تفاؤل حذر بحلّ ملف السلاح… ماذا في نوايا “الحزب” وحقيقة ليونته؟


خاص 15 نيسان, 2025

يعرف “الحزب” جيداً أنه انهزم وفي طريقه إلى تسليم السلاح ولو بعد حين، لكنه يماطل ويعيش وهج الانتصار المعاكس لأنه خائف من بيئته التي أوهمها بالانتصارات والفتح الأندلسي، لذا يرفض التفكير بالهزائم التي تطوّقه من كل حدب وصوب، مفضّلاً العيش في أوهام الماضي والمجد المزيّف

كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:

لا شك في أنّ المشهد الأميركي – الإيراني انعكس إيجاباً على الساحة اللبنانية، التي تشهد تطوّراً في ملف حصر السلاح بيد الدولة، وسط تبادل رسائل وُصفت بالإيجابية بين رئيس الجمهورية جوزاف عون وحزب الله، لكن تلك الإيجابية لم تظهر في مواقف الحزب بصورة عامة، لأنّ الردود بدت كمَن يلعب على الحبلين بهدف تمرير الوقت، والأمثلة كثيرة بدأت مع مسؤول بارز في الحزب صرّح لوكالة رويترز قبل أيام قليلة “بأنهم مستعدون لمناقشة ملف السلاح مع رئيس الجمهورية، في سياق استراتيجية دفاع وطني، وذلك بشرط انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس الحدودية في جنوب لبنان، ووقف حربها على لبنان”، فيما جاء موقف عضو المجلس السياسي في حزب الله غالب أبو زينب مغايراً، وبمثابة الردّ على” الرفيق المنفتح” إذ قال: “لا تسليم للسلاح، وعلى لبنان أن يحاور من أجل امتلاكه أوراق قوة سياسية، يستطيع من خلالها أن يحافظ على وجوده، في ظل كل هذه المتغيرات الكبرى في المنطقة، لأنّ الحزب لن يقبل أن يكون لبنان في موقع الضعيف”، فقضى بذلك على الليونة التي أبداها رفيقه، أما النائب حسن فضل الله فأعلن عن استعداد الحزب للتعامل إيجابياً مع مبادرة الرئيس عون، للدخول في حوار حول الاستراتيجية الدفاعية، وبأنّ يده ممدودة بعقل منفتح للتوصل إلى تفاهم، على أن يسبقه الضغط لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، وإلزام إسرائيل بالانسحاب من الجنوب، أي جاء الردّ مرناً على موقف رئيس الجمهورية، وضمن خطة زمنية لمعالجة ملف السلاح.

حزب الله ولعبة توزيع الأدوار

هذا التناقض في مواقف مسؤولي الحزب، أكد دخوله في لعبة توزيع الأدوار التي لا تنطلي على أحد، ولا تخدم دعوة الرئيس عون إلى الحوار الثنائي، في إطار ما وصفه بـ”استراتيجية الأمن الوطني”، التي أعلن العمل على صياغتها فور توليه المنصب، وأكد بأنّ السلاح يجب أن يكون محصوراً بيد الدولة، ومهّد له بذلك رئيس مجلس النواب نبيه برّي، بالتزامن مع تصاعد الضغوط الدولية وتهديد الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، بضرورة نزع سلاح حزب الله في أقرب وقت ممكن.

هذه التهديدات أشعلت الحزب الأصفر، فسارعت قيادته إلى رفع معنويات بيئته ومناصريه، الذين وُعدوا بتحرير القدس وبدحر إسرائيل وإزالتها من الوجود خلال أيام، فعمل مسؤولوه بعد سلسلة من السقطات المدوّية على لعبة شدّ الحبال في التوقيت الأصعب، مستعينين بالعصا والجزرة ضمن سياسة اعتقدوا أنهم يتذاكون من خلالها، فيما القرار اتُّخذ وتسليم السلاح بات حتمياً، لأنّ الرسائل الأميركية تحاصر نفوذ حزب الله في ظل المتغيّرات الإقليمية.

الانتصار الوهمي والفتح الاندلسي!

إلى ذلك ثمة أسئلة تطرح في الداخل والخارج، حول مدى استعداد الحزب لتسليم سلاحه وسط تلك المناورة السياسية التي يبديها؟ وعن مدى واقعية رهانه على استراتيجية دفاعية؟

في هذا الإطار، يشير مصدر سياسي مواكب لملف السلاح لـ”هنا لبنان” ومطّلع من أوساط أمنية على ما يجري، إلى انّ الحزب يعرف جيداً أنه انهزم وفي طريقه إلى تسليم السلاح ولو بعد حين، لكنه يماطل ويعيش وهج الانتصار المعاكس، أي الهزيمة التي وضعته تحت سابع أرض، وقلبت أوضاعه رأساً على عقب بعد عقود من السيطرة على الدولة باسم الحزب المقاوم، فيما هو كان يتلقى الأوامر الخارجية من إيران وينفذ أجنداتها وتوجيهاتها، لكنه ما زال يسير على خط الأكاذيب الذي أطلقها وصدّقها، لأنه خائف من بيئته التي أوهمها بالانتصارات والفتح الأندلسي، لذا يرفض التفكير بالهزائم التي تطوّقه من كل حدب وصوب، مفضّلاً العيش في أوهام الماضي والمجد المزيّف، لكن التغيرات الجذرية الإقليمية انعكست بشكل مباشر على وضعه، بعدما أصبح أمام معادلة جديدة فرضت عليه التخلي عن سلاحه، لكنه يرفض تصديق ذلك الواقع إلى أن تأتي الأوامر من إيران. فهو لم يعد يمتلك القدرة العسكرية على التحرّك في الجنوب، كما خفّف من حدّة خطابه تجاه إسرائيل، والمسألة باتت مرتبطة بالواقع الجديد، وبالمفاوضات الأميركية – الإيرانية والمؤشرات التي توحي برسائل مرنة من طهران في اتجاه واشنطن، التي تتماشى مع الشروط الأميركية وهي تخلي إيران عن الأذرع العسكرية في غزة ولبنان والعراق واليمن، وعن الصواريخ الباليستية والمشروع النووي.

رهان الحزب على فشل الدولة والاقتتال الداخلي!

لا شك في أنّ الحزب يراهن على عدم الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، وعلى مواصلة الغارات والقصف الصاروخي، مما يعني أنّ سلاحه باقٍ طالما لم تنفّذ شروطه للتسليم، كما يراهن بحسب ما يتراءى له على فشل الدولة اللبنانية في لجم الاعتداءات الإسرائيلية، الأمر الذي قد يساهم في عودة دوره للقتال، ويعتبر أنّ الاقتتال الداخلي وارد خصوصاً إذا تمّ التخطيط له، مع إمكانية تطوره إلى الحدود الشرقية والشمالية، لكن كل هذا ليس إلا سراباً موجوداً في أذهان مسؤولي الحزب، لأنّ ملف السلاح سينتهي حتى ولو طال الوقت، وكلام أورتاغوس كان واضحاً، لأنّ القرار اتُّخذ وفي طريقه إلى التنفيذ، وإلا فالضربات ستكون قاضية وغير مسبوقة هذه المرّة، والأفضل أن يُنتزع السلاح على يد الجيش اللبناني، من أن تتمّ مصادرته بالقوة على يد الإسرائيليين، وهذا يعني تجدّد الحرب وتدمير ما تبقى للحزب بضوء أخضر أميركي ودولي حيث يدفع لبنان وشعبه مجدداً المزيد من الأثمان الباهظة، لأنّ هذا السلاح وحسب الشروط الأميركية، بات حجر عثرة في طريق إعادة الإعمار والمساعدات المالية التي يحتاجها لبنان، لذا فحلم الحزب لن يتحقق…

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us