التقارب الفرنسي الأميركي يمهّد لحل إقليمي
ترجمة “هنا لبنان”
كتب فيليب أبي عقل لـ”Ici Beyrouth“:
الحركة الدبلوماسية تتسارع على أكثر من جبهة لمنع توسع رقعة حرب غزة وصولاً إلى لبنان. وهذا ما يؤكّد عليه البيان الختامي لاجتماع الإليزيه في 19 نيسان، حيث شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام رئيس الوزراء نجيب ميقاتي وقائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون على الالتزام بمتابعة مختلف النقاط، وتحديداً في ما يتعلق بالجنوب اللبناني. بالإضافة إلى ذلك، أوفد ماكرون وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه إلى المنطقة للعمل على حماية لبنان من الخطر المحدق وحث مختلف الأطراف على وقف الأعمال العسكرية. وتأتي هذه الخطوة في أعقاب تلقي باريس وواشنطن معلومات “دقيقة ومثيرة للقلق” حول نية إسرائيل شن حرب في لبنان لإزالة تهديد حزب الله وضمان أمن مستوطناتها.
وحمّل ماكرون ميقاتي رسالة “طارئة للغاية” إلى حزب الله حول الوضع الخطير في جنوب لبنان وإطلاق إسرائيل العد التنازلي للحرب. وتخشى واشنطن وباريس من أن يؤذن اتساع الاشتباكات بالحرب، خصوصاً وأنّ خطابات المسؤولين الإسرائيليين بمن فيهم وزير الدفاع يوآف غالانت تذهب في هذا الاتجاه، وكان الأخير قد أعلن أنه “لا مفر من الحرب”. ووفقاً لمصادر إسرائيلية، ستكون تداعيات هذه الحرب على لبنان مدمرة تماماً كتداعيات زلزال.
وبالتالي، تندرج زيارة سيجورنيه إلى بيروت الأحد في إطار استكمال المحادثات في الإليزيه وتسليط الضوء على ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1701 بشكل كامل لإنقاذ لبنان وتجنب الحرب، ولكن أيضاً للتشديد على الحاجة لانتخاب رئيس للجمهورية. وذلك على أساس جهود اللجنة الخماسية (الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر) ومبادرة كتلة الإعتدال البرلمانية، في حين أكدت فرنسا “عدم وجود مرشح، والدعم لترشيح الشخص الذي يحظى بتوافق الآراء”. وعلى جدول الأعمال، قضية النازحين السوريين، الذين يشكلون في الوقت الحالي تهديداً وجودياً للبنان.
وحسب مصادر دبلوماسية غربية، قامت “باريس بصقل اقتراحها، بناء على تصريحات واشنطن، بهدف مواءمته مع المبادرة الأميركية”. وعدلت المبادرة الفرنسية خلال اجتماع في واشنطن بين المبعوث الأميركي آموس هوكستين والمبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان. وبينما تؤكد المبادرة الفرنسية على ضرورة وقف العمليات العسكرية في جنوب لبنان وفصل هذه الجبهة عن جبهة غزة، تركز المبادرة الأميركية على ترسيم الحدود البرية والاتفاق على النقاط الـ13 المتنازع عليها على طول الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل.
وتتزامن المبادرة الفرنسية مع اقتراح مصري لوقف دائم لإطلاق النار. ووفقاً لمصادر مطلعة، رحبت إسرائيل بالاتفاق الإطاري. وينطبق الأمر نفسه على حماس، خصوصاً وأنها تستجيب لغالبية المطالب. كما يسجل تقاطع على مستوى الابتكار في الحلول ضمن خطة طويلة الأجل، بما في ذلك إنشاء دولة فلسطينية. وتمثل المبادرة المصرية بداية التطبيع مع المملكة العربية السعودية. وهي خطوة سيكون بنيامين نتنياهو مستعداً للقيام بها بهدف تعزيز موقفه السياسي. وتشير هذه الدلائل كلها إلى مناخ إيجابي واتفاق محتمل على هدنة دائمة. وفي هذا السياق، من اللافت متابعة مواقف حماس. فقد أعلنت الحركة أنها ستنضم لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تقودها حركة فتح. كما دعت لتشكيل حكومة موحدة تضم غزة والضفة الغربية. وأبدت الحركة الإسلامية انفتاحاً على بناء دولة فلسطينية ذات سيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة، فضلاً عن عودة اللاجئين السوريين عملاً بقرارات الحدود الدولية 1967. وإذا تطلب الأمر، سيتم تفكيك الجناح العسكري لحماس وستستضيف الصين وفوداً من فتح وحماس بغية تحقيق المصالحة الفلسطينية.