هجوم السبت والتحدّيات أمام الباسداران
ترجمة “هنا لبنان”
كتب ميشال توما لـ”Ici Beyrouth“:
مرحلة جديدة من التصعيد في الشرق الأوسط دفعت إليها الهجمات الإيرانية بعد انتقال الباسداران من حرب الاستنزاف المحدودة عبر الوكلاء إلى المواجهة المباشرة مع إسرائيل…
وفي ظل هذه المرحلة، يصعب تحديد العواقب والأبعاد الاستراتيجية الناتجة عن الهجوم الضخم بالمسيّرات والصواريخ.
وبانتظار اتضاح الصورة، لا بدّ من التوقف عند بعض الحقائق الخاصة بعملية السبت نظراً لثقلها السياسي. وتكتسب طبيعة وعدد القذائف التي أطلقت (حسب مصادر إسرائيلية) دلالة ملفتة بشكل خاص: 185 مسيرة؛ 110 صاروخ باليستي؛ 36 صاروخ كروز.. أما الإستثناء فهو الحشد المسبق للدفاعات الجوية (الأميركية والبريطانية والفرنسية والأردنية وبالطبع الإسرائيلية) عدا عن الإعلان عن الهجوم قبل وقت طويل من وقوعه.
ولم تواجه الدفاعات الجوية المذكورة صعوبة في اعتراض وتدمير المسيّرات الـ 185 في الجو قبل بلوغها إسرائيل.
وما زاد المهمة سهولة، معرفة أن المسيّرات تحتاج عدّة ساعات قبل الوصول إلى وجهتها!
أليس ذلك أشبه بألعاب الفيديو التقليدية للغاية…
أما الصواريخ الـ 146 فلم توفر المنظومة الدفاعية إلا سبعة منها، كما أكدت عدة مصادر متطابقة أنها لم تكن تحمل عبوات ناسفة كبيرة! هذه الحقائق تفسّر الطبيعة الساخرة للتأثير على الأرض، مقارنة بحجم الوسائل المستخدمة: ضحية واحدة وفتاة صغيرة من أصل عربي، وأضرار مادية طفيفة للغاية لحقت بقاعدة جوية في النقب، جنوب إسرائيل.
وللمقارنة، أدّى قصف نظام صدام حسين لإسرائيل عام 1991، خلال حرب الخليج، باستخدام صواريخ سكود، إلى مقتل شخصين، وإصابة أكثر من 220 آخرين، وإلحاق أضرار مادية بـ 1300 منزل، و6100 شقة، ونحو 20 مبنى، و200 مخزن وحوالي 50 سيارة. وهي خسائر فادحة ويمكن ربطها بالتأكيد بغياب نظام دفاع فعّال في ذلك الوقت، على غرار النظام المتوفر حالياً والذي عمل السبت على صدّ الهجوم.
كيف يمكن تفسير هذا التناقض القوي بين الترسانة الهائلة التي حركها الحرس الثوري الإيراني والعواقب المتواضعة على الأرض؟ الأمر يرتبط بالشأن الجيوسياسي أكثر مما يتعلق بالسياق العسكري وهذا ما تسعى إليه السلطة الإيرانية. وتحت ذريعة الردّ على استهداف مبنى قنصليته في دمشق بغارة جوية، ومقتل مسؤول كبير في الباسداران، حدّد النظام لنفسه هدف إطلاق المواجهة المباشرة مع إسرائيل، ولكن بعناية كبيرة، ليس من أجل (الهدف الزائف) “تحرير القدس”، بل من أجل ترسيخ مكانته على طاولة القوى الإقليمية الكبرى، دون المجازفة بمواجهة شاملة مع تل أبيب.
وقد حققت إيران في المرحلة الحالية هذا الهدف على ما يبدو، في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس في السابع من تشرين الأول. وعدا عن ذلك، من الواضح أنّ إسرائيل لم تقل كلمتها الفصل بعد، ومن المحتمل أن يتمحور ردّها حول كبح حماسة الباسداران ونزعاته التوسعية، لتفادي مواجهة جديدة في المستقبل على سياق ما حصل في السابع من تشرين الأوّل.
وقد يدفع مثل هذا الخطر حكومة نتنياهو إلى شنّ هجوم واسع النطاق للقضاء تماماً على الأدوات العربية للحرس الثوري الإيراني، وبشكل خاص حزب الله وما تبقى من حماس.
وبالتالي، قد يترجم الهجوم الإسرائيلي المضاد بشكل رمزي بعمليات موزونة بعناية ضد أهداف محددة في إيران، أو بشكل أكثر تطرفاً بهجمات تستهدف قادة الباسداران على الحدود الشمالية والجنوبية لإسرائيل، بالتوازي مع الجولان. وذلك لوضع حدّ للمشروع الإيراني الذي ابتليت به معظم دول الشرق الأوسط والذي يستثمر منذ سنوات في الشرذمة وفي زعزعة الاستقرار.
مواضيع ذات صلة :
هولندا تتوعّد بإلقاء القبض على نتنياهو | هل يحقّ لرئيسي مجلسي النواب والوزراء التفاوض مع إسرائيل؟ خبراء يشرحون! | شقير: هناك جدية لدى حزب الله في إنهاء القتال والطابة اليوم بيد إسرائيل |