غادة عون والموعد مع العدالة

ترجمة هنا لبنان 11 حزيران, 2024

ترجمة “هنا لبنان”

كتب روجيه مرعب لـ”Ici Beyrouth“:

بعد سنوات من المخالفات والإنتهاكات، ستمثل المدعية العامة في جبل لبنان، القاضية غادة عون، أمام الهيئة العليا للتأديب. الموعد مع العدالة مرتقب الإثنين الساعة 3 بعد الظهر أمام الهيئة نفسها التي أدارت لها القاضية ظهرها مراراً، منذ إقصائها عن مهامها في أيار 2023. فهل ينجح النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي جمال الحجار بوضع حد لسنين من الانتهاكات؟

عون شهيرة بمخالفاتها وسبق لها أن تجاهلت في عدة مناسبات، الإجراءات القانونية التي اتخذها رؤساؤها، تحت ستار الحماية السياسية للتيار الوطني الحر الذي اعتقدت أنه يضعها فوق القانون.

وبالقانون أتى الردّ بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على تعيين النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي جمال الحجار ودقت ساعة الإمتثال للإجراءات التي انتقدتها. وتجدر الإشارة إلى أنّ الحجار كفّ يد عون عن كل الملفات القضائية التي تحقّق فيها ووجّه تعميماً إلى كافة الأجهزة الأمنية (من أمن الدولة والأمن العام وقوى الأمن الداخلي والجمارك، إلخ) بعدم تنفيذ أي إشارة صادرة عنها (بشكل غير قانوني طالما أنها استبعدت) وعدم مخابرتها بأي دعوى قديمة أو جديدة.

هذا السياق يفرض العودة إلى المخالفات التي قامت بها القاضية عون تحت مسمى مكافحة الفساد.. هي التي انهمكت في مطاردة فعلية ضد معارضي التيار الوطني الحر ومارست العدالة الانتقائية، وضربت المبادئ الأساسية عرض الحائط.

التاريخ: 2019.. وتحديداً تشرين الأول بالتوازي مع الانتفاضة الشعبية ضد السلطة اللبنانية. شرعت عون في مسار لا يخدم إلا مصالح التيار العوني بشكل أساسي، وعلى وجه الخصوص، زعيم التيار جبران باسيل. وشنت حملة شاملة ضد السياسيين وقادة الأمن وحاكم مصرف لبنان والمصرفيين، بهدف وحيد هو توجيه غضب اللبنانيين نحو أهداف محددة.

أما أول الضحايا، فرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وابنه ماهر وابن أخيه عزمي (ابن طه ميقاتي، شقيق رئيس الحكومة). وضعتهم عون تحت المجهر ولاحقتهم بتهمة الإثراء غير المشروع من خلال القروض المدعومة من قبل مصرف الإسكان. هذا، وأصرت الأوساط المقربة من ميقاتي على أنّ الاتهامات عارية عن الصحة وعلى أنّ الهدف كان حملة تشويه.

أما في العام 2020، فحل دور المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء عماد عثمان، وكذلك العميد حسين صالح. وضعتهما عون في دائرة الاستهداف بالتقصير في أداء الواجب بشكل أعاق، على حد ادعائها، سير التحقيقات في “الدولارات المدعومة”.

وبعد ذلك بعام، أي في العام 2021، لم توفر عون لا أفراداً ولا شركات، بما في ذلك شركة مكتف لتحويل الأموال ورئيسها التنفيذي، ميشال مكتف، الذي توفي في 18 آذار 2022، بنوبة قلبية إثر اتهام شركته بغسيل الأموال.. وهي تهمة لم تثبتها عون أبداً على الرغم من تعهدها مراراً بكشف الحقيقة كاملة..

عون تخطت القانون وأصدرت حكمها العلني ضد مكتف على شبكات التواصل الاجتماعي.. واعتبرته مذنباً منذ البداية. ولم توفر جهداً لجلد المتهم بغير وجه حق فقامت في عدة مناسبات وبأكبر قدر من عدم المشروعية، بتفتيش مباني شركته المشهورة دولياً، والتي اشتهرت بالعمل بما يتلاءم مع اللوائح والأنظمة النقدية المحلية والدولية، والتي تتميز بصيتها الذائع وبثقة شركائها حول العالم. وأكثر من ذلك بعد، بسطت القاضية يدها على وثائق الشركة وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بها قبل أن تعهد بها بشكل مفاجئ إلى راهبة معروفة بقربها من النظام السوري، زاعمة أنها تثق بالأخيرة.

عام 2022، قررت عون شن هجومها على حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، بالإضافة إلى أربعة نواب سابقين للحاكم. وحملتهم مسؤولية الأزمة المالية التي يغرق فيها لبنان وأطلقت على عادتها، سيلاً من الاتهامات ضدهم عبر منصات التواصل الاجتماعي. اتهامات تفتقر لأي أساس..ويبدو مجدداً أنّ منطق غادة عون المشوه، يحكم على الفرد بأنه مذنب حتى تثبت براءته. ذلك طبعاً طالما أنّ الأحكام العشوائية تصب في مصلحة الداعمين.

نعم لم يفلت أحد من براثن الأحكام المسبقة وبلا أسس، والسبحة طالت مدير عام وزارة المال اللبنانية سابقاً، آلان بيفاني، وموظفي البنك المركزي وشركة الاستشارات الدولية “ديلويت”، التي كانت قد أجرت عمليات تدقيق في مصرف لبنان عام 2018. وفتشت عون فيلا الحاكم في الرابية، شمال بيروت، برفقة دورية من جهاز أمن الدولة، وعلى رأسها طوني صليبا المقرب بدوره من التيار الوطني الحر.

يمكن تفسير هذه المناورات الحثيثة ضد مصرف لبنان وممثله قبل كل شيء برغبة التيار الوطني الحر بتحويل الانتباه عن الإدارة الكارثية للبلاد في عهد مؤسس التيار، الرئيس السابق ميشال عون.

وسعى التيار الوطني الحر، الذي فاز بأغلبية في الحكومات المتعاقبة خلال هذا العهد.. (ولعله أسوأ ما عرفه لبنان في تاريخه)، لتبرئة نفسه من خلال تحميل سلامة وحده مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي للبلاد، ووضع القطاع المصرفي في أيدي شخصيات مقربة من معسكر العوونة. ولتحقيق ذلك، كان لا بد من العثور على واجهة قضائية، ووقع الاختيار على المحظوظة غادة عون، التي لم تفكر في أي وقت من الأوقات بتوجيه دفة مكافحة الفساد نحو هذه الوزارات التي كانت تبتلع مليارات مصرف لبنان، دون ضمان الخدمات التي كانت مسؤولة عنها.

حيث يفلت القاضي من العدالة

رفضت المدعية العامة التي أحيلت أكثر من مرة إلى المجلس التأديبي، الخضوع لرؤسائها، لا بل ضاعفت مخالفاتها بعد.. من لقاءاتها مع رجل الأعمال عمر حرفوش، إلى علاقاتها المشبوهة مع المحامي الفرنسي وليام بوردون، الذي انضم إلى المشتكين على رياض سلامة عبر جمعيته “شيربا”، إلى نشر معلومات خاطئة ورسائل تشهيرية على الشبكات الاجتماعية، تهاجم فيها “خصومها”، بمن فيهم المدعي العام السابق، غسان عويدات، وراكمت المخالفات ضد النظام القانوني الذي تمعن في تدميره.

كما أبدعت في العثور على طرق لتجنب إخطارها بالإجراءات ضدها، وكف المدعي العام عويدات يدها عام 2023، عن جميع الملفات المالية التي كانت تحقق فيها بهوس.

ثم فصلها في المجلس التأديبي بسبب إساءة استخدام السلطة وتمردها على قواعد الإجراءات القضائية.. وعلى الرغم من الإجراءات التأديبية، لم يتزحزح إصرار عون على انتهاك حرمة القانون بتعنتها.

واليوم، يوقع النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار على عزلها. فهل سينجح بوضع حد لتجاوزاتها القضائية وانتهاكات القوانين المرعية، التي طالت لسنوات؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us