“التّقنين يطال أدوية علاج الإدمان” والوزارة تبشّر بتوزيعها مجاناً
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
رحلة العلاج من الإدمان على المخدّرات بخطر، فأدوية “العلاج البديل” والمعروفة باسم (OST) للإقلاع عن المواد الأفيونية مقطوعة أو تكفي لمدّة أسبوع كحدٍّ أقصى، هذه الضّربة “الموجعة” تلقّاها الذين يقومون بعلاج إدمان المخدرات، بعد أن ارتفعت أسعارها خمسة أضعاف تقريباً عما كانت عليه، إذ تبلّغت المراكز الصّحيّة والجمعيّات مؤخراً عن خطر فقدان الأنماط العلاجيّة نهاية الشّهر الجاري، ما يهدّد مصير 1300 شخصًا في طور العلاج من الإدمان، عدا عن الأشخاص غير المسجّلين لدى وزارة الصّحة رسمياً. فماذا ينتظر هؤلاء؟ وهل ستدفع وزارة الصّحة بالّذين قرروا الخروج من دائرة الإدمان خطوة إلى الوراء؟
الدكتورة رنا البسّام الطبيبة النّفسية والأخصّائيّة في علاج الإدمان، تؤكد لـ “هنا لبنان” أنّ قسمًا من أدوية الإدمان الكلاسيكيّة أي المصنّفة للأمراض المزمنة والعقليّة والنّفسيّة مفقودة من لبنان منذ حوالي ستة أشهر تقريباً، فيما البعض يؤمّنها من الخارج، أمّا أدوية “العلاج البديل” للمرضى الذين يتعاطون المواد الأفونيّة والتي تعطى عبر وزارة الصّحة وتوزع على ثلاثة مستشفيات حكومية، هي مستشفى رفيق الحريري الحكومي، مستشفى ضهر الباشق الحكومي، ومستشفى الهرواي الحكومي، أصبحت مهدّدة بالفقدان قريباً.
وتتابع “بدأت المراكز بتخفيف الجرعات بنسبة 25% للمرضى، لضمان توافر الدّواء في المستشفيات مدةً أطول، وتحسباً من انقطاعه الكلّي، لأنه لا يمكن قطع الدّواء فجأة عن المرضى”.
وتشير البسّام إلى أنّ دواء Suboxon انقطع منذ فترة والكميّات الموجودة كانت منتهية الصّلاحية، واستبدل بالـ Buprenorphin الذي لا يزال متوفرًا بكميات قليلة في لبنان، علماً أنّ سعره ارتفع من 28 ألف ليرة إلى 108 آلاف.
كما وتلفت إلى أنّ “خيار علاج الديتوكس في المنزل، بمتابعة الطبيب، أصبح صعباً لأن أدوية الأعصاب المخصصة لهذا العلاج مفقودة في الصّيدليات أيضاً”.
من جهته، يشير المدير التّنفيذي ومثقّف الأقران في مركز “ريسيت” لعلاج الإدمان الياس ضو، إلى أنّ “ارتفاع أسعار أدوية علاج الإدمان حوالي الخمسة أضعاف أثّر على المرضى، ولكن التّأثير الأكبر كان بفقدانها من الأسواق اللبنانية، وإجراء وزير الصّحة الأخير بخفض كمية العلاج وإعطاء الدواء للمرضى أسبوعياً زاد الأعباء عليهم، فالمريض الآتي من زحلة مثلاً أصبح يدفع بدل مواصلات كل أسبوع بعد أن كان يدفعها كل أسبوعين من أجل الحصول على الدواء”.
ويلفت إلى أنّ “فقدان الدّواء سيضع المدمنين أمام خطر الانتكاس مجدداً، والعودة إلى تعاطي الهيرويين والمواد الأفيونية، وقد يكونون عرضة للـover dose في هذه الحال، لأن جسمهم قد نظف من المخدرات، وأي مخاطرة في التعاطي مجدداً تعرضهم لآثار جانبية خطيرة تهدّد حياتهم”.
ويختم ضو بالقول أن “فقدان أدوية الإدمان يعني قتل من أراد العلاج”.
فهل بهذه الطريقة تدعم الدّولة مشوار التّعافي، ومن تحدّى واقعه وأراد النهوض بحياته مرة ثانية؟
رئيسة مصلحة الصيدلة في وزارة الصحة كوليت رعيدي تقول: “بقي الدّعم على أدوية الإدمان بنسبة 80%، أي تمّ رفع الدّعم عنها جزئياً بنسبة 20%، وهي نسبة ليست كبيرة، لكن المريض سيشعر بفرق الأسعار كونها تحتسب على أساس سعر صرف الدّولار في السّوق الموازية”.
وتؤكّد أن “وزارة الصّحة قامت بمساعٍ على أكثر من مستوى لتأمين الأدوية المستخدمة في علاج الإدمان على المخدرات والحؤول دون انقطاعها، وقد تمّ الاتفاق مع الشركة المصنعة لدواء Suboxone على استبدال كمية الأدوية المنتهية الصلاحية لدى الوكيل (حوالي 2400 علبة) بكمية صالحة للاستعمال. كما وستعمل الوزارة على تأمين كميات إضافية من الـ Buprenorphine.
وتطمئن رعيدي جميع متلقي العلاج بعدم انقطاع الدواء كما يشاع، “فقد تمّ التّنسيق مع السفارة الفرنسية لإرسال هبات من هذه الأدوية إلى لبنان، ومن المفترض أن توزّع مجاناً على كل مريض مسجّل في دائرة المخدرات، ويتلقى علاجه في مراكز علاج الإدمان مطلع الأسبوع المقبل في المراكز التي يتم بيع الأدوية فيها.
وتلفت إلى أنّ الوكالة الفرنسية للتنمية AFD ستقوم بمساعدة وزارة الصّحة على تغطية كلفة الفطام عن الدّواء “Detox” لدى المرضى.
وتختم “الوزارة مستمرة في التّواصل مع مصرف لبنان للبتّ بطلبات فتح الاعتماد وتسريع عملية استيراد هذه الأدوية المطلوبة”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |