نصف قرنٍ على حربٍ لم تنتهِ بعد

غدًا يحلّ “أحد” الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب. إذا أجرينا مسحًا “جيوسياسيًا” لخارطة لبنان، نجد أننا ما زلنا في صميم الحرب: من الناقورة صعودًا إلى مزارع شبعا، وصولاً إلى النهر الكبير شمالًا، مرورًا بالحدود الشرقية بين لبنان وسوريا، عدا الداخل والمخيمات الفلسطينية التي تمددت كثيرًا عما كانت عليه في نيسان 1975
كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:
بين “أحدَيْن” خمسون عاماً، مَن كان يصدِّق أنه مرَّ خمسون عاماً على اندلاع الحرب في لبنان؟
في “الأحد الأول”، 13 نيسان 1975، دخلت بوسطة تُقل فلسطينيين، في طريق لم تكن مخصصة لها لسلوكها، لكنَّ دراجاً كان واقفاً عند المفترق، أشار إلى سائق البوسطة أن يدخل في المفترق الذي كان واقفاً أمامه، دخلت البوسطة، دقائق واختفى الدرّاج، وصلت البوسطة إلى المكان حيث كان الشيخ بيار الجميل رئيس حزب الكتائب، يدشِّن إحدى الكنائس، وحصل ما حصل!
اختفى الدرّاج، منذ حينه، ولم يُعرَف مَن هو؟ من هي الجهة الاستخباراتية، محلية أم خارجية، التي أوقفت الدرَّاج حيث أوقفته، وأشارت إليه بالطلب إلى سائق البوسطة أن يدخل من حيث دخل؟ إنه أحد ألغاز اندلاع الحرب اللبنانية الذي لم تُفك شيفرته إلى اليوم.
ما صعَّب التحقيق أنه منذ نصف قرن لم تكن قد ابتُكرت تقنية “كاميرات المراقبة” المنتشرة هذه الأيام على الطرقات والمفارق ومداخل الأحياء. من دون هذه الكاميرات يبقى التحقيق “أعمى” لا “يرى” إلّا بعيون المخبِرين الذين في كثير من الأحيان، لا يرصدون بدقةٍ ماذا جرى! هكذا توارى الدرَّاج ، وما زال متواريًا، لكنه “نجح” في إطلاق شرارة الحرب.
وطالما أنّ الأجهزة الاستخباراتية نجحت في تأجيج النيران تحت الرماد، والتي لم تكن بحاجةٍ إلى جهد كبير لتتأجج، فما الذي كان يمنع أجهزة أخرى من أن تؤجج النيران، حين تكون مصلحة بلادها أو السلطة التابعة لها، في أن تستمر الحرب؟
هذا الكلام لا يُقال من عبث، بل استناداً إلى معطيات ووقائع ومؤشرات تدل على أنّ أيادي خفية تعبث بالأمن والاستقرار لتُبقي لبنان في مربّع الحرب من دون أن تسمح له أن يخرج إلى مربع السلم.
غدًا يحلّ “أحد” الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب. إذا أجرينا مسحًا “جيوسياسيًا” لخارطة لبنان، نجد أننا ما زلنا في صميم الحرب: من الناقورة صعودًا إلى مزارع شبعا، وصولاً إلى النهر الكبير شمالًا، مرورًا بالحدود الشرقية بين لبنان وسوريا، عدا الداخل والمخيمات الفلسطينية التي تمددت كثيرًا عما كانت عليه في نيسان 1975.
تأسيسًا على كل ما تقدم، اندلعت الحرب منذ نصف قرن، وما زالت مندلعة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() “خطَّان لا يلتقيان” | ![]() هل تُسْقِطُ “الصواريخ اللقيطة” اتفاق وقف النار؟ | ![]() رسالة سلام للداخل والخارج: “صفحة سلاح حزب الله انطوت بعد البيان الوزاري” |