عمليات التّجميل تنشط في عزّ الانهيار وتنافس “لقمة العيش”
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان” :
عيادات التّجميل تكتظّ بالمنتظرات رغم الأزمة الاقتصاديّة، فالمظهر الأنيق يبقى أولوية لدى اللّبناني “يلي بيدين ليتزيّن”، لو اضطره الأمر.
داخل إحدى العيادات تعترف سامية بالخطأ لأنها ستدفع 500 دولار ثمن حقنتي “بوتوكس” و”فيلر” فيما الكثير من النّاس ينامون جياعاً، ولكن هذه العمليّة تقوم بها مرة كل ستّة أشهر، فإزالة آثار التّقدم في السّن أمر ضروري بالنسبة لها ولا يقل أهمية عن الأساسيات، ولو لم تخترع هذه الحقن لتقبلّت علامات الكبر وتأقلمت معها.
فهل ما زال بإمكان اللّبنانيين الاستمرار على نفس الوتيرة فيما يخص عمليّات التّجميل بعد الغلاء الذي طال كل شيء، وفي الطليعة حقن “البوتوكس” و”الفيلر” والتي وصلت كلفتها إلى حوالى 200 دولار؟ من هي الطّبقة الاجتماعية التي تقبل على هذا النّوع من الخدمات التّجميليّة؟ كيف يستطيع اللّبنانيون الموازنة بين الضروريّات والكماليّات اليوم في ظل تدهور قيمة العملة الوطنيّة أمام سعر صرف الدّولار في السّوق الموازية؟
طبيب التجميل د. طارق الحسامي يقول لـ “هنا لبنان” : “عاد التجميل إلى زخمه مجدداً، حيث شهدت العيادات إقبالاً كبيراً من الزبائن وزيادةً في الطلب على حقن الفيلر وحقن البوتوكس وحقن الوجه وتجميل الأنف بنسبة 60% تقريباً رغم أنّ سعرها أصبح “بالفريش دولار”، رغم الأوضاع الكارثيّة التي تمرّ على لبنان، فاللّبنانيون لطالما أحبّوا الإعتناء بجمالهم ومظهرهم الخارجي”.
ويشير د. الحسامي إلى نوعين من حقن التّجميل في الأسواق، منها ذات الجودة والنّوعية الممتازة، وكلفتها مرتفعة، قد تصل إلى 500 دولار تقريباً، أمّا النوع الثّاني فهي الحقن المغشوشة التي تغزو السوق اللّبناني، منها ما هو مصنّع في شرق آسيا ، ومنها ما هو مصنّع في سوريا وتكون ذات أسعار منخفضة، لافتاً إلى أنّ الأسعار الوسطية تبقى الحل الأنسب.
ويشدّد الحسامي على ضرورة اختيار طبيب التّجميل المناسب وإجراء الحقن في العيادات وليس في دكاكين التّجميل، مع ضرورة الانتباه إلى أسعار المنتجات.
ويشدد على أن “بعض الأشخاص يقتحمون عالم التّجميل ويستخدمون المنتجات المزورة ذات الأسعار المنخفضة بهدف جذب الزبائن وتحقيق مزيد من الأرباح، ولكنها تتسبب بأضرار وتشوهات كبيرة. لذا على وزارتي الصّحة والاقتصاد والنّقابات المعنيّة مراقبة وضبط الأسواق اللّبنانية”.
وعمّا لو أصبحت حقن “الفيلر” و “البوتوكس” محصورة بطبقة اجتماعية معينة، يقول: “إنها مطلوبة من كلّ الطبقات”.
عالم التّجميل في لبنان ينافس “لقمة العيش”، رغم الأزمات المتتالية التي تمر بها البلاد إذ تتّخذ منحىً تصاعدياً ويتم الإقبال عليها بشكل غير مسبوق. فهل أصبح الشغف المتزايد أزمة نفسية أم هوسًا اجتماعيًّا؟
الأخصائية في علم النّفس د. سهام رمضان تؤكّد أنّ نسبة اللّبنانيات اللّواتي يقمن بعلاجات تجميلية بشكل متكرر مثل “البوتوكس” و”الفيلر” لم تنخفض، رغم أنها باتت مكلفة وبالدولار الأميركي، ويعود ذلك إلى طبيعتهنّ وحبّهنّ للمحافظة على جمالهن، رغم الصعوبات المادية التي يعيشها لبنان.
وتتابع الملفت أن البوتوكس والعمليات التّجميليّة البسيطة ما زالت حاضرة بشكل شبه اعتيادي في الروتين الجمالي لدى اللّبنانيات واللّبنانيين، سيما وأنها الوسيلة الوحيدة التي تزيد من الشعور بالطاقة الإيجابية للواتي تحاصرهن الأزمات نفسياً ومادياً.
وعن الأشخاص الأكثر خضوعاً لعمليات التّجميل تقول: “إضافة إلى المراهقات اللّواتي يرغبن في تقليد نجماتهن المفضلات، هناك عدد من النساء اللواتي يسعين الى التّغيير لأسباب مختلفة، فمنهن من يهدفن ببساطة، إلى محاربة الشيخوخة، ومنهن من يتأثرن بالموضة إلى حد بعيد فيلتزمن المقاييس التي تفرضها ولو اقتضى الأمر الخضوع لعمليات تجميل، وبينهن من يرضخن إلى إرادة الشّريك العاطفي الراغب في التغيير وفي تحسين الشّكل الخارجي. وهناك أيضاً ذوات الشخصيات الهستيرية اللواتي يرغبن في لفت الانتباه بصورة دائمة، فيعمدن إلى التجميل والتّغيير بطريقة دراماتيكية للفت النّظر فقط لا غير”.
وتختم رمضان أنه “على الرغم من الأزمات الاقتصادية التي تعصف بلبنان، يبقى المظهر الأنيق لدى العديد من اللّبنانيين واللّبنانيات من الأولويات، ويبقى الاهتمام بالشكل مفتاح الجمال، وخاصة للمرأة اللّبنانية التي صارت تلجأ بشكل لافت إلى عمليات التّجميل وشدّ الوجه والجسم وإزالة آثار التقدم في العمر”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |