اللهب الإيراني: لبنان بين نار الصيف وجحيم الرئاسة
كتب Johnny Kortbawi لـ“This is Beirut”:
فلنتكلم بكل وضوح، بغض النظر عن الصيغة المعتمدة لكسر الجمود الرئاسي، لن تتحرك العجلة إلا بإشارة من إيران. تلك هي الرسالة التي تأكدت طهران من نقلها بوضوح لمن يهمه الأمر، على الرغم من كل المبادرات العقيمة التي توهم بتقدم ما في هذا الملف!
على المستوى المحلي، مبادرة جديدة للحزب التقدمي الإشتراكي توشك على الإصطدام بحائط مسدود، على غرار مبادرة تكتل الاعتدال الوطني الذي سعى لتوحيد اللبنانيين جميعاً.
وقبل المبادرات المحلية هذه، وضعت فرنسا خططها الخاصة لكن زيارات مبعوثها جان إيف لودريان المتتالية لم تعدُ كونها أكثر من مجرد زيارات بروتوكولية. وهذا ما ترجم بردة فعل المسؤولين اللبنانيين الذين فوجئوا لدى طلبه الإجتماع بهم وكأنه يحمل استراتيجية جديدة. وذلك قبل أن يتبين في النهاية أنّ الأمر برمته إعادة صياغة للخطط السابقة. وكذلك هي الحال بالنسبة للخماسية التي حاولت الكشف عن بعض الحلول، لكنها وصلت إلى طريق مسدود، خصوصاً وأنّ بعض أعضائها في عداء مع حزب الله، وليس بإمكانهم تقديم مفاتيح الحل.
وفي موازاة ذلك، لا يزال رئيس مجلس النواب نبيه بري يصر على الحوار، لعل الملف الرئاسي يصل إلى خواتيمه في واحدة من الجلسات النيابية العديدة. أما الجانب الآخر، وتحديداً القوات اللبنانية، فيرفض أن يتحول هذا الوضع إلى نوع من العرف حيث تبقى الإنتخابات الرئاسية منوطة بدعوة رئيس مجلس النواب للحوار.
وفي خضم هذه المماطلة الدستورية والأخبار التي تغطي أحداثاً فاقدة المعنى، يتضح أنّ إيران هي المسيطرة، أكثر فأكثر خصوصاً وأنها تعرقل كل مبادرة تتخذ وتؤدي إلى إفشال المساعي. ولا تزال طهران تستخدم لبنان كوسيلة ضغط في مفاوضاتها، والآن أكثر من قبل، خصوصاً في ظل الاضطرابات الإقليمية الحالية.
عامل آخر يضاف إلى المعادلة هو التغيير السياسي الذي أحدثته وفاة الرئيس الإيراني. وفي لبنان، يستخدم حزب الله منطق التفوق السياسي، وترجم ذلك مؤخراً في موافقة الحكومة على دفع التعويضات لعائلات ضحايا حرب الجنوب، في حين أنّ الدولة نفسها لم تتمكن من تقديم التعويضات لضحايا انفجار مرفأ بيروت. ومع أنّ الدولة لا تعجز عن دفع هذه التعويضات، لا تتورع عن سحب الأموال مباشرة من حسابات المودعين، وبعضها من الضرائب التي يدفعها المواطنون اللبنانيون، دون أن تحمل حزب الله أي مسؤولية عن الحرب. ففريق الممانعة لا يعطي أيّ اعتبار للقرار السيادي للبلاد وكان له ما أراد، ففرض التعويض على الدولة، دون أن يترك لها أصلاً الحق باللجوء إلى أي خيار آخر.
يبدو أنّ قرار الإنخراط في الحرب أم عدمه وانتخاب رئيس من عدمه أيضاً، هو قرار منوط بإيران. وحتى الآن، ليس هناك من مؤشرات على كسر الجمود الرئاسي قريباً.. فالولايات المتحدة، أحد الفاعلين الرئيسيين، تستعد لانتخاباتها في تشرين الثاني. ولا يبدي كل من الرئيس جو بايدن ولا منافسه دونالد ترامب أي استعداد للتريث مع إيران، قبل الانتخابات أو بعدها. وبالانتظار، سيستمتع لبنان بصيف أو بطيف عطلة، في ظل مصادرة السلطة من الدولة.. فتشتعل الشواطئ فرحاً بينما تبقى الرئاسة فريسة ألسنة اللهب!
مواضيع ذات صلة :
صفقة بين ترامب والأسد تقطع السلاح عن “الحزب”؟ | تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | الجميّل تعليقًا على رسالة خامنئي إلى الشعب اللبناني: “ومن الحب ما قتل”! |