وداعاً لـ “البيئة الحاضنة”
كتب زياد مكاوي لـ “هنا لبنان”:
ممكن قراءة ما حدث أمس في جنوب لبنان من أكثر من زاوية. سنعالج في هذه السطور إحداها.
يجد حزب الله نفسه مضطرّاً، للمرة الثانية في غضون أيّامٍ قليلة، لالتزام ضبط النفس بعد تعرّضه لاعتداءٍ في الداخل من قبل مجموعاتٍ هي، بموازين القوى، أضعف منه بكثير.
فعلاً، لو أراد الحزب أن يردّ على عشائر خلدة لأبادها، بما يملك من عدّة وعديد. ولو أراد أن ينتقم للهجوم على عناصره في شويّا، ثمّ على مواطنين شيعة في أكثر من منطقة لفعل. اختار الحزب خطّ التواصل السياسي والتهدئة وتمرير الحادثتين.
ولكن، بعيداً عن ردّتَي الفعل في الحادثتين، يجب التوقف عند درسٍ وعبرة على الحزب استخلاصهما وهو أنّ ما كان يُسمّى بيئة حاضنة للحزب، برزت خصوصاً عند حصول عدوان تموز، أصبحت أضيق بكثير ممّا كانت عليه. غالبيّة الشعب اللبناني، خصوصاً من خارج الطائفة الشيعيّة، باتت ضدّه. عند المسيحيّين، حتى الجمهور “العوني” بات غير موافق على غالبيّة ممارسات ومواقف الحزب. كذلك الأمر بالنسبة الى جمهور الحلفاء في الطائفتين السنيّة والدرزيّة، ناهيك عن العلاقة المتوترة بين جمهورَي حزب الله وحركة أمل.
لم تعد إطلالات السيّد حسن نصرالله منتظرة، لا بل هذه الإطلالات تستدرج ردود فعل سلبيّة كثيرة.
قسمٌ كبيرٌ من اللبنانيّين يُحمّل حزب الله مسؤوليّة ما يحصل لهم وللبلد. هؤلاء لا يحبّون إسرائيل ولكن لا يريدون حرباً معها. يريدون أمناً واستقراراً وكهرباء وبنزين ومازوت ودواء. يريدون حياةً تشبه حياتهم السابقة، فيشرب الكحول من يريد وترتدي الحجاب أو تخلعه من تريد. لا سلطة غير سلطة الدولة. لا سيطرة على منطقة لفريق. لا سلاح يحمله أصحابه ويخيفون به مواطنون آخرون.
وليعلم حزب الله، مهما كانت قوّته كبيرة في طائفته، أنّ خسارته للبيئة الحاضنة في الطوائف الأخرى ستعني بداية هزيمة مشروعه التي قد تحتاج ربما لفترةٍ طويلة، ولكنّها البداية.
فليتعلّم وليلجم “القبضايات” من جمهوره…
مواضيع مماثلة للكاتب:
نهاية الحرب: قريبة أو بعيدة؟ | كيف ستدفع إسرائيل الثمن؟ | هل انتهت الحرب أم بدأت؟ |