النفاق السياسي: عن أي شرعية تتكلّمون؟
كتب ميشال توما لـ”Ici Beyrouth“:
بعد الإجراء الذي اتّخذه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بحق النائب العام لدى محكمة الاستئناف في جبل لبنان القاضية غادة عون، انبرى البعض للدفاع بحماس عن الشرعية والقضاء، وإدانة هذا الإجراء حاملين لواء استقلال العدالة أو الفصل بين السلطات، في أداء يدمج بين الخداع والذل بشكل مهين لذكاء اللبنانيين!
إذ لا بدّ من الإقرار، بأنه وفي حالة غادة عون بالتحديد، برهن ميقاتي عن شجاعة سياسية لا يمكن إنكارها! فقد آن الأوان لوضع حدٍّ لممارسات عون ومخالفاتها المجحفة والتعسّفية، خصوصاً في ظل عجز الجهات القضائية المعنية عن التحرك لِلَجم تجاوزاتها الميليشاوية.
أولئك المعترضون على إجراء ميقاتي يصفونه بـ “غير القانوني”؟ ولكن هل بقي في لبنان ما يمتّ للقانون والدستور بأيّ صلة؟
• هل يُعتبر قانونياً ودستورياً تأخير رئيس الجمهورية التشكيلات القضائية لأكثر من عامين وحتى نهاية ولايته، تلك التي أعدّها المجلس الأعلى للقضاء، كرمى لعيون غادة عون التي تحظى بحمايته، وحفاظاً على منصبها الذي حوّلته لأداة لحزبها السياسي؟
• هل انخراط قاضية في سلوكيات ميليشوية فتخلع أبواب الشركات الخاصة وتخاطب المؤيدين المخلصين للحزب الذي تخدم مصالحه السياسية علناً يعتبر قانونياً ودستورياً؟ هل القانون يجيز أن تضرب موجب التحفظ بعرض الحائط، وتغوص في جدالات عبر صفحات الشبكات الاجتماعية، وتتجاهل الإجراءات المتخذة ضدها من قبل رؤسائها في التسلسل الهرمي وسواها من المخالفات؟
• هل من القانون أن تعجز السلطات القضائية المختصة عن استدعاء قاضية لا تكف عن الإنغماس في جميع أنواع المخالفات المخزية وأن يعجز التفتيش القضائي عن اتخاذ الإجراءات المناسبة في مثل هذه الحالة؟
• هل يجوز لقاضية إطلاق مؤامرة مشبوهة ضد مؤسسات مصرفية شرعية بذرائع كاذبة، في الوقت الذي تغض فيه الطرف عن القرض الحسن، مصرف حزب الله الذي تتكاثر فروعه وأجهزة الصراف الآلي الخاصة به، والذي يقوم بكافة أنواع العمليات الائتمانية بشكل غير قانوني تماماً، بعيداً عن أي رقابة من قبل مصرف لبنان؟
• وهل يجوز أن يتهم البعض ميقاتي بمخالفة القانون بينما يقومون هم أنفسهم بنسف الانتخابات الرئاسية وبمخالفة الدستور؟
• هل يجوز لمن يصرّ اليوم على الظهور بشكل المدافع الأكبر عن أموال الأرامل والأيتام ألا يفكر لحظة بإقلاق راحة حلفائه السياسيين، الذين ضخّوا لسنوات الاحتياطيات، أي أموال المودعين، بالعملة الأجنبية من مصرف لبنان، وانخرطوا تدريجياً في عمليات احتيال كبيرة وفي اختلاس الأموال؟
لبنان غارق في مستنقع اللاشرعية منذ سنوات وقد أثقله الخلل في مؤسساته، لذلك إنّ غادة عون والمدافعين عنها هم آخر من يحقّ لهم الكلام عن الاعتداء على الدستور والقوانين النافذة. ولا شك أنه كان ولا يزال من الضروري، أن يضع شخص ما حدا جذريا لتجاوزات القاضية المسيسة لأنها اتّخذت منحىً تدميرياً، ولذلك لا يمكن توجيه اللوم للرئيس ميقاتي.. أقله ريثما تعود مؤسسات الدولة والجهاز القضائي إلى العمل الطبيعي.
مواضيع ذات صلة :
تعميم قضائيّ | إحالة 11 محضراً إلى القضاء! | مدير عام الاقتصاد والتجارة يحيل 92 محضراً إلى القضاء |