وزير المهجرين “ينبش” الملفات من تحت الأنقاض… ويكشف لـ”هنا لبنان” عن خطته

حلّ كافّة الملفات في وزارة المهجرين يتطلب جهودًا متكاملةً وتعاونًا مشتركًا بين مختلف الجهات الفاعلة، بما في ذلك الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية، من خلال رؤية استراتيجية واضحة وسياسات تهدف إلى تسهيل عودة المهجرين وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم، فضلًا عن إعادة إعمار المناطق المتضرّرة.
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
بعد 32 عامًا عادت وزارة المهجرين إلى الواجهة مع تولّي الوزير كمال شحادة هذه الحقيبة الوزارية في حكومة “الإصلاح والانقاذ”.
الوزارة التي أنشئت في لبنان عام 1993 بموجب القانون الرقم 190، لطيّ صفحة “حرب الجبل” وإعادة المهجرين إلى قراهم عبر المصالحة والتعويضات، تعمل اليوم بجدّية من أجل هذا الهدف، إذ تشكِّل هذه الملفات جزءًا من التاريخ المؤلم الذي عانى منه لبنان على مدى عقود، حيث تركت الحرب آثارًا عميقة في قلوب وعقول الناس وأدّت إلى تهجير العديد من الأُسَر من مناطقهم الأصلية.
لذا يسعى وزير المهجرين بهمةٍ عاليةٍ ورؤيةٍ استراتيجيةٍ، إلى توظيف كافة الإمكانات المُتاحة لتذليل العقبات التي تواجه المهجرين وحلّ ملفاتهم العالقة، وتقديم الدّعم اللازم لضمان حقوقهم وتعزيز عودتهم إلى مناطقهم عبر تنسيق الجهود بين مختلف الأطراف المعنية.
فهل ستكون عودة الوزارة علامة فارقة في جهود الدولة نحو إعادة الثقة وإعطاء كل صاحب حقّ حقه؟ هل ستتغيّر مهامّ وأولويات الوزارة؟ ماذا عن الأمل الذي قد تمنحه للمهجرين؟ وهل سيتم حلّ الهيكلية الإدارية الواسعة للوزارة والتي تكبّد خزينة الدولة تكاليف باهظة؟ أسئلة كثيرة حملها “هنا لبنان” للوزير كمال شحادة وذلك في إطار سعينا لمعرفة رأيه حول سبل معالجة ملفات المهجرين.
الوزير شحادة يؤكد لـ”هنا لبنان” أنّ “معالجة ملفات المهجرين الذين تعرضوا لنزوح نتيجة الحروب الأهلية والصراعات في لبنان يتطلّب نظرةً شاملةً ومتكاملةً تأخذ في الاعتبار الظروف الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية”. ويضيف: “تهدف هذه الجهود إلى تحسين حياة المهجرين من قراهم وتخفيف معاناتهم، بالإضافة إلى العمل على إعادة اندماجهم في المجتمع”.
وعن مسؤوليات الوزارة ومهامّها يقول شحادة: “وفقًا للقوانين والتشريعات تنحصر مسؤوليات وزارة المهجرين في لبنان بتقديم الدعم والمساعدات المالية والتقنية للمهجرين لمساعدتهم على إعادة بناء حياتهم، إعادة المهجرين حيث تعمل الوزارة على تسهيل عودة المهجرين إلى مناطقهم الأصلية من خلال توفير الدعم اللوجستي والخدمات الضرورية، تسوية القضايا القانونية من خلال معالجة الأمور القانونية المتعلقة بحقوق الملكية والممتلكات التي فقدها المهجرون خلال فترات النزاع، تقديم التعويضات وتأمين التمويل عبر سعي الوزارة إلى ضمان حصول المهجّرين على تعويضات مالية عادلة عن الأضرار التي لحقت بهم، تعزيز المصالحة عبْر المشاركة في عمليات المصالحة الوطنية والتواصل بين المجتمعات المختلفة للتخفيف من آثار النزاعات، وأخيرًا، التوثيق والإحصاء من خلال جمْع البيانات والإحصاءات المتعلقة بالمهجرين لتقديم دراسة شاملة عن وضعهم واحتياجاتهم”.
ويردف شحادة: “في الحكومات السابقة كان عمل الوزارة شبه معطّل، مهمة الوزارة الحالية حفظ حق كل صاحب قضية والسعي الى تأمين التمويل للتعويض عليه، اما في حال تعثّر تأمين التمويل نؤكد أنه على الدولة واجب كبير واساسي في هذا الإطار”.
وفي سؤال عمّا لو أصبحت وزارة المهجرين لزوم ما لا يلزم ويجب اقفالها يجيب شحادة: “دور الوزارة حتى اليوم ما زال مهمًّا ومن الواجب الاستمرار في معالجة قضايا المهجرين، خصوصًا إذا كانت لديهم احتياجات لم تُلبَّ. واجباتي في الوزارة معالجة كل الملفات وحل القضايا العالقة، وبعدها يكون الهدف إقفال الملفات ومعها الوزارة. أما في حال عدم إقفال الملفات فهناك مؤسسات أخرى في الدولة اللبنانية ستتولى متابعتها لإعطاء المهجرين حقوقهم”.
وفي سؤال عن مدى تنظيم الملفات والقدرة على الوصول إليها بسهولة يجيب: “كل الملفات والمعلومات محفوظة في الوزارة وسنعمل على أساسها، وخلال الأسابيع المقبلة سنقوم برقمنتها، هذه الخطوة مهمّة نحو تحسين إدارة الملفات وتسهيل الوصول إليها، من خلال تحويل الوثائق والمعلومات التقليدية إلى صيغة رقمية، وسيتم ذلك من خلال أحدث التقنيات”.
كما يشير الوزير الى أن “هذه الخطوة من شأنها أن تساعد على الوصول إلى البيانات بسهولة أكبر، مما يقلّل الوقت المستغرق في البحث عن الوثائق إضافة الى تحسين الأمان وتقليل خطر فقدان المعلومات، والحدّ من التخزين اليدوي للملفات وتحرير المساحات، اضافة إلى تسهيل مشاركة المعلومات الرقمية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطن”.
أما بالنّسبة لطريقة متابعة الملفات ومراجعتها، فيؤكد أنّ “الوزارة ستعلن عن الآلية في الوقت المناسب على أن يكون هناك عدّة طرق للتواصل مع فريق العمل”.
أما بالنّسبة لملف النازحين السوريين وضرورة عودتهم إلى بلادهم، يوضح شحادة أن “مسألة النازحين السوريين ليست من صلاحيات وزارة المهجّرين إنّما من ضمن أولويات الحكومة اللبنانية مجتمعة. البيان الوزاري عكَس قلق الحكومة بشأن عودة النازحين، إذ أكد أن بقاءهم في لبنان يشكل خطرًا وجوديًّا، وتحدّيات كبيرة على مختلف الصعد بما فيها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. هذه القضية حسّاسة ومعقدة في لبنان، حيث يوجد أعداد كبيرة من النازحين، خصوصًا السوريين، من هذا المنطلق تؤكد الحكومة من خلال البيان على أهمّية العمل الجدّي بالتعاون مع المجتمع الدولي”.
وعبّر وزير المهجرين عن أمله العميق في حلّ كافّة الملفات المهجرين الناتجة عن الحرب الأهلية اللبنانية. ويُدرك الوزير جيدًا أنّ حل هذه الملفات يتطلب جهودًا متكاملة وتعاونًا مشتركًا بين مختلف الجهات الفاعلة، بما في ذلك الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية. ومن خلال رؤية استراتيجية واضحة، يسعى الوزير إلى تبنّي سياسات تهدف إلى تسهيل عودة المهجرين وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم، فضلًا عن إعادة إعمار المناطق المتضرّرة.
وفي نهاية حديثه، يؤكد شحادة “التزامه بالعمل الجديّ والمثابرة، من أجل تحقيق التقدّم اللازم بالملفات، مما يسهم في إعادة بناء الثقة بين اللبنانيين، وإعطاء كل صاحب حقّ حقّه وتحقيق المصالحة اللازمة لبناء وطن يعيش فيه الجميع بكرامة وأمان”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() المطاعم اللبنانية: ملاذٌ للأمل والفرح رغم التوتّرات الأمنية | ![]() تجّار الضاحية يشدّون رحالهم: توتّر وقلق من عودة الحرب | ![]() فوضى انتشار الصيدليات في لبنان: بين عشوائية التراخيص وارتفاع أعداد الخريجين |