فلنقتل لبنان بالتشاؤم!
ترجمة “هنا لبنان”
كتب Johnny Kortbawi لـ “This is Beirut“:
تفيض منصات التواصل الاجتماعي التي سمحت لجميع الأفراد بالتعبير عن آرائهم، بغض النظر عن مكانتهم الفكرية أو الأكاديمية، وبغض النظر عن وضعهم الاجتماعي، بسيل من التعليقات اليومية.
وتحول هذه التعليقات الآراء إلى مادة بمتناول الجميع، مما يجعل المواطنين اللبنانيين متساوين في حقهم بالتعبير، بغض النظر عن حقيقة الوضع. القضية الجوهرية لا تتعلق بقدسية الحرية التي لا يجب انتهاكها في كل الظروف، بل بنظرة بعض اللبنانيين للحرية واستخدامها كمبرر لإصدار الأحكام على الآخرين.
ويبدو أن دائرة الاستهداف على وسائل التواصل الاجتماعي تضم في المقام الأول اللبنانيين الذين يختارون الاحتفال والسهر والمشاركة في المهرجانات في جميع المناطق اللبنانية، والتردد على الحانات والنوادي الليلية بحثًا عن الفرح والسعادة في هذه الأوقات العصيبة.
ويجادل أصحاب الانتقادات بأن السهر خارج المنزل لوقت متأخر في ظل الحرب الدائرة في الجنوب أمر غير إنساني، بينما يؤكد آخرون أن مثل هذا السلوك يضر بالفقراء في الوقت الذي تثقل فيه الأزمة الاقتصادية. ولذلك، سنحاول في هذه السطور تحليل كل وجهة من وجهات النظر هذه للوصول إلى نتيجة منطقية حول هذه الظاهرة.
أولاً، تتجاهل الحجة القائلة بأن الحرب في الجنوب تحتم على جميع اللبنانيين الامتناع عن الاحتفالات والأنشطة الليلية حقيقة أن لبنان لم يعلن رسمياً حالة الحداد. علاوة على ذلك، لبنان لم يختر أصلاً إطلاق شرارة هذا الصراع؛ لا بل يتحمل المسؤولية فصيل مسلح حسم أمره دون موافقة أو تأييد الدولة أو شعبها. فلماذا يُتوقع من اللبنانيين تحمل عبء الامتناع عن عيش حياتهم كاملة، خصوصاً مع عودة المغتربين للاستمتاع بفصل الصيف؟
ثانياً، والأخطر من ذلك، تديم حجة مساواة الفقر في لبنان واستخدامها كسبب لتجنب الاحتفال والتواصل الاجتماعي في وقت متأخر من الليل، عدم المساواة وتلقي باللوم بشكل غير عادل على الأثرياء، متجاهلة حقيقة أن أولئك الذين يختارون السهر، ينفقون في الأصل جهدهم ووقتهم ومواردهم وأموالهم ، التي جمعوها بشكل شرعي.
عدا عن ذلك، تساهم هذه الأنشطة بشكل كبير في اقتصاد لبنان. ويشكل قطاع الخدمات، الذي يشمل المطاعم والمهرجانات والفعاليات، غالبية المجتمع اللبناني ويوفر الدخل للعمال اللبنانيين. ومن خلال دعم هذه المؤسسات، يساعد الناس في الحفاظ على الاقتصاد من خلال توليد الدخل، وهو أمر بالغ الأهمية بشكل خاص في هذه الأوقات الصعبة.
إنطلاقاً مما تقدم، هل يقتضي الحل إفقار جميع العاملين في هذه القطاعات لمجرد أن البعض يعتبر العمل في أوقات متأخرة من الليل أمراً مرفوضاً أخلاقياً؟ بالطبع لا. علاوة على ذلك، هل يجب أن نلزم منازلنا بسبب سوء الإدارة الاقتصادية والسياسات الحكومية غير الفعالة، أم الأجدى بنا التركيز على تنشيط الاقتصاد؟
باختصار، إن أي شخص يدعو للتمسك بمثل هذه التدابير إما يسهم عن غير قصد بتفاقم فقر المواطنين اللبنانيين وإما يقوض بشكل فعال إمكانات لبنان في مجال السياحة والانتعاش الاقتصادي. وهذا الخطاب لا يقل ضرراً عن التهديدات الخارجية التي يواجهها لبنان، والتي تهدف إلى عزله دولياً. دعونا لا نعلق في هذه السردية؛ وبدلاً من ذلك، فلنترك لكل فرد حرية تحديد كيفية إنفاق أمواله الخاصة. أما عن فرض الأحكام على الآخرين، فمن قال إنه شكل من أشكال الحرية؟ ما يحصل هو النقيض تماماً!
مواضيع ذات صلة :
الجنوب تحت نيران القصف العنيف… وتحذيرات إسرائيلية جديدة! | الغارات على الجنوب لا تتوقف… وللجيش اللبناني حصة من الإستهداف! | تفاصيل التحذير الإسرائيلي لـ15 قرية جنوبية! |