التعافي المنتظر بين ربيع واشنطن و”ربيع بيروت”

مجلس النواب اللبناني أدرك التكتيك الذي يعتمده الصندوق والبنك، فكان جاهزًا لتلقّف “كرة النار” التشريعية، فأقرّ قانون “التعديلات على السرية المصرفية”، وفق ما أراد الصندوق والبنك، وهذا الإقرار أعطى للوفد اللبناني المفاوض جرعة دعم قوية أتاحت له التفاوض من موقع مريح مع الجانب الدولي. لكن هل هذا كافٍ؟ بالتأكيد لا، فما هو مطلوب من لبنان أكثر بكثير، وهذا ما يعرفه المسؤولون اللبنانيون..
كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:
إذا أردت أن تعرف ماذا جرى في مجلس النواب، يجب أن تعرف ماذا كان يجري في اجتماعات الربيع في واشنطن لصندوق النقد الدولي وللبنك الدولي.
ذهب الوفد اللبناني إلى واشنطن، وهو يعلم أنّ الصندوق والبنك لديهما شروط قاسية للتجاوب مع مطالب لبنان، وأولى هذه الشروط إصدار القوانين الإصلاحية المتعلقة بالإصلاحات المالية ووقف الهدر والسرقة.
بدا من خلال سلة الشروط التي يضعها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أنّهما مُلِمَّان بالأوضاع اللبنانية ربما أكثر من المسؤولين اللبنانيين أنفسهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإنّهم يعرفون جيّدًا ملفّات الكهرباء ومجلس الإنماء والإعمار وعمليات التهرّب من الرسوم التي كانت (وما زالت) تتمّ في مرفأ بيروت.
ووفق سياسة “الخطوة خطوة” (وهي المدرسة الديبلوماسية التي ابتكرها صانع الديبلوماسية الأميركية، وزير الخارجية، هنري كيسنجر)، فإنّ العاصمة الأميركية يبدو أنّها ما تزال تسير على نهجه، انتهج القيّمون على الصندوق وعلى البنك سياسة “خُذ وطالب”، بمعنى أنّهم كانوا يطالبون بقانون معيَّن ، ثمّ حين يتبلّغون بأنّ القانون أصبح ساري المفعول، فإنّهم ينتقلون إلى مطلب آخر.
مجلس النواب اللبناني أدرك التكتيك الذي يعتمده الصندوق والبنك، فكان جاهزًا لتلقّف “كرة النار” التشريعية، فأقرّ قانون “التعديلات على السرية المصرفية”، وفق ما أراد الصندوق والبنك، وهذا الإقرار أعطى للوفد اللبناني المفاوض جرعة دعم قوية أتاحت له التفاوض من موقع مريح مع الجانب الدولي.
لكن هل هذا كافٍ؟ بالتأكيد لا، فما هو مطلوب من لبنان أكثر بكثير، وهذا ما يعرفه المسؤولون اللبنانيون خصوصًا أنّ ” داتا” الوضع النقدي والإقتصادي في لبنان باتت لدى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ولم يعد بالإمكان إخفاء شيء ولا سيّما مغاور الهدر والفساد في أكثر من صندوق ومجلس.
وكما التكامل حصل بين ما أُقرَّ في مجلس النواب وفي اجتماعات واشنطن، يفترض أن ينسحب هذا التكامل على العلاقة بين مجلس النواب ومجلس الوزراء، أي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولعلّ أصدق تعبير عن هذا التكامل أنّ رئيس الجمهورية لم ينتظر اليوم التالي على إقرار القانون، لتوقيعه، بل وقّعه في الليلة ذاتها ليصبح نافذًا بعد أن يكون نُشر في الجريدة الرسمية.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() حزب الله والهروب إلى الأمام | ![]() نصف قرنٍ على حربٍ لم تنتهِ بعد | ![]() “خطَّان لا يلتقيان” |