معضلة الحدود: المفاوضات في ظل الشغور الرئاسي (2/2)
ترجمة “هنا لبنان”
كتبت Alissar Boulos لـ “Ici Beyrouth“:
بعد أن سطّرنا في الجزء الأول من هذا المقال، سيناريو التفاوض بوجود رئيس للجمهورية في لبنان، سنركز في الجزء الثاني على سيناريو التفاوض في ظل الشغور الرئاسي والفراغ المؤسسي المنهجي. وفي هذا السياق، يطرح السؤال التالي: “هل من الطبيعي أن يخوض لبنان قضية بهذا الحجم في ظل الشغور الرئاسي؟”
نظرة في الوضع الحالي
هل هناك رغبة بتطبيع الفراغ الرئاسي من خلال إظهار قدرة لبنان على المضي في مفاوضات بهذا الحجم، حتى بغياب رئيس للجمهورية؟ كل صلاحيات الرئيس، وضمناً التفاوض وإبرام المعاهدات، مرتبطة بشخص الرئيس ويمارسها هو (أو هي)، حسب ما قال وزير الداخلية الأسبق زياد بارود في حديث لـIci Beyrouth.
تنصّ المادة 62 من الدستور على أنه في حال خلو سدة الرئاسة لأيّ علة كانت، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء. ومع ذلك، تتولى الحكومة حاليًا تصريف الأعمال. وهذا يعني أننا أمام مشكلة مزدوجة، حسب بارود: هل يشمل ذلك كل الصلاحيات وكأنّ الوضع الطبيعي هو عدم وجود رئيس؟ ومن ثمّ، هل تستطيع حكومة تصريف الأعمال ممارسة صلاحيات الرئيس كلها بحرية أم أنها تبقى ضمن النطاق الضيق لتصريف الأعمال؟ الدستور واضح ولا تستطيع الحكومة المستقيلة ممارسة مهامها إلا بطريقة مقيدة. وما عساها تكون صلاحيات رئاسة الجمهورية بالوكالة؟
وبدوره، يؤكد العميد خليل حلو على أن رئيس الجمهورية هو الذي يتفاوض ويوقع ويبرم المعاهدات بين لبنان والخارج حسب الدستور. وبغياب رئيس للجمهورية، يتولى مجلس الوزراء مجتمعاً هذه المهمة. وهذا أمر جدلي لأنه غير ممكن من الناحية الفنية.
ويتقاطع ذلك مع قراءة بارود، الذي يتساءل كيف يمكن لحكومة تعجز عن الإجتماع على خلفية الخلافات السياسية، من الإتفاق بالإجماع على التفاوض. كما لا يذكر الدستور شيئاً بهذا الصدد. ولا شيء يوضح بشكل ملموس كيف يمكن لمجلس الوزراء الذي يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة التصويت على قرارات مهمة. وفي الأصل، هل يمكن التفاوض مع 24 شخصًا؟ هل يتم التصويت بالأغلبية البسيطة أو بالثلثين أو بالإجماع؟
ووفقًا لمصدر دبلوماسي مطلع، يمكن الإنتهاء من الإتفاق الأولي وتوقيعه بالأحرف الأولى. وقد يشكل ذلك مسودة حل يضاف إليها بند ينص على أنّ الاتفاق ساري المفعول بمجرد انتخاب الرئيس. لكنه لا يمكن تخيل إمكانية حدوث ذلك نظراً لأنّ إسرائيل لا تريد التنازل عن أي من مكتسباتها.
نقض المعاهدة؟
في حال قامت حكومة مستقيلة، كالحكومة الحالية، بالتفاوض وبإبرام معاهدات، بالإمكان نقضها. وسيصعب القيام بذلك في حال أدت المفاوضات بالفعل إلى عواقب قانونية. ومع ذلك، هناك شروط وآليات يجب اتباعها، كما أنّ هناك مسؤوليات مرتبطة بأي نقض في بعض الأحيان.
ويعتبر نقض المعاهدة تعبيراً أحادياً عن الإرادة. وهذا يعني نقض الدولة التزاماتها.
وماذا لو تولت هيئة غير مؤسسية (أي حزب الله) التفاوض؟
سيشكل ذلك مخالفة وانتهاكًا صارخًا للدستور. “لا أرى أنّ ذلك سيحدث حتى ولو أنّ العديد من الأطراف شاركوا في المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية. لكن في نهاية المطاف، رئيس الجمهورية هو الذي أطلق المفاوضات. وحتى في لبنان مجزأ ومعقد للغاية، لا يزال هناك على الأقل احترام رسمي للدستور، كما يوضح بارود.
حزب الله: المفاوض الحقيقي
بغياب الرئيس والغيبوبة المؤسساتية، يبدو أن لا أحد يمثل المصالح الوطنية. ويبقى المفاوض الوحيد على الأرض هو حزب الله، الذي يستغل الفراغ ليثبت نفسه كمفاوض فعلي.
يشرح حلو أنّ “حزب الله هو الذي سيتفاوض عمليا في الظروف الحالية. نحن لا نعيش بمنطق دولة القانون. ما نعيشه هو توازن القوى. والحزب هو الأقوى ولهذا السبب هو الذي سيتفاوض”. ووفقاً له، يدرك المفاوضون الأجانب، الإسرائيليون والأميركيون، أن التفاوض مع أي شخص آخر مضيعة للوقت، وأن المجموعة الموالية لإيران سيكون لها كلمتها مع أو بدون رئيس. وحتى لو كان هناك رئيس غير موال لإيران، لن تنجح المفاوضات إذا لم توافق المجموعة الموالية لها.
وفي كل الأحوال، يعدّ قيام أي جهة غير شرعية، مثل حزب الله، بالتفاوض نيابة عن لبنان، انتهاكاً صارخاً للدستور. وعدا عن ذلك، لبنان جمهورية مختطفة والإتفاق سيتم حسب المصدر الدبلوماسي المذكور، في حال تمكن الفريق المسلح من تحقيق الأرباح.
مواضيع ذات صلة :
العالم لا يثق بوعود لبنان | الخير: حراك “الخماسية” يكاد يكون الفرصة الأخيرة | “الترقّب الرئاسيّ” سيّد الموقف.. تحرّكات “بالجملة” ودعوة غربيّة لبري! |