عواصف قطبية ومن ثم مدارية حتى نهاية هذا العهد الجليدي البارد… عقيص لـ “هنا لبنان”: التيار يضع الانتخابات بغيمة من الشكوك
كتب طوني سكر لـ”هنا لبنان”:
انتهت منتصف ليل السبت 20 تشرين الثاني مهلة تسجيل المغتربين للمشاركة في الانتخابات النيابية المقررة في 27 آذار المقبل واستقرت الأرقام على 244442 مسجل مقارنة بـ 92810 في انتخابات 2018، رقم كبير يقلق العهد والمنظومة الحاكمة لحدّ اختلاق أعذار دستورية بنيّةٍ واحدةٍ وهي تأجيل الانتخابات إلى أن يصل الفرج وكأن الفرج يأتي من المريخ، وتحت شعار حماية حقوق الاغتراب وقبل انتهاء مهلة تسجيل المغتربين كانت لهم هدية ملغومة عبارة عن طعن نيابي من تكتل لبنان القوي لقانون “التعديلات على قانون الانتخاب” ومن أحد أبرز نقاط الطعن تقييد حق المغتربين بستة نواب فقط، وكأننا نعيش بجمهورية فيها الأمان والسلام والبحبوحة وراحة البال، ولا ينقص مغتربيها إلا ممثلون لهم في الاغتراب ينقلون هواجسهم إلى دولتهم الأم الحنون التي لم تبخل عنهم يوماً إلا بتوتير صفاء علاقاتهم مع الدول التي احتضنتهم.
ولحين صدور قرار المجلس الدستوري بهذا الشأن ما على أصحاب الطعن إلا الصلاة لأن يكون شتاء لبنان قاسياً طويلاً ويأكل بدربه الربيع، كما الصلاة بأن يتبع هذا الشتاء القاسي عواصف مدارية ومن ثم قطبية حتى نهاية هذا العهد الجليدي البارد.
وعن نية التيار بتأجيل الانتخابات النيابية كان لنا حديثٌ مع عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص خصّ فيه موقع “هنا لبنان” واعتبر فيه أنّ “الطعن المقدّم من تكتل لبنان القوي بالتعديلات على قانون الانتخاب بتوقيته يثبت نية التكتل استنفاذ كل المهلة الدستورية المعطاة لهم وذلك لتأخير صدور قرار المجلس الدستوري، وبالتالي وضع الانتخابات بأكملها خلال فترة الطعن الفاصلة بين تقديم الطعن وصدور القرار بغيمة من الشكوك حول أيّ صيغة من القانون سيستقر عليها المجلس الدستوري، ومدى تأثير الطعن والقرار الذي سيصدر بنتيجته على كافة المهل الدستورية المنصوص عليها في القانون”.
ولفت أنّه” كان من المحبذ على التيار الوطني الحر عدم الطعن بالقانون وأن تكون الانتخابات في آخر شهر آذار، مع أخذ العوامل المناخية بعين الاعتبار ولكن هذا لن يؤثّر بالتأكيد على مجرى العملية الانتخابية وحق المواطن بالانتخاب”.
وفيما خصّ تخصيص مقاعد في المجلس النيابي للمغتربين أكد عقيص أنّ “هناك دولًا عديدةً تنتهج إتاحة المجال أمام المغتربين غير المقيمين على أراضيها لانتخاب النواب المرشحين داخل الدولة أي ضمن الدوائر الانتخابية الداخلية، وهناك دول تنتهج تصويت المغتربين لمقاعد اغترابية تمثل دوائر محددة في المهجر بحسب كثافة الاغتراب. النهجان معمول بهما حول العالم، فكل دولة تختار النهج الذي يناسب أجواءها السياسية والذي يناسب المصلحة العليا. فما يناسب المغتربين اللبنانيين هو مشاركتهم اليوم بتغيير الطبقة السياسية والمشاركة بفرض دم جديد في المجلس النيابي وفرض أكثرية نيابية حديثة لأن همّنا اليوم ليس مشاكل المغتربين في الاغتراب، بل همّنا مشاكل المقيمين داخل لبنان وهي أكثر وأكبر، من هنا فضّلنا كتكتل الجمهورية القوية أن نُبقيَ على الاستثناء الذي أقرّيناه في العام 2018 وصوّتنا لمصلحة انتخاب المغتربين كلٌّ حسب محل قيده في لبنان”.
وأضاف أنّ “كلّ الذرائع والتبريرات التي سيقت من قبل التيار الوطني الحر وتمسكهم باقتراح النواب الستّ لتمثيل الاغتراب هي غير مقنعة، فلم تقنع اللبنانيين المقيمين ولا اللبنانيين المغتربين أنفسهم. وكنت أتمنى لو كانوا حريصين لهذه الغاية على مصالح المغتربين أن يقوموا باستطلاع رأيهم كأصحاب حق بسؤالهم أيّ طريقة انتخاب يريدون؟ بالتأكيد كان سيتبيّن للتيار الوطني الحر ولكافة السياسيين أنّ المغترب اللبناني توّاقٌ إلى ممارسة حقّه الديمقراطي عبر إنتاج طبقةٍ سياسيةٍ داخل لبنان، أكثر بكثير من همّه بأن يكون له ممثلون في الاغتراب”.
وتابع بأنّ “هناك مشاكل تمّ التعبير عنها بلسان وزير الداخلية والبلديات الذي سأل كيف لنا أن نقسم نواب الاغتراب على الطوائف ووفق القارات فهناك تعذّر كبير جداً في الاختيار، لأن هناك انتشارًا لبنانيًّا في جميع القارات ومن كافة الطوائف وربما سيكون هناك شعورٌ بالغبن عند بعض الجماعات إذا تمّ اختيار طائفة معنية دون غيرها لتمثيل اللبنانيين في إحدى القارات. فلكل هذه الأسباب مجتمعةً كنا مع انتخاب المغتربين في الدوائر الـ 15”.
وتابع “للأسف نحن مضطرون للانتظار إلى منتصف شهر كانون الأول لمعرفة قرار المجلس الدستوري بالنسبة للطعن المقدم من تكتل لبنان القوي، هذا إذا استطاع المجلس الدستوري تأمين النصاب المطلوب لصدور قراره الذي هو 7 أعضاء من أصل 10 عليهم التوقيع على القرار لكي يتمكنوا من اتخاذ القرار، فأي أكثرية أقل من 7 أعضاء على 10 لا تمكّن المجلس الدستوري من استصدار قرار”.
وعن رأيه بأرقام المسجلين في الاغتراب للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة قال إنّ “الأرقام أثبتت أنّ المغترب لم ينسلخ عن هموم وطنه، والأكيد أنّ المغتربين من الجيل الأول وليس الثاني والثالث والرابع كما في دول أميركا اللاتينية، أي الذين اضطروا قسرًا لمغادرة لبنان بسبب الظروف الاقتصادية، ومن بينهم الذين اضطروا مؤخراً للمغادرة، بعدما بقيوا لسنوات عاطلين عن العمل، والذين وضعتهم المنظومة الحاكمة اليوم في مواجهة المشاكل مع دول الخليج التي حضنت أكثرهم، وهم يعيشون هناك قلقًا كبيرًا جداً على استمراريتهم بوظائفهم، فهذا الغضب الذي تولد عند هؤلاء المغتربين أتوقع أن يترجم في صناديق الاقتراع، وأظن أنّ أحزاب السلطة مدركةٌ تماماً أنّ التصويت الاغترابي سيصب ضدّ مصالحها”.
ولجهة أين سيصب تصويت المغتربين، هل لصالح القوات اللبنانية أم للوجوه الجديدة في المجتمع المدني أم لأحزاب سيادية أخرى، فيجيب عقيص “لا نعلم ولا يهمنا أن نعلم بدقة عن توجهاتهم لأنه بالإجمال هذا التوجه يرضينا أين ما ثبتت هذه الأصوات في المحصلة. فنحن مدركون أنّ ارتفاع أرقام التسجيل الاغترابي يخيف السلطة ومن ضمنهم وفي طليعتهم التيار الوطني الحر المتوجّس من العملية الانتخابية ومن نتائج تصويت المغتربين”.
ودعا المجلس الدستوري “أن يعمل فقط بالدستور وما تستدعيه المصلحة العامة ويرى إذا كان فعلاً ما صوّت عليه مجلس النواب بالجلسة الأخيرة هو فعلاً دستوريٌّ أم لا، لأننا كحزب سياسي لا نرى في هذا القانون أيّ مسّ بأيّ حق دستوري، لأننا لم ننتقص من الضمانات الدستورية للمغتربين بل بالعكس نحن حافظنا عليها، وقلنا أنه من مصلحة المغتربين ومن مصلحة الشعب اللبناني أن يشاركوا بالاقتراع ضمن الدوائر الـ 15 وليس حصر تصويتهم على 6 مقاعد في الخارج. فكلنا أمل بأن لا يتعرض المجلس الدستوري للضغوطات والأكيد أنّ على السلطة السياسية عدم ممارسة الضغط عليه كالمحكمة الدستورية العليا التي يجب أن تبقى دائماً بعيدة عن التدخلات السياسية… فلننتظر هذا الشهر لمعرفة كيف سيكون توجه المجلس الدستوري بشأن اتخاذ القرار بالطعن”.
إلى ذلك اعتبر عقيص “أن هذه الانتخابات هي انتخابات كل الشعب اللبناني مقيمين ومغتربين”، ودعا الناخبين “للتوقف عن التصويت لأشخاص يعملون في السياسة دون رؤية واضحة ودون برنامج واضح، لأن مستقبل وطننا بالكامل على المحك فاليوم ليس وقت مسايرات مناطقية وطائفية اليوم يجب على الشعب اللبناني أن يختار على أساس عناوين والعناوين أبرزها وأولها العنوان السيادي”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
بسام مولوي من معدن الرجال الرجال! | لبنان يتأرجح بين مطرقة شاوول وسندان الشامي! | انتخابات القوات أمثولة… كيروز لـ “هنا لبنان”: القوات إطار جامع لأجيال المقاومة |