الرئيس عون وسياسة الحسم

يقود الرئيس عون اليوم ديبلوماسية لإنقاذ لبنان من التفرد بالقرار ولن يكون متساهلاً بل حاسماً في هذا الخيار الذي سيؤدي إلى استقرار ثابت في جنوب لبنان ولو طال تحقيق هذا الأمر، علماً أنّ بعض اللبنانيين يمكنهم أن يغيّروا في ذهنيتهم ووظيفتهم أن يساعدوا رئيس الجمهورية في تحقيق نتائج سريعة إن استخلصوا العبر مما عبر
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
على خلفية تعيين حاكم لمصرف لبنان وهو كريم سعيد، تبيّن أنّ التصميم الذي يملكه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ينسحب على جميع الملفات الأساسية في البلد، وليست تجربة سعيد هي التجربة الأولى التي تظهر أنّ عون يتمسك بشدة بما يعتبره لصالح لبنان ويقاتل من أجل تحقيق ذلك وهو كان قد اثبت ذلك في خلال توليه قيادة الجيش.
يذهب الرئيس عون إلى فرنسا وهو متسلح بتعيين حاكم للمصرف المركزي ليشهر في وجه الرئيس إيمانويل ماكرون ورقة أساسية في عملية الإصلاح المالي والمصرفي، ولن يقتصر تأثير هذه الورقة على فرنسا وحدها بل ستمتد إلى كل الإتحاد الأوروبية لا سيما وأنّ اليونان وقبرص ستكونان حاضرتين بشخص رئيسيهما في خلال زيارة عون إلى باريس، وستكون هذه الورقة أيضاً عاملاً مؤثراً في التفاوض مع صندوق النقد، ففرنسا ومن خلال جان إيف لودريان نسقت في بيروت مع وفد من صندوق النقد كيفية مساعدة لبنان في التوصل إلى اتفاق على برنامج مع الصندوق.
ومن الواضح أيضاً أنّ ن الرئيس عون يتمسك وبحزم في كل ما من شأنه أن يؤمن سيادة الدولة وأن تكون وحدها صاحبة القرار، ويبرز في هذا السياق تمسك رئيس الجمهورية بحصرية السلاح ويحاول مرات ومرات أن يفهم الطرف الذي لم يقتنع بعد كيف أنّ عدم حصرية هذا السلاح ستؤدي إلى دفع المزيد من الأثمان، فهذا الفريق يبدو أنه فهم خطأً مسألة استراتيجية الأمن الوطني وما زال يعتبرها كاستراتيجية دفاعية كان ينادي بها وكان ملخصها الفصل بين سلاح “المقاومة” وسلاح الدولة في المهام والقرار وقد ورطت هذه الاستراتيجية لبنان في الكثير من الدمار والحروب والكوارث.
كذلك لم يفهم البعض كلام رئيس الجمهورية عندما قال في إفطار في قصر بعبدا “نقاوم معاً وننتصر معاً” فهذا البعض كان طيلة عقود يقاوم وحده ويحتكر هذه المقاومة وينتصر وحده وفق نظرته للإنتصار، في حين أنّ المطلوب كان هو أن يشارك جميع اللبنانيين والدولة على رأسهم كي تكون المقاومة وفق مصالح لبنان واللبنانيين وكي يكون الإنتصار انتصاراً يعوّل عليه لتقدم لبنان لا انتصاراً وهمياً يعيش اللبنانيون تداعياته الحقيقة السلبية.
اليوم يقود الرئيس عون ديبلوماسية لإنقاذ لبنان من التفرد بالقرار ولن يكون متساهلاً بل حاسماً في هذا الخيار الذي سيؤدي إلى استقرار ثابت في جنوب لبنان ولو طال تحقيق هذا الأمر، علماً أنّ بعض اللبنانيين يمكنهم أن يغيّروا في ذهنيتهم ووظيفتهم أن يساعدوا رئيس الجمهورية في تحقيق نتائج سريعة إن استخلصوا العبر مما عبر.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() التدخلات والمصلحة اللبنانية | ![]() حلٌّ للنزاع الحدودي.. والتطبيع برسم حلّ الدولتين | ![]() حرب الآخرين وليست حرب لبنان |