إنشاء مجلس الشيوخ حلم قديم جديد ولا يزال يواجه بإعتراضات


خاص 26 آذار, 2025

هل يمكن إنشاء مجلس الشيوخ وفق طرح اتفاق الطائف؟ وهل التوقيت مناسب لطرح هذا الموضوع؟ وهل ستنجح هذه الخطوة التي تعتبر حاجة ملحّة بعد أن فشل تحقيقها مرات عدة أم تبقى حبراً على ورق بسبب المناكفات السياسية والطائفية؟

كتبت شهير إدريس لـ”هنا لبنان”:

آمال تتكدس يومياً ومنذ سنين في وطن لا تجمعه أو تفرقه سوى الطوائف بتناقضاتها، إنه لبنان الذي لا يجد مجتمعه مصطلحاً يعبر عنه سوى أنه بلد “التعددية الطائفية”. وبعد اتفاق الطائف الذي جاء نتيجة وقف الحرب الأهلية وحدد جملة بنود لم يتم تطبيقها كاملة حتى الساعة تحاول كل طائفة الدفاع عن نفسها وقيمها ومبادئها وخصوصيتها بطرق وعناوين مختلفة لتأكيد المشاركة الطائفية في السلطة عبر تقوية مواقع النفوذ وتحقيق بعض المكاسب السياسية، مما يشكل بدوره حواجز مع الطوائف الأخرى ويخلق حساسيات وحواجز تؤدي إلى الإنقسامات الطائفية وتعززها على حساب المواطنة والعيش المشترك والمصلحة الوطنية العليا.

إلا أن ما طرحه إتفاق الطائف عام 1990 لمعالجة مسألة الطائفية وتخطيها كان صيغة مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وهي الصيغة التي من المفترض ولادتها بعد تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية من أجل إلغاء التعطيل والمحاصصة فيكون مجلس الشيوخ الهئية الضامنة للطوائف وكيفية مشاركتها في الدولة وحصر صلاحياتها في القضايا المصيرية والحفاظ على وحدة البلد وتأمين إستقرار النظام وبناء الديمقراطية وعصرنة النظام السياسي كما يحصل في معظم البلدان التي لديها مجالس شيوخ، لكن في لبنان يستلزم ذلك بعض الشروط بسبب تركيبته الإجتماعية والسياسية وتداخل أزماته الداخلية مع بعض الأزمات الخارجية.

بدأ الحديث مجدداً عن إنشاء مجلس الشيوخ مع جلسة اللجان النيابية المشتركة وسط إنقسامات وجدل بين مؤيد ومعارض حوله والمنصوص عنه في المادة 22 من الدستور، وذلك مع بدء التحضير للإنتخابات النيابية في العام 2026 والكلام عن ضرورة إجراء تعديلات على قانون الإنتخاب وفق طرح النائب علي حسن خليل من كتلة التنمية والتحرير النيابية التي يرأسها الرئيس نبيه بري.

فجاء الرد والإعتراض المسيحي من قبل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الذي يعتبر أنّ عملية إنشاء مجلس الشيوخ مهمة ونحن معها، لكن آلية مجلس الشيوخ لا تُطرح بهذه الطريقة، لا سيما من دون معرفة صلاحيات المجلس وعلاقته بمجلسي النواب والوزراء داعياً إلى إجراء ورشة دستورية كبيرة لبحث الأمور بعمق في حال الحديث عن إدخال مؤسسة دستورية جديدة. كما أن القوات اللبنانية اعترضت بدورها على مشروع القانون الذي قدمه النائب خليل واعتبر نوابها أنّ ما يطرح يخفي نوايا خبيثة، وأكد النائب بيار بوعاصي “أنّ تغيّر المجتمع بقانون انتخاب بوقت المجتمع بيغيّر قانون الانتخاب ليصير يمثّلو بأفضل شكل، مش العكس”.

أما النائب هادي أبو الحسن الذي شارك في اجتماع اللجان المشتركة فأكد لموقع “هنا لبنان” على أهمية الإصلاح السياسي الكامل مع تمسك كتلة اللقاء الديمقراطي بتشكيل مجلس الشيوخ، مشيراً الى أن النقاش جيد وقد بدأ فعلاً، إلا أن موقف اللقاء الديمقراطي ينطلق من إتفاق الطائف الذي ينص على سلسلة بنود إصلاحية لكن لم تطبق كامل المندرجات المتعلقة بها بعد هذا الإتفاق، وأبرزها قانون اللامركزية الإدارية وإلغاء الطائفية والإصلاحات ومسألة السلاح خارج الشرعية، وذلك بالتزامن مع قانون انتخاب جديد.

وأضاف نحن متمسكون بهذا الطرح لأنه بند أساسي من بنود الإصلاح ويأتي بالتزامن مع قانون انتخابي خارج القيد الطائفي، ونحن قدمنا مشروع قانون بهذا الشأن لكن يجب أن نقوم ببعض الخطوات لا سيما منها قانون جديد للأحزاب على أساس غير طائفي، إضافة الى برامج حول التربية والتنشئة الوطنية . وبحسب النائب ابو الحسن فإن مجلس الشيوخ هوتمثيل طائفي لتطمين الطوائف لكن يجب أن يأتي مع قانون انتخابات خارج القيد الطائفي، ونحن نعمل وفق الدستور ونصر على حصرية السلاح بيد الدولة كما نصر على الإصلاحات ومنها إستقلالية القضاء وإلا سيبقى النظام الطائفي والمحميات الطائفية موجودة وعندها لا تتم محاسبة أحد ولا يمكن أن نبني بلد بهذه الذهنية كما قال.

وشدد أبو الحسن على أن مجلس الشيوخ موضوع دستوري ولا يمكن تشكيله عبر إقتراح قانون عابر بل المهم توضيح القضايا وذكر الصلاحيات لا سيما مسألة من يترأس المجلس لأنها نقطة خلافية، وهذا يعتبر إنصافاً لطائفة الموحدين الدروز التي قدمت التضحيات في هذا البلد. وكشف ابو الحسن عن دعوته الى حوار وطني يعقد في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية جوزاف عون لأن ذلك يأتي من ضمن ما طرحه في خطاب القسم.

ابرز النواب الذين شاركوا في إتفاق الطائف كان النائب بطرس حرب الذي يعد من أبرز الخبراء القانونيين والدستوريين دعا الى عدم اللعب بالتوازنات وما يطرح اليوم يتم لإعتبارات سياسية ولن يقبل به المسيحيون والسنة والدروز، مشيراً الى أنه خلال مداولات إتفاق الطائف تفاهمنا على أنه بعد انتخاب رئيس مجلس النواب خارج القيد الطائفي يتم تشكيل مجلس الشيوخ وكذلك في مداولات طاولة الحوار أكد الرئيس نبيه بري أنه مع التمثيل الطائفي لكنه كان يحيد عن ذلك. أما اليوم ومع طرح الدائرة الواحدة في القانون الإنتخابي فإن ذلك لا يبدو جيداً وسيؤدي الى التحفظ عليه. ورأى حرب أن مجلس الشيوخ أحد الخطوات الإصلاحية لكن من المفروض معالجة مسألة الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية قبل ذلك لأن الطائفية هي المشكلة الأكثر تعقيداً ويجب إلغاؤها من النصوص ومن النفوس، وبالتالي فإن قضية مجلس الشيوخ مرتبطة إلى حد كبير بالهيئة الوطنية التي من شأنها أن تدرس أحوال الناس من أجل عدم فقدان ولاء المواطنين تجاه دولتهم.

وأبدى النائب السابق بطرس حرب خشيته من مسألة السلاح غير الشرعي وهي من ضمن المسائل الإصلاحية والخلافية وهذا السلاح اليوم بيد حزب الله القائم على الشرعية الإيرانية وليس على الشرعية اللبنانية وقد دخل في سياسة محاور لتنفيذ مصالح ايران في لبنان والإستمرارية في ذلك ستكون على حساب لبنان.

إنشاء مجلس الشيوخ يعتبر كمخرج للخلاص من الطائفية السياسية في مجلس النواب بعد تفاقهمها جراء التراكمات خلال السنوات السابقة، وبناء عليه هل يمكن إنشاء مجلس الشيوخ وفق طرح اتفاق الطائف ؟ وهل التوقيت لطرح هذا الموضوع مناسب وهل ستنجح هذه الخطوة التي تعتبر حاجة ملحة بعد أن فشل تحقيقها مرات عدة أم تبقى حبراً على ورق بسبب المناكفات السياسية والطائفية، أم أن الأجواء التي تحيط بالعهد الجديد والضغط الدولي لتحقيق الإصلاحات سيؤتي ثماره؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us