غزّة بلا حماس “ليبقى الناس”

هل بدأ نتنياهو تطبيق مضمون شعار “غزّة بلا حماس” التي لم تصل لمعدّي التسوية اعتراضات عليه من الدول العربية؟ كما لم تصل أي اعتراضات عربية على عدم ضمّ حماس إلى السّلطة الوطنية الفلسطينية.
كتب محمد سلام لـ”هنا لبنان”:
لم يرفض العرب فكرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحويل غزّة إلى منتجعٍ سياحي، بل رفضوا فقط الشقّ المتعلّق بإخلائها من سكانها ونقلهم إلى دول أخرى، لذلك يجري البحث خلف أبوابٍ مغلقة في إمكانيّة التفاوض مع السلطة الوطنية الفلسطينية على صيغة إعادة إعمار معدّلة لا تتناقض مع مقرّرات قمّة القاهرة وتؤمّن للقطاع مستقبلًا اقتصاديًا مزدهرًا وِفق معادلة “غزّة بلا حماس” بدلًا من “غزّة بلا ناس”.
التسوية قيْد البحث، التي يشارك في إعداد خطتها وخرائطها أخصّائيون من دول عربية وأجنبية، حافظت على جوهر “ريفييرا الشرق الأوسط” كما اقترحها ترامب بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض أوائل شباط الماضي، مضافًا إليها “بلدة عائلات عمّال بناء المنتجع” الذين يجب أن يكونوا في غالبيتهم من سكان غزّة على أن يتولّوا بعد إكمال الإعمار مهامّ تأمين صيانة منشآت وآلات المنتجع مع وعدٍ بتوظيف شبّانهم وشابّاتهم في قطاعيْ الخدمات الفندقية والسياحية التي يتدرّبون عليها في معاهد “دول الجوار” خلال فترة الإعمار المتوقّع أن تستمر خمس سنوات…
وكانت القمّة العربية الطارئة التي انعقدت في القاهرة أوائل شهر آذار الجاري أعلنت في بيانها الختامي أنّها “اعتمدت الخطة المقدّمة من مِصر، بالتنسيق الكامل مع فلسطين والدول العربية، واستنادًا إلى الدراسات التي أجريت من قبل البنك الدولي والصندوق الإنمائي للأمم المتحدة بشأن التعافي المبكّر وإعادة إعمار غزّة”.
وشدّد البيان على أنّ “الأولوية القصوى هي لاستكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بمرحلتيْه الثانية والثالثة، والتزام كل طرف بتعهداته، خصوصًا الطرف الإسرائيلي، بما يؤدّي إلى وقفٍ دائمٍ للعدوان على غزّة، وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من القطاع، بما في ذلك من محور فيلادلفيا”.
لكن العالم فوجئ قبل يوميْن بانهيار وقف إطلاق النار وتجدّد القصف الإسرائيلي العنيف على غزّة ما أسفر عن مقتل رئيس العمل الحكومي (بمثابة رئيس حكومة حماس) عصام الدعاليس، إضافة إلى وكيل وزارة الداخلية محمود أبو وطفة، ومدير جهاز الأمن الداخلي العميد بهجت حسن أبو سلطان وعضو المكتب السياسي رئيس لجنة الطوارئ أبو عبيدة الجماصي.
في هذا السياق، يُذْكَرُ أنّه لم ترفضْ أيّ دولة عربية “ريفييرا الشرق الأوسط” بفنادقها ومسابحها ونواديها وكازينواتها وملاهيها ومصارفها وأسواقها وخريطتها التي أضيف إليها ميدان لسباق الخيل”، ما يحوّل القطاع البالغة مساحته 365 كيلومترًا مربعًا إلى منتجع راقٍ مزوّدٍ بمهابط للمروحيات على سطوح الفنادق يؤتمل أن يُمْنَحَ تسهيلات مالية ما يحوّله إلى ما يشبه “لاس فيغاس العرب” ويدرجه على خريطة السياحة العالميّة في حوض البحر الأبيض المتوسط، ما يوحي بمستقبلٍ واعدٍ للقطاع الذي عانى أهله من الجبروت الإسرائيلي والرّعونة الحمساويّة التي رفعت عدد أيتام الحرب في القطاع إلى ما يزيد عن 40 ألف طفل وعدد الأرامل إلى قرابة 15 ألف سيدة.
وِفقًا لتقديرات وزارة الصحة في غزّة، أسفرت حرب الـ15 شهرًا حتّى دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 20 كانون الثاني الماضي، عن استشهاد أكثر من 46 ألفًا وإصابة أكثر من 111 ألفًا بجراح، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، فيما أسفر هجوم حماس والجهاد الإسلامي على مستوطنات غلاف غزّة في عملية “طوفان الأقصى” عن مقتل 1200 شخص.
فهل بدأ نتنياهو تطبيق مضمون شعار “غزّة بلا حماس” التي لم تصل لمعدّي التسوية اعتراضات عليه من الدول العربية؟ كما لم تصل أي اعتراضات عربية على عدم ضمّ حماس إلى السّلطة الوطنية الفلسطينية كونها مصنّفة منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، واليابان، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، وإسرائيل، ومنظمة الدول الأميركية.
تبادلت حماس وإسرائيل التهم بتعمّد خرق وقف إطلاق النار، لكنّ المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي براين هيوز قال، في بيان، إنه “كان في إمكان حماس إطلاق الرهائن لتمديد وقف إطلاق النار، لكنّها عوضًا عن ذلك اختارت الرفض والحرب”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() غزة إلى التعافي | ![]() لبنان إلى أين؟ | ![]() توافق على تسوية في دول الهلال |