الحريري ينسحب من انتخابات 2022.. تشتت سنّي غير مسبوق!
ترجمة هنا لبنان
كتبت بولا أسطيح لـ “ici beyrouth“:
من المتوقّع أن يعلن زعيم تيار المستقبل، رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، قريباً عزمه عدم الترشّح للانتخابات النيابية المقبلة، وعدم دعم أيّ لوائح.
وقد أبلغ الحريري المتواجد خارج لبنان منذ أشهر، أقاربه والشخصيات المعنية بالقرار الأسبوع الماضي عبر Zoom، متذرعًا بذرائع شخصية وسياسية ومالية.
وبحسب مصادر مطلعة فإنّ الحريري كان بصدد اتّخاذ هذا القرار منذ فترة، لكنّ عدّة أوساط، بينها عائلية، حاولت دفعه إلى التراجع وحشدت شخصيات مختلفة لإيجاد سبل للخروج من هذه الأزمة، وخاصّة المالية، ولكن دون جدوى.
ويعدّ نقص مصادر التمويل هو السبب الرئيسي وراء قرار الحريري، الذي فشل بإقناع الإماراتيين بتمويل حملته، إذ أوضحت أبو ظبي أنها لا تريد أيّ خلافٍ مع الرياض.
إلى ذلك ما زالت السعودية، تضع “فيتو” على عودة الحريري.
ومن الحلول التي طرحت أيضاً لتمويل الحملة الانتخابية، ترشيح رجال أعمال على لوائح المستقبل، كما فعل التيار الوطني الحر خلال الانتخابات النيابية في العام 2018. لكن لا يبدو أن هذه المبادرة قد وصلت إلى خواتيمها السعيدة.
في النهاية، سيدعم تيار المستقبل اللوائح التي شكّلتها شخصيات مقرّبة منه، ومعظمهم من الأثرياء، مع عدد قليل من النواب الحاليين.
وتأتي أزمة تيار المستقبل وسبل التعامل معه في سياق تشتّتٍ غير مسبوق على الساحة السنية، فهذه الساحة اليوم دون قيادةٍ قويةٍ قادرة، على عكس الطوائف الأخرى.
وما يفاقم من حالة الإحباط هذه هو شعور الطائفة السنية بأنّ مرجعيتها الإقليمية قد تخلّت عنها بعد القرارات السعودية الأخيرة، والتي تعتبر الساحة اللبنانية ساحةً واحدةً دون تمييزٍ بينها على أساسٍ مجتمعي.
وقد فشلت مؤخّراً جميع المحاولات التي قامت بها شخصيّاتٌ سنيةٌ معروفة، لفرض نفسها كبديلٍ على الناخبين في المجتمع المحلي أو الخارج، وتطمح هذه الشخصيات إلى أن تحلّ محلّ سعد الحريري.
وما زالت الأغلبية السنية تعتبر الحريري زعيمًا لها، مع الاعتراف بأخطائه وخياراته السيئة، وآخرها بالتحديد الانسحاب من الانتخابات التشريعية المقبلة وترك المشهد السنّيّ بلا حولٍ ولا قوة.
ووفق آخر الإحصائيات الصادرة عن حزبٍ سياسي، لم تتردّد نسبةٌ معينةٌ من الناخبين بالتصويت لشخصيات من المجتمع المدني وجماعات الثورة، اقتناعاً منها بضرورة التغيير، غير أنّ هذا الأمر لا ينطبق على الغالبية السنية، غير المقتنعة بالخيارات المطروحة عليها، حتى بهاء الحريري فشل في تحقيق وجودٍ رسميٍّ يسمح له بمتابعة مسيرة العائلة.
ومن يشرفون على مشروع بهاء الحريري يدركون هذا الواقع، لكنّهم يدركون أيضاً تأثير كرة الثلج، دون توقع نتائج مبهرة في الانتخابات المقبلة، وهؤلاء يقولون إنّ مشروعهم بدأ اليوم فقط، ولن ينتهي حتّى بنتائج الانتخابات النيابية المقبلة.
وحتّى رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، الذي يصرّ على بقاء حكومته على الرغم من عدم قدرته على توحيدها، يفكر أيضًا في أن يكون بديلاً للحريري، ويطمح ميقاتي لأن يرسخ نفسه بدايةً كأول حاكم سنّي لمدينة طرابلس في الانتخابات الأخيرة، في محاولة منه لتوسيع نطاق قيادته، وهذا وفق مصادر سياسية بارزة شبه مستحيل.