جبران مثل بابوشكا


خاص 22 أيار, 2021

كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان”:

اتريوشكا أو بابوشكا هي الدمية الروسية المصنوعة من خشب الصندل أو الزيزفون المرتبطة بالتراث الروسي، دمية تفتح لتجد في داخلها دمية أصغر حجما. تفتح الدمية الثانية تكتشفأ أنها تحوي ثالثة، والثالثة تبتلع في جوفها رابعة.. وهكذا دواليك حتى تصل إلى سبع أو ثماني نسخ متفاوتة الأحجام من الأكبر إلى الأصغر، وفي كل نسخة فوارق زخرفية بسيطة.
والأكثر شبها، بين السياسيين، بماتريوشكا، هو رئيس التيار العوني جبران باسيل. يحوي الرجل في داخله على جبرانات متنوعة:

جبران ذو الوجه العربي
على هامش القمة الإقتصادية، مطلع العام 2019، التي اقتصر فيها الحضور على الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، وأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد الذي غادر القمة مباشرة بعد الجلسة الافتتاحية، إعتبر باسيل بكلمة بليغة أن سوريا هي “الفجوة الاكبر اليوم في مؤتمرنا، ونشعر بثقل فراغها بدل أن نشعر بخفّة وجودها”. ومما “سوريا يجب أن تعود إلينا لنوقف الخسارة عن أنفسنا، قبل أن نوقفها عنها. سوريا يجب أن تكون في حضننا بدل أن نرميها في أحضان الارهاب، دون أن ننتظر إذناً أو سماحاً بعودتها، كي لا نسجّل على أنفسنا عاراً تاريخياً بتعليق عضويتها بأمر خارجي وبإعادتها بإذن خارجي” ولم يخفٍ جبران بهجته الإستباقية بانتخاب الرئيس الأسد قال في موسكو قبل أسابيع. نبيّ. “فبقاؤه في الحكم سيشجع عودة النازحين”.

جبران المنتصر
تبنّى جبران الماروني البتروني لغة “حزب الله” وأنصاره الممانعين، حيث يلي نهاية كل مقتلة بحق أطفال غزة وقادة حماس والجهاد، وكل جولة تدمير، كلامٌ معطوف على احتفالات بالنصر المبين. إقرؤوا هذه التغريدة:
“عام 2006 أرست المقاومة (الإسلامية) في لبنان معادلة الردع التي ثبتت الإستقرار ولجمت إسرائيل.عام 2021 أرست المقاومة في فلسطين معادلة الردع التي ثبتت حق تقريرالمصير ووضعت حجر الأساس لحل الدولتين. مبروك للنصر الجديد”
لو لم تمهر التغريدة بحرفي G.B لظننت المغرّد واحداً من إثنين:أمين الهيئة القيادية في “المرابطون” العميد المتقاعد مصطفى حمدان أو الرئيس السابق العماد إميل لحّود. انتصرت فلسطين.إنتصرت إيران. إنتصر الرئيس الأسد. إنتصر الحوثيون. وكل انتصار يوضع في خانة التيار العوني بالنسخة الممانعة.

جبران الإنقلابي
إنقلب جبران على ثوابت اتيّاره.
إنقلب جبران على اتفاق معراب، الممهور بتوقيعه وتوقيع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، فنكث بالعهود والبنود.
وانقلب جبران على التسوية بينه وبين سعد الحريري التي أعقبها تحالف إنتخابي في بعض الدوائر منحت كتلة العهد القوي خمسة نواب على الأقل.
وأحدث جبران انقلابا في بيت العماد عون بالتحديد.
وإن لم يٌنتخب رئيساً قبل 31 تشرين الأول 2022 سينقلب على حزب الله في 1 تشرين الثاني.

جبران الصدامي
أخرج رئيس الحكومة تمام سلام، الفائق التهذيب، عن طوره في واحدة من جلسات العام 2015 إلى درجة أن دولة الرئيس خبط بيديه على الطاولة وقال لوزير خارجيته: وقت أنا إحكي إنت بتسكت. يومها أعتبر باسيل أنه والوزراء المسيحيون يمثّلون الموقع المسيحي الأول في زمن الفراغ،وبالتالي يريدون المشاركة في وضع جدول أعمال الجلسة، وبينه وبين ميقاتي.

جبران المشرقي
في النضال الوطني مشرقيّ، في الإنتماء المسيحي مشرقي.وفي المسألة الكيانية مشرقي. حتى في الإقتصاد. ومن بنات أفكاره المستولدة في موسكو ” فكرة انشاء السوق المشرقي الذي يضمّ لبنان وسوريا والعراق والاردن وفلسطين عند انشاء الدولة، وكيف لهذا الإطار الاقتصادي ان يسهم ايجاباً باستقرار المنطقة ويساعد بإعادة اعمار سوريا والعراق وبإنهاض لبنان من محنته، وفي هذا الإطار يأتي موضوع الغاز والنفط بالبر والبحر”.

جبران الأنسيكلوبيدي
” تجربة تميزت بصفات كلها سوء (…) هو ” الأنسكلوبيديا بريتانيكا” من حيث المعرفة. جوابه حاضر في أي شأن. معرفته مكتملة في جميع الأمور. علمه تام. لا يحتاج مشورةً أو رأياً (…) شعبوية النهج. تفرّد في القرار…” قد يخال كثيرون ممن لا يقرأون، أن هذا التوصيف يستهدف جبران باسيل شخصياً وليس عمه يوم كان يقود إنتحارنا الأول. في الواقع ما أشرتُ إليه غيض من فيض ما كتبه النائب ألبير منصور عن العماد ميشال عون الذي حكم المنطقة الشرقية 4 أشهر من دون حرب ( من تشرين الأول 1988 لغاية شباط 1989 ) في كتاب “الإنقلاب على الطائف” الصادر عن “دار الجديد”. لا منصور قصّر في إيفاء الرجل الإستثنائي حقه، ولا كل من روى تاريخ تلك الحقبة وبطلها الخارق.
وما يصح قوله في “جبل” التيار، يصح في تلميذه المجتهد، الذي يطل على اللبنانيين، في مونولوغات، يقدم فيها مشاريع حلول واعدة لأزمة هو أحد أبطالها، كما يعدّ مناهج حديثة في تشكيل الحكومات!
عدا ما أسلفت، هناك نسخ كثيرة تتوالد من بابوشكا اللبنانية.نسخٌ لا تنتهي.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us