جمهورية.. “مؤقتة”!
ترجمة “هنا لبنان”
كتب ميشال توما لـ”Ici Beyrouth“:
في الأول من آب أي في غضون أسبوعين تماماً، سينتقل مصرف لبنان لنظام تصريف الأعمال بشكل “مؤقت”.. في ظل حكومة تصريف أعمال “مؤقتة” وبرلمان يشرع “بشكل مؤقت” عند الضرورة، على الطريقة اللبنانية.. الجمهورية اللبنانية تتكئ بشكل “مؤقت” حتى على أعلى المستويات، وصولاً للمناصب الحساسة مثل إدارة الأمن العام. وقد يطال هذا الشلل بشكل خطير أحد أهم المناصب في نهاية العام: قيادة الجيش.
يرتبط هذا الخلل الوظيفي الذي يغزو مفاصل الدولة بشكل خبيث، كالسرطان، بغياب رئيس للدولة. وبما أن الضد يظهر حسنه الضد، تبرز اليوم وفي ظل الأزمة الحالية، الحاجة أكثر من أي وقت مضى لوجود “رئيس الدولة” ببعدها الدستوري والسياسي… وذلك، على الرغم من كل ما يشاع عن تهميش وظيفة رئيس الجمهورية. وهذا ما يفسر حالياً استشراس “محور العرقلة” أو محور الشر بشكل أصح، ومحاولته إفراغ الرئاسة من جوهرها أو حتى التقليل من أهمية غياب رئيس للجمهورية.
وفي الأصل، كان النظام السوري، في عهد الرئيس حافظ الأسد، أول من ضرب الرئاسة في لبنان من خلال فرض التمديد لولايتي إلياس الهراوي وإميل لحود، بشكل غير مبرر على الإطلاق ودون استشارة أحد. ومن ثم، تولى حزب الله زمام الأمور واستكمل ضرب هيبة الرئاسة من خلال التقليل من مخاطر عدم احترام المهل الدستورية المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية، والاستهتار بجوهر الرئاسة وزعزعة النظام السياسي القائم برمته.
ولا يخفى على أحد أن الفراغ على مستوى وظائف الدولة العليا والنسف المتكرر للانتخابات الرئاسية يمثل امتداداً لاستراتيجية التفكيك التي هندسها الحزب ونسقها بنفس طويل. ويحتجز الحزب بصفته الخادم المخلص للولي الفقيه ولإيران، البلد رهينة منذ العام 2005 تقريبًا، بهدف مزدوج: من ناحية، فرض الإيقاع الإيراني على الساحة المحلية، على أمل إجبار مكونات البلاد على الانصياع لرؤيته للنظام السياسي ومكانة لبنان في المنطقة. ومن ناحية أخرى، طمأنة طهران للسيطرة على لبنان كورقة مساومة تصلح للاستخدام في صفقة شاملة محتملة مع الغرب و / أو دول الخليج.
ولكن أين الحل؟ بمواجهة استراتيجية العرقلة التي يمارسها حزب الله وفقاً لما تمليه إرادة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، يكمن مفتاح الحل في لبنان بلا أدنى شك، بيد إيران وليس بيد الحزب. وبالنتيجة، لا بد من أن تبادر البلدان الصديقة للبنان (في هذه الحالة دول الخماسية التي اجتمعت الإثنين في الدوحة لمناقشة الأزمة)، لتقديم اقتراح “لا يمكن رفضه” للنظام الإيراني. ولا بد من أن يهدف هذا الاقتراح لإقناع، أو بالأحرى إجبار، الحكومة الإيرانية على التدخل ودعوة أتباعها اللبنانيين لوضع حد لاستراتيجية التفكيك ونسج علاقات متوازنة بما في ذلك مع شركائها المحليين.. وعلى الرغم من أن هذا في هذا الهدف الخيالي طموح زائد، كما قد يفترض البعض، لكنه ضروري إذا أردنا حقا انتشال بلاد الأرز من الهاوية.
مواضيع ذات صلة :
حين عبق لبنان بالسيادة والكرامة وإسترجعت الجمهورية في 23 آب 1982 | أصَالَةُ الدُّستور وتُراثُ الانقِلاب عليها! | هذا موقف “القوات” من دعوة بري للحوار |