لبنان بين ابتسامات أورتاغوس وعبوس بترايوس


خاص 7 نيسان, 2025

حملت المسؤولة الأميركية إلى لبنان هذه المرة رسالة عاجلة تفيد أنّ واشنطن لم ولن تتخلى عن بلاد الأرز، لكنها لن تتخلى أيضاً عن هدفها الأبرز ألا وهو إخلاء لبنان من نفوذ إيران وسلاحها نهائياً

كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:

أمضت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس ثلاثة أيام في لبنان وتركت خلفها أسراراً على نقيض زيارتها الأولى في 6 شباط الماضي. وظهر الفارق جلياً بين الزيارتين مع قاسم مشترك هو الابتسامات التي لم تغادر وجه السيدة الآتية من عالم مسابقات الجمال إلى عالم سباق الحروب التي تعصف بالعالم المعاصر ولا سيما الشرق الأوسط.

قالت أورتاغوس في زيارتها الأولى من قصر بعبدا: “إسرائيل هزمت “حزب الله” ونحن ممتنون لها بسبب ذلك، ولن يكون طرفاً في الحكومة اللبنانية لأنّه تمت هزيمته عسكريًّا وانتهى عهد ترهيبه في لبنان والعالم”.

لكن أورتاغوس اكتفت طوال الأيام الأخيرة من الأسبوع الماضي بالصمت وتركت مصادر الرؤساء الثلاثة يقولون ما أرادوا قوله. فهل يعني صمت الموفدة الأميركية أنها تراجعت عما قالته في زيارتها الأولى؟ أم أنّ صمت أورتاغوس يقول لنا شيئاً آخر؟

تفيد المعلومات أنّ المسؤولة الأميركية حملت إلى لبنان هذه المرة رسالة عاجلة تفيد أنّ واشنطن لم ولن تتخلى عن بلاد الأرز، لكنها لن تتخلى أيضاً عن هدفها الأبرز ألا وهو إخلاء لبنان من نفوذ إيران وسلاحها نهائياً. كما تفيد المعلومات أنّ رسالة اورتاغوس أنّ ما قالته في زيارتها الأولى عن “هزيمة” ألحقتها إسرائيل بـ”حزب الله” أصبح من الماضي، بينما أطلّ حاضر يفيد أنّ مرجعية “الحزب” أي إيران على وشك أن تلقى هزيمة على يد دولتها، الولايات المتحدة الأميركية.

تكلم جنرال أميركي شهير في الوقت نفسه الذي لجأت أورتاغوس إلى الصمت. فقد كشف الجنرال ديفيد بترايوس، القائد السابق للمنطقة المركزية الأميركية ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأسبق، في مقابلة مع “إيران إنترناشيونال”، أن أي عملية عسكرية أميركية لن تقتصر على استهداف المنشآت النووية، بل ستشمل أيضاً الدفاعات الجوية والقواعد الصاروخية.

وقال بترايوس إنّ الجيش الأميركي يمتلك منذ نحو 15 عاماً خطة شاملة للهجوم على المنشآت النووية والأهداف العسكرية الحيوية للنظام الإيراني، وهي خطة خضعت لتحديثات مستمرة مع مرور الزمن.وأشار إلى أنّ هذه الخطة وُضعت خلال فترة قيادته للمنطقة المركزية الأميركية (سنتكوم)، وأن القوات الأميركية سبق أن أجرت محاكاة عملية لتنفيذها داخل الأراضي الأميركية، ضمن تدريبات عسكرية فعلية استعداداً لأي مواجهة محتملة مع إيران.

ما يهم هو المعلومات التي أفضى بها الجنرال الأميركي حول لبنان مباشرة.ففي جزء آخر من حواره، أشار الجنرال بترايوس إلى أنّ “حزب الله” وحركة “حماس” هما أبرز الجماعات الوكيلة لإيران في منطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى تأثير الضغوط الأخيرة من إسرائيل والتطورات الإقليمية على هذه القوى المدعومة من طهران. وأشار إلى أنّ التغيرات الميدانية في السنوات الأخيرة قد ألحقَت ضربات قاسية بهذه الجماعات.

وأسهب الجنرال بترايوس في الحديث عن “حزب الله” فقال أنّ الأخير يُعد “أهم” أداة نفوذ إيرانية في المنطقة”، مشيراً إلى أنّ إسرائيل، بعد “عملية سلسلة الإمداد”، تمكنت من تقليص ترسانة “الحزب” من الصواريخ، والقذائف، والطائرات المسيّرة من حوالي 140 ألفا إلى نحو 10 آلاف فقط.

وأوضح بترايوس أنّ “عملية سلسلة الإمداد” السابقة قد وجهت ضربة قاسية لقادة “حزب الله”، وأدت إلى شلل مؤقت في قدرات المجموعة الهجومية. وأضاف: “لم تستهدف هذه العملية هيكل القيادة فقط، بل دمرت فعلياً القيادات العليا في الحزب. لم يكن هذا مجرد قطع رأس القيادة، بل كان بمثابة كسر لظهر “حزب الله”.

كما ذكر بترايوس أنّ إيران، من أجل الحفاظ على قوة “حزب الله”، كانت دائماً تسعى لنقل الأسلحة والذخائر عبر سوريا، ولكن التغيرات السياسية والعسكرية في المنطقة، بما في ذلك التغيرات في سوريا، قد خفضت بشكل كبير قدرة إيران على إرسال الأسلحة إلى لبنان.

من وجهة نظر بترايوس، كانت سوريا في وقت ما الحلقة الأساسية في سلسلة نقل الأسلحة والدعم اللوجستي الإيراني إلى “حزب الله”. إلا أنه أشار إلى أنّ “سقوط بشار الأسد” والتطورات التي حدثت في مناطق شمال سوريا قد جعلت الطرق البرية والجوية الحيوية لإيران في دعم القوات الوكيلة في لبنان و”حماس” غير آمنة.

وقال بترايوس أنّ الاستراتيجية الإيرانية القائمة على الوكلاء أصبحت أكثر هشاشة في بيئة الشرق الأوسط الحالية.

يستفاد من كلام الجنرال الأميركي البارز أنّ حبل السرة بين طهران والضاحية الجنوبية لبيروت لم ينقطع كلياً بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على “حزب الله” على الرغم من أنّ هذه الحرب ما زالت مستمرة ولو بوتيرة منخفضة. ويبدو مفيداً الاطلاع على قراءة “حزب الله” نفسه لنتائج زيارة الموفدة الأميركية لبيروت. ووردت هذه القراءة عبر قناة “المنار” التي تمثل الناطق المعتمد لـ”الحزب”. وقالت القناة: “إنّ المفهومَ من زيارةِ أورتاغوس أنَّ الموقفَ الأميركي عندَ تبريرِه ودعمِه للاعتداءاتِ الصهيونية، وأنّ سلة الشروطِ تطالُ أداء السلطةِ الداخليةِ من جوانبِها الاقتصاديةِ والماليةِ والأمنية. أمّا الجزرةُ والعصا الأميركيتان لجرِّ لبنان إلى مستنقعِ التطبيع، فتجاوزُهُ سهلٌ – كما يقولُ الموقفُ اللبناني: فلْيُطَبِّقِ الإسرائيلي اتفاقَ وقفِ اطلاقِ النار، وبعدَها يمكنُ للترسيمِ البَريِّ أن يَسلُكَ الطريقَ نفسَه الذي سلكَهُ الترسيمُ البحريُ عبرَ لجنةٍ عسكريةٍ وتقنيةٍ أو عبرَ الدبلوماسيةِ المكوكية”.

وفي مقابل موقف “الحزب” الإعلامي، موقف إعلامي في إسرائيل. فقد كتب

أرييل أوسيران مراسل الشرق الأوسط، في قناة i24NEWS العبرية الناطقة بالإنجليزية “أنّ الإصلاحات الاقتصادية ونزع سلاح “حزب الله” ضروريان للبنان”، كما تقول نائبة مبعوث ترامب للشرق الأوسط. ووفقاً للمصادر، ذكرت أورتاغوس “أنّ الخطوتين ضروريتان لاستعادة ثقة المستثمرين المحتملين وتأمين استثماراتهم لإعادة إعمار لبنان”.

ظهر الارتياح على المستوى الداخلي عندما أطفأت الموفدة الأميركية محركات التصريحات وأبقت على محركات الابتسامات. وبلغ الارتياح ذروته بالكلام على اختلاء أورتاغوس تباعاً بالرؤساء الثلاثة، وسط حرص داخلي أيضاً على عدم الإفصاح عما دار في هذه الخلوات. ماذا سنقول لو عرفنا أنّ الموفدة الأميركية أبلغت المسؤولين رسالة عابسة مشفوعة بالابتسامات؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us