هل يكون جهاد أزعور رجل المرحلة؟
يرى بعض المراقبين أنّ الوزير السابق جهاد أزعور، الذي يطرح اسمه بقوة في السباق الرئاسي قد يكون “رجل المرحلة”.
كتبت رولا بيضون لـ”Ici Beyrouth“:
لا يحظى الوزير السابق جهاد أزعور حتى تاريخه بإجماع على الساحة السياسية اللبنانية، إذ يفضل البعض المرشحين الأقرب إلى خطّهم السياسي أو الأكثر تماهياً معهم.
غير أنّ من يعرف وزير المالية الأسبق ومدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي حالياً، أو من يواكب مسيرته المهنية عن كثب، يدرك جيداً أنّ لدى أزعور العديد من المهارات التي تمكّنه من “إنقاذ” البلاد من مختلف الأزمات، بدءًا بالأزمتين الاجتماعية والاقتصادية.
وكان اسم جهاد أزعور قد عاد بقوّة إلى التداول في الأسابيع الأخيرة، علماً أنّ وليد جنبلاط كان أوّل من طرحه في شهر شباط من بين قائمة تضم ثلاثة مرشحين توافقيين، تمّ اقتراحها على حزب الله.
وتقاطعت مواقف قوى المعارضة السيادية والتيار الوطني الحر مؤخرًا على دعم جهاد أزعور، كما أنّ أزعور نفسه قد أمضى بضعة أيام في بيروت التقى خلالها ممثلي الأحزاب السياسية الرئيسية.
“الصدق والنزاهة”
لا شك بأنّ جهاد أزعور هو الرجل المناسب لهذا المنصب بنظر العديد من المراقبين، ولا شكّ أيضاً بأنّ مسيرته المهنية في القطاع العام (وزير المالية من 2005 إلى 2008) والقطاع الخاص (مستشار في MacKenzie and Booz Allen Hamilton، قبل إطلاق شركته الخاصة للاستشارات والاستثمار) وأيضًا داخل مؤسسة دولية كبرى (صندوق النقد الدولي، منذ 2017)، تميزه بشكل واضح عن غيره من المرشحين.
ويؤكد سامي حداد، وزير الاقتصاد من 2005 إلى 2008 في الحكومة التي ترأسها فؤاد السنيورة، والتي تولى فيها جهاد أزعور حقيبة المالية، أنّه “إذا انتخب أزعور سيكون رئيساً ممتازاً، فهو الوحيد القادر على إنقاذ لبنان”.
ويضيف حداد: “أزعور رجل أمين وصادق ومجتهد وهو رجل مبادئ وحوار”.
ووفقاً لحداد، يواجه لبنان ثلاث مشاكل رئيسية: وجود النازحين السوريين وسلاح حزب الله والأزمة المالية والاقتصادية.
ويقول: “في حين أنّ لمشاكل اللاجئين والسلاح بعد إقليمي مهم للغاية ولا يمكن للبنانيين حلها فيما بينهم، تبقى الأزمة المالية والاقتصادية التي تدمر هذا البلد مشكلة لبنانية – لبنانية مئة بالمئة، ولا يمكن أن يأتي حلّها إلّا من اللبنانيين”.
كما يؤكد: “جهاد أزعور هو الأنسب لهذا الحل. فهو خبير بالموضوع كما يشغل منصباً مهمًا جدًا في صندوق النقد الدولي، والذي لن يكون هناك حل في لبنان بدونه”.
“ثلاث صفات عظيمة”
بدوره، يعبّر الوزير السابق أحمد فتفت الذي كان يشغل منصباً في الحكومة نفسها، عن “اقتناعه بأنّ جهاد أزعور مثالي لرئاسة الجمهورية، نظراً لما يتمتع به من معرفة علمية واقتصادية وسياسية”.
ويقرّ فتفت بأنّ رأيه مطبوع بلا شكّ بمفاهيم إيجابية مسبقة، لكن ذلك يعود لمعرفته بجهاد أزعور منذ الصغر وعلاقته التي لطالما كانت وطيدة معه، خصوصاً وأن الإثنين من قرية سير الضنية في شمال لبنان.
ووفقاً لفتفت، يتمتع أزعور “بثلاث صفات أساسية على الأقل، فهو متخصص وخبير في الشؤون الاقتصادية والمالية بشكل عام، وفي شؤون البلاد على وجه الخصوص. كما يتمتع بخبرة سياسية طويلة وأخيراً، وقبل أي شيء آخر، الصدق هو من أهم صفاته”.
وتجدر الإشارة إلى أن أزعور هو ابن شقيق الوزير والنائب السابق جان عبيد.
ويذكّر فتفت بأنّ المنصب الذي يشغله أزعور حالياً هو منصب مرموق، ويشير إلى أنّه يمتلك “بحكم مسيرته ومهامه، اتصالات مؤثرة مع البنك الدولي وفي جميع أنحاء المنطقة أيضاً، حيث يلتقي برؤساء الدول وبوزراء المالية من كل مكان”.
أزعور والسنيورة
إذا اقترح وليد جنبلاط تسمية أزعور كمرشح توافقي، فذلك لأنه غير مرتبط بأي جماعة سياسية. ولكن على الرغم من ذلك، يتهمه منتقدوه بأنّه رجل فؤاد السنيورة وبأنه مقرّب من الحريري. ومع ذلك، لم يكن فؤاد السنيورة هو من أدخل جهاد أزعور في العالم السياسي اللبناني، وإنّما وزير المالية والاقتصادي السابق جورج قرم (الذي لا يمكن اتهامه بـ “الحريرية”)، الذي فتح أمامه أبواب العالم السياسي من خلال تعيينه مستشاراً في الوزارة. فلا شكّ أنّ قرم قد اختار أزعور مدفوعاً بشهاداته وقدراته.
وكان أزعور بعد حصوله على درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة “باريس دوفين”، استحق شهادة الدكتوراه بدرجة مشرف في التمويل الدولي من معهد باريس للدراسات السياسية (Sciences Po).
وأثناء تحضيره أطروحته، عمل ضمن برنامج الزمالة ما بعد الدكتوراه في قسم الاقتصاد بجامعة هارفارد، حيث درس دمج الاقتصادات الناشئة في الاقتصاد العالمي.
وحين حلّ فؤاد السنيورة، وزيراً للمالية خلفاً لجورج قرم، قدّم جهاد أزعور استقالته للوزير الجديد. ولكن السنيورة عرض عليه بعد الإطلاع على سيرته الذاتية، العمل معه.
أزعور الذي لم يكن في الواقع من نفس الفريق السياسي، تردّد أولاً قبل القبول بالعرض. ثم تعاون الرجلان معًا، وعندما عُيّن فؤاد السنيورة رئيسًا للوزراء في العام 2005، عرض عليه منصب وزير المالية فما كان من أزعور إلا أن قبل به.
ويؤكد فتفت: “يتمتع أزعور بروح مستقلة وهو يتخذ قراراته وفقًا لقناعاته”، مستذكراً أنّ أزعور غالباً ما وقف في مجلس الوزراء بمواجهة السنيورة.
على الطريقة اللبنانية
يعتقد بعض المراقبين أنّ أزعور يستوفي جميع الشروط التي حددتها غالبية الفاعلين اللبنانيين الرئيسيين والأجانب في ما يتعلق برئاسة الجمهورية. فهو شاب ومثقف وكفوء وتوافقي وإصلاحي ويتمتع بخبرة سياسية واقتصادية قوية، تجعله قادراً على الحوار مع جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية.
وسيحمل أي انتخاب محتمل لجهاد أزعور على رأس الجمهورية اللبنانية مغزى كبيراً، وفق فتفت الذي يقول: “في حال كان هناك توافق سياسي وقرار إقليمي ودولي لإنقاذ لبنان فأزعور هو الأنسب لأداء المهمة، وشخصياً، سأسرّ كثيراً بانتخابه لأن هكذا خطوة تعني الخروج من القاع”.
لكن فتفت يعتقد أن دفع ترشيح جهاد أزعور سيحمل مخاطرة كبيرة في غياب أيّ توافق إقليمي ودولي.
ويختم: “أزعور رجل ذو قيمة كبيرة، ولا أريده أن يفقد منصبه في صندوق النقد الدولي من أجل لا شيء.. فقط بسبب ممارسة السياسة على الطريقة اللبنانية”.
مواضيع ذات صلة :
لقاء سرّي لأزعور | “127 لا 128″…سعد يقرأ عبر “هنا لبنان” في دستوريّة الجلسة وورقتها الضائعة! | لقاء لأزعور مع عدد من النواب والمجموعات التغييرية: لبناء نموذج إقتصادي محصّن |