إيران تنحني لترامب


خاص 9 نيسان, 2025

الخيارات أمامها باتت محدودةً جدًا، خصوصًا بعد سلسلة الضربات الأميركية القاسية في سوريا والعراق واليمن، والتي أسقطت كلّ معادلات شراء الوقت والمراوغة التي كانت تعتمدها طهران في السابق. لم يعدْ بالإمكان اللعب على حبال التناقضات الدولية، ولم تعد سياسة حافة الهاوية تُجدي نفعًا.

كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

بعد نفيٍ لم يدمْ طويلًا، أقرَّت إيران أخيرًا ببدء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة في العاصمة العُمانية، مسقط. النّفي الإيراني لم يكن مفاجئًا، بل هو جزءٌ من استراتيجية النظام في حفظ ماء وجهه أمام شعبه والرّأي العام الإقليمي، إذ يسعى دائمًا إلى إظهار نفسِه في موقع القوي المُستعصي على التنازل، فيما الحقيقة تُظهر عكس ذلك كلما دقّت ساعة الحسم الأميركية.

نظام الملالي، الذي يُظهر شراسةً مفرطةً تجاه شعبه ومعارضيه في الداخل، وكذلك تجاه شعوب المنطقة من خلال “أذرعه المسلحة” في العراق واليمن وسوريا ولبنان، بدا فجأة في موقف الانحناء والتراجع أمام قوّة القرار الأميركي. هذا الانحناء، الذي تُحاول طهران تصويره كخطوةٍ بطولية وذكية لحماية المصالح القومية، هو في الواقع انكشافٌ لحقيقة المأزق الذي تعيشه الجمهورية الإسلامية.

ولأنّ الانحناء لا يُقدَّم مجانًا، فقد أرفقته إيران ببعض “الدُفعات على الحساب” لواشنطن. أولى هذه الدفعات كانت تسريب خبر سحب الخبراء الإيرانيين من اليمن، في إشارة إلى رغبةٍ في خفض التصعيد. أمّا الدفعة الثانية، فجاءت عبْر إعلان بعض الفصائل العراقية الموالية لطهران نيّتها التخلّي عن السلاح، وهي سابقة لم تكن لتحدث لولا إشارات إيرانية واضحة.

اليوم، تستعدّ إيران لجسّ نبض إدارة ترامب، التي لا تزال حاضرةً في المشهد السياسي بقوّة، ولا سيما مع قرب الاستحقاقات الأميركية الكبرى. المَواضيع المَطروحة على طاولة التفاوض ليست جديدةً، بل هي جوهر النزاع منذ سنوات: البرنامج النووي، الصواريخ الباليستية، المسيّرات، والنفوذ الإقليمي الذي بنته طهران خلال العقود الماضية على حساب أمن واستقرار الدول العربية.

إيران الآن تقف عند مفترق طرقٍ أميركي. الخيارات أمامها باتت محدودةً جدًا، خصوصًا بعد سلسلة الضربات الأميركية القاسية في سوريا والعراق واليمن، والتي أسقطت كلّ معادلات شراء الوقت والمراوغة التي كانت تعتمدها طهران في السابق. لم يعدْ بالإمكان اللعب على حبال التناقضات الدولية، ولم تعد سياسة حافة الهاوية تُجدي نفعًا.

الرسالة واضحة: لا مكان للغطرسة الإيرانية في مواجهة الإرادة الأميركية، والانحناء، وإن أُلبِس عباءة البطولة، يبقى انحناءً أمام واقع لا يمكن تجاهله.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us