وعي مفقود عند الطبقة السياسية


خاص 13 نيسان, 2025

ربما تكون العِبر التي علينا استخلاصها من الحرب ومن الظروف التي أدّت إليها لا تعدّ ولا تُحصى، إلا أنّ المهم معرفته أنّ انقسام اللبنانيين على المبادئ والثوابت الوطنيّة والمُسلّمات يؤدّي حكماً إلى تدخّل الغريب وانهيار الوطن، لذا لا بدّ من تحقيق يقظة وطنية جامعة تهدف إلى انتشال البلاد من شللها قبل فوات الأوان ومعرفة أنّ حلّ الخلافات أيًّا كانت يجب أن يحصل ضمن البيت اللبناني الواحد وأنّ الدولة القوية السيّدة وحدها هي الكفيلة بحماية لبنان الكيان والشعب والمؤسسات

كتبت سمر يموت لـ”هنا لبنان”:

يؤرّخ اللبنانيون بداية الحرب الأهلية في 13 نيسان/أبريل 1975، لأنّ الشرارة الأولى انطلقت من “بوسطة عين الرمانة”. يومها، تعرّضت حافلة تقلّ فلسطينيين، لإطلاق نارٍ في منطقة عين الرمانة، ما أدى إلى مقتل 26 شخصاً. سرعان ما غرق لبنان في مستنقع الحرب الأهلية، وارتدت الحرب ثوباً طائفياً بعدما اندلعت الاشتباكات بين المسلمين والمسيحيين، وقد بلغ عدد قتلى الحرب الأهلية في لبنان أكثر من 130 ألف شخص، بحسب تقرير الأمم المتحدة الذي نُشر عام 2006 وتسببت في نزوح نحو مليون لبناني.

بعد مرور 50 عاماً على اندلاع حربٍ دمّرت وقتلت وهجّرت وشرّدت وشوّهت وجه لبنان هل أخذ اللبنانيون منها العِبر وتعلّموا من تجاربهم المُرّة كي ينقّوا ضميرهم بصورة حقيقيّة وصادقة؟

يشير النائب السابق الدكتور فارس سعيد في حديثه لـ “هنا لبنان” إلى أنه طيلة حياته السياسية لم يلتقِ بكثير من اللبنانيين الذين استخلصوا دروساً من الحرب، “أعتقد أن غالبية اللبنانيين بثنائيتهم الإسلامية والمسيحية لا يزالون يعيشون تجاذبات جمّة سببها أنّ النخبة السياسية الكبيرة التي تقود عملية وحدة لبنان من أجل تجنّب المشاكل وتجاوز ما حصل ومن أجل استخلاص دروس الحرب، تتبَع الوتيرة الطائفية داخل بيئتها بدلاً من ضبط هذه الوتيرة للمصلحة الوطنية العامة. قلّةٌ هم السياسيون الذين يتمتعون بالقدرة والوعي لمواجهة الموجات الطائفية”. يتوقّف سعيد عند المفاصل الكبرى ويشير الى أنّه ” في العام 1920 كانت أقليّة مسيحية مع دولة لبنان الكبير، والغالبية عندما قبلت بدولة لبنان الكبير فلأنّ خيارها الأساسي كان لبنان الصغير أو لبنان ملجأ للمسيحيين أو لأقليات المنطقة، وعندما قبِلت بلبنان الكبير ظنّت أن توسيع الرُقعة الجغرافيّة للبنان هو فقط لخدمة لبنان الصغير. وفي العام 1943 أقليّة مسيحية وأقليّة مُسلمة شكّلتا غالبية نسبيّة وانتزعتا الاستقلال من الانتداب الفرنسي، بمعنى أنّ المسيحيين الذين ساروا في ركاب الاستقلال واجهوا الانتداب الفرنسي رغم أن غالبية المسيحيين آنذاك كانوا مع بقاء الانتداب الفرنسي كضمانة لهم، كما أن الأقليّة المسلمة واجهت الغالبية المسلمة التي كانت تريد لبنان جزءاً من سوريا الكبرى. الأقليتان في العام 1943شكلتا غالبية نسبية وغالبية شعبية لأن النخبة كانت أيضاً موجودة”. يستذكر سعيد كيف وقفت في العام 2005، أقليّة مسيحية وأقليّة مسلمة في وجه التمديد للرئيس إميل لحود الذي فرضه النظام السوري علينا جميعاً، ويقول “هاتان الأقليتان اللتان شكلتا “لقاء البريستول” هما من قادتا الغالبية اللبنانية التي نزلت الى ساحة 14 آذار وحققت ما حققته”. يجزم سعيد “أننا بحاجة اليوم الى هذا الوعي الموجود عند غالبية اللبنانيين، إنما هو وللأسف مفقودٌ عند غالبية الطبقة السياسية”، لكنّه لا يلتمِسُ خطراً من اندلاع حرب أهلية جديدة في لبنان.

ربما تكون العِبر التي علينا استخلاصها من الحرب ومن الظروف التي أدّت إليها لا تعدّ ولا تُحصى، إلا أنّ المهم معرفته أن انقسام اللبنانيين على المبادئ والثوابت الوطنيّة والمُسلّمات يؤدّي حكماً إلى تدخّل الغريب وانهيار الوطن، لذا لا بدّ من تحقيق يقظة وطنية جامعة تهدف الى انتشال البلاد من شللها قبل فوات الأوان ومعرفة أنّ حلّ الخلافات أيًّا كانت يجب أن يحصل ضمن البيت اللبناني الواحد. وأنّ الدولة القوية السيّدة وحدها هي الكفيلة بحماية لبنان الكيان والشعب والمؤسسات. لبنان أمام فرصة حقيقية ليكون وطناً نموذجياً عصرياً يقوم على مبدأ العدالة ويحترم الخصوصية والتعدّدية ومركز استقطاب للعالم أجمع.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us