لا جدول زمني للحوار غير المباشر حول السلاح بين بعبدا والضاحية… وأبو مازن في لبنان بعد منتصف أيار

يحاول الأمين العام الشيخ نعيم قاسم حفظ ماء وجه الحزب الذي مُني بخسارة كبيرة في حرب الإسناد التي خاضها ضدّ إسرائيل، كما يعمل على ضبط إيقاع بيئته إضافةً الى الأجنحة المتصارعة داخل الحزب، إذ إنّ هناك جناحًا ينحى باتجاه أن يكون حزبًا سياسيًا لبنانيًا فيما الجناح الآخر لا يزال يلتزم بالمحور الإيراني سياسيًا وعسكريًا وإيديولوجيًا. كما أنّ قاسم يعلم أنّه في حال جرى إطلاق أي صاروخ من قبل الحزب على إسرائيل فإنّ مصير الطائفة الشيعية برمّتها مهدد.
كتبت شهير إدريس لـ”هنا لبنان”:
خيّم موضوع الحوار مع حزب الله بشأن سلاحه على أجواء عطلة عيد الفصح بعد أن وضع رئيس الجمهورية جوزاف عون المسألة على سكّة التفاهم الداخلي بعيدًا عن الإعلام بسبب حساسيّة هذا الملف والذي يعدّ من الملفات المهمّة على جدول اهتمامات بعبدا، وذلك انسجامًا مع ما جاء في خطاب القسَم والذي تعهّد فيه بمرجعية الدولة في قرار الحرب والسلم وحصرية السلاح بيد الشرعية اللبنانية مشدّدًا في آخر تصريح له أمام وفدٍ إماراتيّ على أنّ “أيّ مسألة خلافيّة تُحَلُّ بالحوار ولا أحد في لبنان يريد العودة إلى الحرب وأنا متفائل بوجود التصميم والإرادة”.
وفي معلوماتٍ خاصةٍ بموقع “هنا لبنان” حول مصير الحوار وتوقيته وكيفية إدارته، فإنّ رئيس الجمهورية على درايةٍ كاملةٍ في كيفية التعاطي مع هذا الملف بحكمة، وما صرّح به من بكركي كان أساسيًا ومحوريًا لجهة أنّ لبنان بحاجةٍ إلى الوقت والمساحة لحلّ الأمور برويّة ومسؤوليّة وبحسٍ وطنيّ، ولذلك يجب مقاربته بالتحاور وعدم ربطه بجدولٍ زمنيّ لحسم مسألة سلاح حزب الله والسلاح الفلسطيني في المخيّمات، لأنّ كل ذلك مرتبط باستراتيجية الأمن الوطني والتي تشمل الإستراتيجية الدفاعية، كما تتضمّن رؤيةً مستقبليةً لدور لبنان من الناحية الأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية. ووِفق هذه المعلومات فإنّ جميع المكوّنات اللبنانية ستشارك في حوارٍ ونقاشٍ شاملٍ حول هذه الإستراتيجية من دون استثناء، لأنّ الرئيس عون يعالج هذه القضايا من منطلقٍ وطنيّ وخطابٍ جامعٍ وحوارٍ بنّاءٍ يحتاج الى تضامن يجمع البلد.
العلاقات بيْن بعبدا والضاحية لم تنقطع، ويُعتبر حزب الله الذي يشارك في الحكومة مكوّنًا أساسيًا أيضًا في مجلس النواب، وتؤكّد المعلومات أنّ التواصل حول مسألة الحوار بشأن السلاح جنوب الليطاني وشماله يتمّ بشكلٍ غير مباشرٍ عبر رسائل متبادلة تنقلها شخصيات سياسية وزارية ونيابية بين الطرفين، فيما الحزب يبدو متعاونًا ومتقبّلًا على الرَّغم من التصعيد الإعلامي الأخير للحزب والذي تمثّل بتصريحاتٍ عالية السقف حول عدم نزع السلاح، وكان أبرزها للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي وعلى الرَّغم من رفضه لنزع السلاح وإخراجه من القاموس أبدى ليونةً حول مسألة الإستراتيجية الدفاعية واستعدادًا للحوار الذي يطرحه الرئيس عون بعيدًا عن الضغوط الداخلية والدولية مؤكّدًا عدم وقوع شرخ بين الحزب والدولة والجيش والتفاهم حول هذه الأمور.
الحكومة بدورِها تستمرّ في تنفيذ الإجراءات المتّخذة والقاضية بحصْر السلاح بيد الدولة فيما يقوم الجيش اللبناني بالتعاون مع قوات اليونيفيل بمهامّ كبيرة من أجل بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، فخلية إطلاق الصواريخ التي جرى إلقاء القبض عليها وتوقيفها في منطقة صيدا أبرز دليل على الجهود والتضحيات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية والعسكرية والتي سقط لها اكثر من 190 شهيدًا فضلًا عن 485 جريحًا حتى الساعة. كما أنّ قائد الجيش عرض في جلسة مجلس الوزراء مؤخّرًا خطةً متكاملةً حول كيفية معالجة موضوع السلاح ونشر الجيش في كلّ لبنان لا سيما في الجنوب عبر الصور والخرائط والمعلومات الدقيقة التي تُثبت جهود الجيش، وقد نالت استحسان الجميع بمن فيهم وزراء حزب الله. فيما تقوم لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النّار بعملها لجهة رصد الخروقات والتبليغ عنها والتي بلغت أكثر من 2740 خرقًا إسرائيليًا منذ توقيع الاتفاق وبدء نشر الجيش.
وفيما يتعلّق بالسلاح في المخيمات الفلسطينية وأوضاعها، كشفت مصادر سياسية لموقع “هنا لبنان” أنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس “أبو مازن” سيزور لبنان في النصف الثاني من شهر ايار المقبل للبحث في هذه القضايا، وهذه الزيارة جرى الاتفاق عليها خلال اللقاء الذي عُقد مع رئيس الجمهورية جوزاف عون على هامش القمّة العربية الطارئة بشأن القضية الفلسطينية التي عقدت في القاهرة.
في المقابل، كشفت مصادر مقربة من حزب الله لموقع “هنا لبنان” أنّ الحزب مستعدٌ للنقاش والحوار في مسألة سلاحه وهو على تواصل مستمر مع رئيس الجمهورية في هذا الموضوع وغيره لا سيما تنفيذ القرار 1701 وذلك لمصلحة لبنان وشعبه، إلّا أنّ بقاء الجيش الإسرائيلي في النقاط الخمس وخروقاته المتمادية عبر القصف والاغتيالات وعرقلة إعادة الإعمار هو ما يعيق ذلك.
وتعتبر مصادر خبيرة ومتابعة لحركة حزب الله ودوره في لبنان في حديث لموقع “هنا لبنان” أنّ ما أطلقه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط من مواقف لجهة أنّ “حزب الله في لبنان انتهى عسكريًا” فيه نوع من الحقيقة الصادمة، وكشفت المصادر أنّ الأميركيين لديهم معلومات حول أوضاع الحزب العسكرية وأن لا خيار له سوى تسليم السلاح كما لن يكون هناك عمليات عسكرية في جنوب الليطاني وأن الأميركيين على اطّلاع على أوضاع الحزب الداخلية المتضعضعة والمفكّكة في ظلّ إدارة ضبّاط إيرانيين للأمن فيه، ولذلك يقومون بالضغط وبالتصعيد الكلامي عبر المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس. ورأت المصادر أنّ تصعيد الحزب المفاجئ وتحريك الساحل السوري والداخل الأردني وما يجري في اليمن يترافق مع المفاوضات الأميركية الإيرانية، إذ إنّ أمينه العام الشيخ نعيم قاسم يحاول حفظ ماء وجه الحزب الذي مُني بخسارة كبيرة في حرب الإسناد التي خاضها ضدّ إسرائيل، كما يعمل على ضبط إيقاع بيئته إضافةً الى الأجنحة المتصارعة داخل الحزب، إذ إنّ هناك جناحًا ينحى باتجاه أن يكون حزبًا سياسيًا لبنانيًا فيما الجناح الآخر لا يزال يلتزم بالمحور الإيراني سياسيًا وعسكريًا وإيديولوجيًا. كما أنّ قاسم يعلم أنّه في حال جرى إطلاق أي صاروخ من قبل الحزب على إسرائيل فإنّ مصير الطائفة الشيعية برمّتها مهدد.
وختمت المصادر بالقول إنّ لا خيار أمام حزب الله سوى تسليم سلاحه الذي في حال بقي معه سيصبح عبئًا ثقيلًا نظرًا لعدم استخدامه وسيصبح قديمًا بفعل عدم تجديده بعد وقف التهريب وصعوبة إمداده بالمال والسلاح بعيْد اتخاذ التدابير بإقفال المعابر غير الشرعية ومراقبة الحدود والمطار وفي حال تخلّي إيران عن تقوية أذرعها في المنطقة إذا تمّ التوصل الى اتفاقٍ على برنامجها النووي.