لانقلاب الساحل، وجد نفسه أمام مشهد سياسي جديد يفرض عليه التراجع أو البحث عن بدائل أكثر خطورة. لهذا، جاءت مغامرته الحالية عبر الحدود اللبنانية – السورية كمحاولة لاستعادة نفوذه، لكن على حساب استقرار لبنان.
تشكّل هذه الثغرة القاتلة خطرًا وجوديًّا على لبنان، فهي لا تؤدّي فقط إلى استنزاف موارده الأمنية، بل تضعه في مواجهة سيناريوهات كارثية تشمل استهدافه دوليًا، وتحويل مناطقه الحدودية إلى ساحة صراع مستمر. وبينما تسعى الدولة اللبنانية إلى استعادة سيادتها، يجد الجيش اللبناني نفسه عاجزًا عن بسط نفوذه بالكامل على هذه المناطق بسبب نفوذ حزب الله.
إنّ ما يقوم به حزب الله اليوم على الحدود اللبنانية – السورية ليس سوى مغامرة جديدة تعرّض لبنان لخطرٍ أكبر. وبينما تتّجه سوريا لضبط حدودها، يبقى لبنان رهينة مشروعٍ عابرٍ للحدود يهدّد كيانه واستقراره. فإمّا أن تتحرك الدولة لوضع حدّ لهذه الفوضى، أو يبقى لبنان في دائرة الانهيار الأمني والسياسي، رهينةً لمعادلات إقليمية لا مصلحة له بها.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us