رؤساء الجمهوريات… كم هو عار أن يكون لديك صهر!
عندما يبتلى زعيم سياسي بصهر “ذكي”، فهو حتماً سيعاني من مشكلات عدة وقد يكون فعلاً في ورطة، فعلى سبيل المثال استقال الرئيس الفرنسي الأسبق جول جريفي عام 1887 بتهمة الاحتيال التي ارتكبها دانيال ويلسون المعروف بصهر السيد، كما أن موسوليني لم يأخذ بعين الاعتبار أن سيانو هو صهره قبل إعدامه بتهمة الخيانة العظمى، ولا يمكن نسيان المصير الذي قرره صدام حسين لأزواج ابنتيه!..
ولكن هل يعني كل ذلك أننا سنشهد قريباً سقوطاً مدوياً لمحتكر الحقوق والمطالب المسيحية؟، وذلك وفق مقال نشره الكاتب يوسف معوض في “Ici Beyrouth“.
ولفت المقال إلى حجم المصيبة بأن “يكون لديك صهر (…)، كان علي أن أستغل كل لحظة وكل ما أملك.. اسمي، رصيدي، وأموالي لإصلاح كل ما أفسدته حماقاته.
إن جمهورية الطائف، التي بدأت بالرئيس الياس الهراوي، يمكن أن تسمى “جمهورية الأصهار”، وهي كالبابوية خلال عصر النهضة المجيد، عاشت جيدًا على المحسوبية والفنون، لكن من سيشتكي، في ظل توفر العديد من الأمور التي تبهج الروح والعيون!
ويعتبر اللبنانيون فرنسا قدوة لهم حتى في إخفاقاتها، في حين أن تاريخ فرنسا مشبع بالأحداث الساخنة، كقصة قلادة الملكة ماري أنطوانيت وغيرها من الفضائح التي تعتبر مادة دسمة تمتع الصالونات الباريسية، وفق المقال.
ومن بين الفضائح الفرنسية كانت هناك فضيحة الأوسمة وصهرها التي تشبه بشكل وثيق ما يحدث في لبنان لدرجة أن المرء سيخال نفسه في حقبة الجمهورية اللبنانية الثانية.
إن ما يسمى بـ”فضيحة الأوسمة” يؤكد لنا أنه كلما اقترب الإنسان من دوائر السلطة، زاد ميله إلى استغلال “الأوسمة المميزة”.
دانيال ويلسون، الصهر السيد
في عام 1887، كان جول جريفي رئيسًا للجمهورية الفرنسية، وكان صهره دانيال ويلسون نائباً تم تنصيبه في الإليزيه، عمد إلى إبرام صفقات مثمرة، مستغلاً والد زوجته لمنح أوسمة لمن يريد مكافأته.
ويكشف هذا السيناريو “كيفية الإساءة في استغلال الوظيفة السياسية والسلطة والنفوذ… ضمن تقارير على علاقته بالنزاهة العامة”.
بعدما تناقلت الصحافة ووسائل الإعلام تفاصيل الفضيحة، استقال الرئيس غريفي. فقد كان من الخطر أن يكون لديك أحد بين أفراد أسرتك “مجنون بالعمليات الملتوية والمراوغة”، كما وصفه إدموند دي غونكور.
فقد ساد الاعتقاد منذ فترة طويلة أن جيفري الصارم بريء من عمليات ويلسون. ومع ذلك، فقد سلطت الدراسات الحديثة الضوء على مناخ المحسوبية والتسوية التي تحتفظ بها أسرة جيفري، وهي عائلة تمكنت من جمع ثروة طوال فترة إقامتها في الإليزيه.
إنّ ما سلف لا يعتبر تلميحًا خبيثًا أو تشبيهاً ساقطاً. لأنه حتى لو سكنت عشيرة عون في بعبدا، فلن يكون هناك حاجة للتحقق من ذلك.
الرئيس المنتهية ولايته العماد عون لم يرغب في ترك منصبه دون توزيع الرضا والأوسمة على خدام الوطن المخلصين، بدأ في منح وسام إلى الشخصيات الكبيرة، ومن هذه العطايا حاز سفير النظام السوري على أحد الأوسمة، الأمر الذي دفع بالمحامي والكاتب اللبناني الأستاذ ألكسندر نجار للتعبير عن رفضه للإجراء على مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلاً: “كيف سقطنا إلى هذا الحد؟”
عزيزي اسكندر نجار، إنك تساوي أكثر من هذه الحيوانات البرية، فأرجع ما تم منحه لك إلى من يهمه الأمر، وأغتنم هذه الفرصة لأدعو اللبنانيين الأحرار والفخورين إلى إعادة الأوسمة التي حصلوا عليها إلى السلطات، لأن نزاهتهم الأخلاقية على محك كرامة جمهوريتنا، ولن يخسروا شيئًا إذا تخلوا عنها.
في النهاية يتوق كبار السن إلى الأوسمة ويلهثون لاستغلالها، ولكن في ماذا يتم استخدام الوسام إن لم يكن خلال عرض أو احتفالات رسمية؟ يجب على الرجل الذكي ألا يتخلى عن حذره.
أما بالنسبة لأولئك الذين يمسكون بمقاليد السلطة، فليأخذوا بعين الاعتبار أن “العار يكرم بالعار، وأن المنصب إلى زوال والوظيفة تصيب بالغباء”.
مواضيع ذات صلة :
عون إلى “الحزب”: سأرمي “التفاهم” في “سلّة المهملات”! | العهد انتهى… رسالةٌ أخيرة من الشعب اللبناني إلى الرئيس عون | خوف من تكرار مشهدية 1990 |