تجنيد شبان لصالح داعش العراق: ماذا يحصل في طرابلس؟
كتبت بولا أسطيح لـ”Ici Beyrouth“:
لا تزال قضية الهروب المزعوم، لعشراتٍ من شباب طرابلس إلى العراق للانضمام إلى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، تتصدّر عناوين الصحف، خاصّةً وأنّ الجهود تُبذل لإعادة عددٍ كبيرٍ منهم، لا سيّما أولئك الذين لم تصدر بحقهم أيّ مذكرة توقيف.
هذه القضية التي بدأت منذ ثلاثة أشهر، تثير العديد من التساؤلات، فمحاولة وصم هذه المدينة بأنّها ملجأٌ للإرهابيين، تخفي العديد من المخططات.
وتعدّ طرابلس من أفقر مدن حوض البحر الأبيض المتوسط، وتجمع كل العوامل التي قد تدفع بالشباب عادةً إلى الهروب وتعريض حياتهم للخطر.
علماً أنّه قبل شيوع الأنباء عن هرب شبّان للالتحاق بداعش العراق، عمد الكثير من الطرابلسيين إلى مغادرة المدينة على متن قوارب مؤقتة، أطلقوا عليها اسم “قوارب الموت”، وكانت الجهة المستهدفة في تلك المرحلة أوروبا أملاً بمستقبلٍ أفضل، وقد خسر العديد منهم حياتهم.
دوافع أخرى للهرب نحو العراق
تمكّن موقع “ici Beyrouth”، من رسم خريطة استناداً إلى المعلومات التي حصل عليها إن من قبل قوى الأمن الداخلي، أو من قبل أولياء أمور الشباب الذين غادروا، كما من الشخصيات الطرابلسية التي تابعت هذه القضية.
القصة بدأت في آب الماضي، بعد اغتيال أحمد مراد – العضو السابق في جهاز استخبارات الجيش اللبناني – المعروف أيضًا باسم أبو زياد مراد، على يد عناصر مسلحة على متن دراجةٍ نارية، وزعمت نتائج التحقيق، أنّ الجريمة ارتكبها أفراد من خليةٍ تابعةٍ لداعش.
بعد أسابيع قليلة، وتحديداً في أيلول، أقدمت مخابرات الجيش في طرابلس على اعتقال عددٍ من الأشخاص بتهمة تشكيل خليةٍ تابعةٍ لداعش وحيازة أسلحةٍ وذخيرةٍ لزعزعة استقرار المدينة.
وبحسب”ici Beyrouth”، فقد صدرت مذكرات توقيفٍ بحق عشراتٍ من سكان المدينة، الأمر الذي دفعهم للهرب إلى العراق “للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية هناك”.
ومع أنّ التفاصيل المرتبطة بتورط داعش في اغتيال أحمد مراد دقيقة، إلا أن تلك المتعلقة بالمغادرة إلى العراق والانتماء المزعوم لعشرات من أبناء طرابلس للجماعة الإرهابية لا تزال غامضة.
وبحسب التفسيرات المطروحة، فإنّ موجة الاعتقالات دفعت بالفارّين إلى “التجاوب السريع مع عروض تنظيم الدولة الإسلامية للانضمام إلى صفوفه في العراق، خوفًا من الاعتقال في لبنان”.
وفي الوقت نفسه ، حاول تنظيم داعش “تجنيد شبان آخرين، وخاصة القاصرين الفقراء، للاعتقاد بأنهم سيساهمون في الإفراج عن زوجات وأطفال مقاتلي التنظيم اللبنانيين الذين قتلوا في سوريا أو العراق، المحتجزين لدى السلطات العراقية”.
وبحسب المصادر المطلعة على الملف، فإن أكثر من 130 شاباً طرابلسياً غادروا إلى العراق عبر سوريا، في مجموعاتٍ تألفت من 30 إلى 50 شخصاً، ولا تحدد هذه المصادر كيف تمكنت هذه المجموعات من عبور المناطق الخاضعة لسيطرة القوات السورية، لكنها تشير إلى أنّ المجندين الشباب تدربوا في سوريا قبل إرسالهم إلى الخطوط الأمامية في العراق.
ووفق المعلومات فإنّ العديد من الآباء لم يحاولوا الاتصال بأبنائهم منذ اللحظة التي اكتشفوا فيها رحيلهم.
يقول شقيق أحد الشبّان الذي قتلوا في العراق لـ “ici Beyrouth”، أنّه لم يحاول حتى التواصل مع أصدقائه لمعرفة المزيد عن وفاته أو إعادة جثته، خوفًا من اتهامه بالانتماء إلى داعش، الأمر الذي قد يؤدي به إلى السجن لفترةٍ طويلةٍ قبل أن يتمكن من إثبات براءته، مؤكداً أنّ هذا الأمر “بيد السلطات اللبنانية التي يقع على عاتقها إعادة جثث القتلى اللبنانيين في العراق”.
في المقابل تستبعد مصادر أمنية لبنانية عودة تنظيم الدولة الإسلامية إلى لبنان، باعتبار أنّ “تجنيد التنظيم لشباب لبنانيين يخدمون في العراق يظهر أنّ ليس لديه أيّ خطط في الوقت الحالي في الداخل اللبناني، وأنّه لا يزال يركز على سوريا والعراق”.
وتبقى الحقيقة بالنسبة لهذه المصادر أنّ “نجاح التنظيم في تجنيد أكثر من 130 شخصًا في غضون شهرين يعد مؤشرًا مقلقًا، الأمر الذي يتطلب الانتباه لعدم استيقاظ محتمل لخلايا نائمة يمكن أن تتدخل في أيّ وقتٍ على الأرض في الأشهر القادمة”.