لبنانيون يخسرون عملهم بسبب ضعف “الإنترنت”.. عملية خنق المواطن مستمرة: هل تصبح التعرفة وفق دولار السوق السوداء؟!
كتبت نسرين مرعب لـ”هنا لبنان”:
“بسبب الإنترنت والبطء رح اعتذر عن شغل لقيته بالتعليم أونلاين”، هي التغريدة التي كتبها أحد الشبان عبر حسابه “تويتر”، ناعياً وظيفة كانت محتملة وكان بإمكانها ربما، تحسين مستواه المعيشي في وطن بات 70% من أهله تحت خط الفقر!
شكاوى الإنترنت، لم تعد جديدة، وتعايش اللبناني معها بات مخيفاً. فقد اعتاد الجميع في هذا الوطن على رداءة الخدمة، أما الشركات المعنية بهذا الملف سواء أوجيرو أو أم تي سي أو ألفا، فلا تقدم أيّ أجوبة واضحة، وما بين النقص في مادة المازوت وقلة اليد العاملة المعنية بأعمال الصيانة وارتفاع سعر صرف الدولار، تتسابق الأعذار التي تتكرر دوماً، فيما المواطن وحده يدفع الفاتورة.
هذا الشاب الذي أنهى دراسته في العلوم السياسية، لم يجد فرصة عمل في اختصاصه حتى الآن، فسقط رهينة البطالة لسنوات، قبل أن يقرر أخيراً البحث عن أيّ متنفس ولو خارج اختصاصه، حتى وجده في التعليم عن بعد.
وظيفة محدودة، وراتبها بالليرة اللبنانية، هي طبعاً ليست حلماً طبيعياً لشاب لم يتجاوز عمره الـ29 عاماً ويحيا في بلد اقتصاده منهارٌ ودولاره بـ20 ألف، ولكنّها على قلّتها، باتت ضرورة، فالشاب العشريني لا يطمح حالياً لتكوين مستقبل وأسرة، وهو الطموح الطبيعي المشروع، وإنّما كل ما يرجوه هو أن يكون سنداً لأسرته.
وفيما يتعلق بقراره الاعتذار عن الوظيفة، بسبب غياب المقومات الأساسية لها، وهي الإنترنت، يوضح الشاب، الذي رفض التصريح عن اسمه لأسباب خاصة، لـ”هنا لبنان”، أنّه تواصل مع أوجيرو مرات عدّة فكانت الوعود أنّ الحلول القريبة، مشيراً إلى أنّ “مناطق عدّة في محيط سكنه وتنقله بين طرابلس والضنية لا إرسال فيها، فيبحث السكان هناك عن إشارة الإرسال في الزوايا”.
“لا أصدق كل الوعود التي تقولها هذه الشركات”، يقول الشاب، فالأزمة في هذه المناطق وغيرها بدأت منذ شهور ومنذ حينها لم يشهد المواطنون أي حلحلة، فيما كل المؤشرات تقول أنّها ستتفاقم، مضيفاً بغصة: “في هكذا وضع طبعاً سأعتذر عن الوظيفة، أقله حفظاً لماء الوجه، فكيف سأقوم بتأدية واجبي الوظيفي “أونلاين” ولا شبكة تؤمن لي الإرسال”.
القطاع الطبي يدفع ثمن الأزمة أيضاً
الأزمة ليس أزمة العمل في قطاع الأونلاين فقط، فالإنترنت انعكس على كافة القطاعات الحيوية من بينها القطاع الطبي، في هذا السياق يوضح مدير مستشفى طرابلس الحكومي ناصر عدرة لـ”هنا لبنان”، أنّ “الأعطال في سنترال التبانة تؤدي إلى انقطاع خطوط الهاتف والإنترنت عن مستشفى طرابلس الحكومي”، مشيراً إلى أنّ: “انقطاع الإنترنت يؤثر بشكل سلبي على كل من:
1- مركز الأدوية المستعصية الموجود في المستشفى
2- مركز إعطاء بطاقات الاستشفاء الموجود في المستشفى
3- مركز التلقيح الخاص بفيروس كوفيد 19
4- مركز الرعاية الصحية الأولية الموجود في المستشفى
5- قسم التوليد والحضانة
6- إرساليات جميع الجهات الضامنة”.
“الإنترنت” أضعف القطاع الإعلامي
إعلامياً الوضع ليس على ما يرام، فالقطاع الإعلامي الذي يترنّح منذ سنوات، جاءت أزمة الإنترنت لتزيد من أعبائه، هذا ما يؤكده رولان خاطر، الصحافي في جريدة الجمهورية ومقدم الأخبار عبر إذاعة “لبنان الحر”، فيروي لـ”هنا لبنان”، تفاصيل ما يعانون منه فيقول: “في الإذاعة عادة ما نبدأ العمل برصد الإذاعات والقنوات الأخرى، والمراسلين والوكالات والمواقع الالكترونية. وصولاً إلى رصد مواقع التواصل الاجتماعي. في الآونة الأخيرة ومع تراجع خدمة الإنترنت بتنا نواجه صعوبة في عملية الرصد مما عطّل العمل بشكل كبير داخل غرف الأخبار، وكثيراً ما أصبحنا نستخدم الإنترنت على الهواتف كبديل لأوجيرو. وفي بعض الأحيان كنا نضطر لإعادة صياغة نشرات أخبار وسائل إعلام أخرى وتسجيلها نظراً لعجزنا عن تحضير المطلوب في الوقت المحدد نتيجة الأزمة”.
أما فيما يتعلق بالعمل في الصحف فهو وفق خاطر يختلف، قائلاً: “في الصحف الوضع مختلف، ولكن تصادفنا العديد من المشاكل التقنية بسبب بطء الإنترنت من بينها:
– التأخّر في الانتهاء من تصحيح المواد الإخبارية وصفّها ومراقبتها وإرسالها إلى المطبعة في نهاية دوام العمل.
– تأخر المطبعة بدورها في إنجاز عملها وطباعة الصحف وتسليمها في الوقت المناسب لتوزيعها صباحاً على المشتركين”.
ويوضح خاطر أنّ “مشاكل الإنترنت تزامنت ومشكلة المازوت وانقطاع الكهرباء وغلاء البنزين، ما دفع العديد من الصحف إلى الطلب من موظفيها العمل من المنزل، وهنا كانت مشكلة الإنترنت نفسها فبتنا نلجأ إلى المقاهي والمطاعم”.
وضع الإنترنت في لبنان، يشبه وضع “البلد”، و”أوجيرو” العاجزة عن إيجاد حل جذري، تمنّي المواطنين بالوعود، وبفرج قريب. فيما يؤكد متابعون أنّ الأزمة مستمرة إلى حين احتساب تعرفة الإنترنت وفق دولار السوق السوداء!
إذاً، هي عملية خنق للمواطن، تشبه طوابير الذل التي جعلته يرجو الطبقة السياسية احتساب المحروقات وفق سعر السوق السوداء كي يحظى ببعض الكرامة. وها هو السيناريو نفسه يتكرر اليوم فيما يتعلق بالإنترنت، والذي بات حاجة أساسية للدراسة والعمل والتواصل مع الخارج!
فهل نصل إلى تسوية مفادها، ادفعوا بالدولار واحصلوا على خدمة الانترنت؟ من يعلم.. في لبنان “الفوضى”، المواطن دوماً ضحية!
مواضيع مماثلة للكاتب:
أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! | نعيم قاسم “يعلّم” على الجيش.. الأمين العام “بالتزكية” ليس أميناً! |