“الحزب” بين تسليم السلاح أو الحرب


خاص 18 نيسان, 2025

الرئيس جوزاف عون يتعرّض لمزايدة مسيحية مزدوجة تحاول حشره وتسجّل عليه مهادنة “الحزب” ومسايرته، فهناك من يعتبر أن لا مجال للحوار مع “الحزب” وأنّ رئيس الجمهورية “يتساهل” ربّما بانتظار ما سينتج عن الحوار الأميركي – الإيراني في جولته الثانية في روما السبت المقبل، وآخر يرى أنّه يجب فقط إجباره على تسليم سلاحه، ولكن كيف؟

كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:

“حزب الله” لن يسلّم سلاحه إلا عند ظهور المهدي! تعليق مازح انتشر هذه الايام كردٍّ على المعلومات المتضاربة التي تؤكّد استعداد الحزب لتسليم سلاحه، وليس نزعه التي تُزعج بعضهم، وانّما عبر الحوار، كما أعلن رئيس الجمهورية جوزاف عون قبل يوميْن مؤكدًا على حصر هذا الحوار بينه وبين الحزب إلّا أنّه فضّل استعمال مصطلح “حصرية السلاح بيد الدولة”.

وهذا يعني أنّه قصد الحوار حول كيفية ومتى التسليم لا إقناعه بالتسليم. وعشية سفره إلى قطر، كشف عون، في حديث تلفزيوني، أنّ الجيش اللبناني يقوم بواجبه جنوب الليطاني ويفكّك أنفاقًا ويصادر أسلحةً من دون اعتراض من قبل “حزب الله”، موضحًا أنّ قرار حصر السلاح بيد الدولة اتُخذ، والحزب يَعي تمامًا مصلحة لبنان، وأنّ الظروف الإقليمية والدولية تساعد على ذلك.

وهذا كلام طبعًا مُريح ويجد تأييدًا لدى معظم اللبنانيين، ولكن هل هو قرار واقعي؟ وهل أنّ القرار بيد “حزب الله”؟ وهل هو قادر على اتّخاذ هكذا قرار؟ وماذا سيبقى منه في حال اتّخذ هذا القرار؟ وهو الذي خلقته إيران كذراعٍ عسكرية لها للقيام بمهامّ محدّدة، وهل القرار له أم لسلطة “ولاية الفقيه” التي تحرّكه والتي تفاوض الآن الولايات المتحدة حول سلاحها النووي والصواريخ الباليستية وأذرعها المنتشرة في أكثر من عاصمة عربية، وسط ضغط شديد وخانق تمارسه عليها إدارة دونالد ترامب الذي يقوم يوميًا منذ شهر بقصف حوثيي اليمن المسلّحين من خامنئي من أجل قطع الطريق على الملاحة الدولية، وهو قصفٌ لم يتوقّف حتّى خلال المفاوضات.
فهل يأمل “حزب الله” استثناءه من هذه المفاوضات تحت النّار، أو ستتمكّن طهران من حماية ما كان يُعتبر أقوى وأفْعَل ذراع عسكرية عندها على الحدود بعد الضربة القاصمة التي تلقّاها من إسرائيل؟

غيْر أنّ الجانب الآخر من المشكلة هو في مسالة طرح الحوار من قبل رئيس الجمهورية مع “حزب الله”. فهناك من يشكّك بأنّ الحزب لم ولن يسلّم سلاحه كما يكرّر بعض قيادييه مثل التصريح الذي أدلى به محمود قماطي عضو المكتب السياسي في الحزب والوزير السابق في حكومة سعد الحريري الذي قال: “إنّ اليد التي ستمتد إلى سلاح المقاومة سنقطعها”. فهذا الحوار هو لإقناعه بتسليم سلاحه أو كما هو مفترض لجدولة التسليم، علمًا أنّ هذا الأمر حُسم في اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701 الذي يراوغ “حزب الله” في عدم تطبيقه منذ 2006 وهو يحاول اليوم أن يفعل الشيء نفسه.

ولكن هل هو قادر على مقاومة الضغط العسكري الذي لا تزال تمارسه إسرائيل والسياسي الذي تقوم به الادارة الاميركية عبر مبعوثة ترامب مورغان أورتاغوس مساعدة مندوبه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، والتي كانت صريحةً وحاسمةً في تأكيدها خلال لقاءاتها مع رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة على ضرورة تسليم السلاح وفي أسرع وقت، ويقال إنّها حدّدت مهلة أسابيع أمام الحكومة كي تحسم هذا الامر.

كما أنّ الرئيس عون يتعرّض لمزايدة مسيحية مزدوجة تحاول حشره وتسجّل عليه مهادنة “حزب الله” ومسايرته، فهناك من يعتبر أن لا مجال للحوار مع “حزب الله” وأنّ رئيس الجمهورية “يتساهل” ربّما بانتظار ما سينتج عن الحوار الأميركي – الإيراني في جولته الثانية في روما السبت المقبل، وآخر يرى أنّه يجب فقط إجباره على تسليم سلاحه، ولكن كيف؟

هل بالذهاب إلى مواجهة بين الجيش والحزب والمزيد من الضحايا والدماء، والى فتنة مذهبية؟ ألم يؤكّد رئيس الجمهورية في خطاب القسَم على حصر السلاح بالشرعيّة اللبنانية، وكذلك فعل رئيس الحكومة مكرّرًا أكثر من مرّة على حصرية السلاح بيد الدولة؟

وهذا قرار حاسم على الدولة الالتزام به وتحمل مسؤوليته خاصةً أنّ الضغط الأميركي مستمرّ واحتمال الغرق مجدّدًا في حربٍ إسرائيليةٍ مدمّرةٍ هي عمليًا لم تتوقّف ولم توفر قياديّي وكوادر “حزب الله”. امّا أهل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية فما زالوا يبحثون عن سقف يأويهم.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us