سيناريو الفوز المشترك وبروز الأردن
ترجمة “هنا لبنان”
كتب ميشال توما لـ “Ici Beyrouth“:
ما تشهده منطقة الشرق الأوسط في الآونة الحالية هو نوع جديد من أنواع الحروب التي تتفرد إلى جانب الهندسة الدقيقة للإغتيالات من الجو، بالكشف عن النوايا الحربية عبر المنابر الإعلامية. وبالفعل، يتم الإعلان عن المخططات بشكل مسبق وأوسع نطاقاً لدرجة أنّ النوايا نفسها تستحيل ورقة تفاوض خلف الكواليس تحت عنوان الحد من أو تجنب الخسائر. كما ينجم عن إعلان التوقيت المحدد مسبقاً اعتماد تدابير عملية، كإغلاق المجال الجوي. وهذا السيناريو ينطبق بشكل خاص على ما حصل في كانون الثاني الماضي في سياق الرد الأميركي والبريطاني الأول ضد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
مثال آخر طبق فيه هذا السيناريو بامتياز هو الهجوم الإيراني الذي استهدف إسرائيل مساء السبت، والذي كشف عن تفاوت كبير بين التأثير على الأرض مقارنة بالوسائل الهجومية المستخدمة. وكيف لا ينتج هذا التفاوت وقد أبلغت الدول المجاورة لإيران بالهجوم قبل 72 ساعة من تنفيذه. أليس ذلك ما أوضحه وزير الخارجية الإيراني الأحد؟ وأليس ذلك ما أكده مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي كشف عن تبلغ تل أبيب بالعملية من قبل… طهران نفسها!
في سياق هذا السيناريو، الفوز مشترك! هذا هو سيناريو الوضع المربح للجانبين أو ما يعرفه الأجانب بالـ”win win”. فمن ناحية، نجحت إيران بحفظ ماء الوجه وواظبت على سعيها منذ 7 تشرين الأول لفرض نفسها كقوة إقليمية مهيمنة. ومن ناحية أخرى، نجح الجيش الإسرائيلي بتلميع صورته من خلال التأكيد على كفاءته وتفوقه التكنولوجي في مجال الدفاع الجوي بشكل خاص. وعلى المستوى السياسي، حشدت إسرائيل الدعم الدولي من جديد وبقوة. أما الرئيس جو بايدن، فحرص على بعد أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية، على التأكيد على تصميمه الثابت على حماية أمن إسرائيل. حتى أنّ الفرصة سنحت للأردن لتسجيل بعض النقاط من خلال مده يد العون في التصدي لهجوم الحرس الثوري الإيراني.
وفي إطار تطورات الليلة الماضية، برز عنصر على وجه التحديد، تمثل بدخول الأردن ضمن نظام الدفاع الغربي. وردت الجمهورية الإسلامية سريعاً وبالتزامن مع الهجوم، على هذا التموضع بتوجيه تهديدات مباشرة لعمان. ولكن الوضع الحالي فرض على المملكة الأردنية تحديد الجانب الذي تريد الانتماء إليه والخيار الذي اعتمدته. وذلك، خصوصاً وأن الأردن بات منذ هجوم السابع من تشرين الأول، في مرمى أهداف زعزعة الاستقرار التي يقوم بها المعسكر الإيراني بشكل متواصل. وأشارت مصادر أردنية مسؤولة الأحد، إلى أنّ إيران دأبت منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، على مطالبة عمان بالتدخل في الصراع، وهو ما رفضته المملكة الهاشمية.
وتدهور الوضع تدريجياً على الحدود الأردنية السورية في ظل عمليات التهريب الواسعة للمخدرات على يد العصابات المسلحة، خصوصاً وأنّ هذا التهريب ترافق مع تجارة الأسلحة. كما أن التوتر في تزايد ووردت أنباء عن اشتباكات على طول الحدود. وبرزت محاولات زعزعة الاستقرار جلية مع تنظيم سلسلة من المظاهرات الشعبية الحاشدة في العاصمة بحجة التعبير عن التضامن مع سكان غزة. لكن أحداً لم يقع في فخ المناورة وحذر العديد من المراقبين والمحللين مؤخراً من خطورة الوضع في الأردن. ولم يفت نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الأحد التأكيد على أنّ “الأردن سيستمر في اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لحماية أمنه وسيادته”.
وقد يكون الوضع في المملكة الهاشمية على المحك بشكل أو بآخر بسبب وطأة السياسة التوسعية المتزايدة التي ينتهجها الحرس الثوري الإيراني. وفي هذا الصدد، يمكن استغلال واقع منسي في الغالب، وهو أن نصف السكان الأردنيين تقريباً هم من أصول فلسطينية.
وفي مثل هذا السيناريو، لم يكن أمام السلطة الأردنية سوى التموضع بالشكل الذي يضمن لها الدعم الأمني والسياسي من المعسكر الوحيد القادر على دعم استدامتها.. المعسكر الغربي.
مواضيع ذات صلة :
هولندا تتوعّد بإلقاء القبض على نتنياهو | هل يحقّ لرئيسي مجلسي النواب والوزراء التفاوض مع إسرائيل؟ خبراء يشرحون! | شقير: هناك جدية لدى حزب الله في إنهاء القتال والطابة اليوم بيد إسرائيل |