كيف لك أن تحكم دولة تنتج 258 نوعًا من الجبنة؟
ترجمة “هنا لبنان”
كتب Marc Saikali لـ“Ici Beyrouth“:
تلك العبارة البسيطة للجنرال ديغول هي الأكثر رمزية اليوم، إذ يتأهب المحللون السياسيون في فرنسا وفي جميع أنحاء العالم منذ الأحد الماضي ويستعدون لإعادة حساباتهم.. في محاولة لتحديد الأكثر حظاً لنيل الأكثرية في البرلمان في الجولة الثانية للإنتخابات والمرتقبة في 7 تموز. أما السؤال الأكبر فيتمحور حول قدرة حزب التجمع الوطني، بقيادة جوردان بارديلا، على الحصول على الأغلبية المطلقة التي تفتح أمامه أبواب ماتينيون.
وفي المقابل، جمعت الجبهة الشعبية الجديدة في ظل هذه الظروف، ائتلافاً من قوى اليسار وأقصى اليسار، مع فرص ضئيلة في الفوز بأغلبية الـ289 مقعد في الجمعية الوطنية. علاوة على ذلك، من الذي يستطيع في هذه الظروف المطالبة بمنصب رئيس الوزراء؟ جان لوك ميلونشون يؤكد عدم المطالبة بشيء، ولكنه لا يخفي استعداده. وفي الوقت الراهن، يناور حلفاءه بالقول إن الدفع سيكون باتجاه القرار الجماعي.
وما بين بين، تلوح الأغلبية الرئاسية السابقة بـ”القوس الجمهوري” وبالحاجة لكبح اليمين المتطرف. ولكن المشكلة تكمن في تصدع هذا “القوس” وفي أسهمه التي قد تخطئ أهدافها في بعض الأحيان. فما الذي قد يحصل؟ يكفي القول أن التشويق مستمر، وفي اللوائح الأخيرة للجولة الثانية، 97 قائمة ثلاثية وواحدة رباعية. ولكن تلوح علامات استفهام أخرى حول استعداد الناخبين للالتزام بدعوات قادة الأحزاب في ما يتعلق بنقل الأصوات؟ لا إجابات مؤكدة!
هذا يعني بالتالي،العودة إلى المربع الأول.
من تراه سيفوز في هذه الانتخابات التشريعية المبكرة؟ تلك الكلمة الأخيرة هي الكلمة التي كدنا أن ننساها.. ففي الأصل، ما وضعنا في هذا المربع هو قرار الرئيس إيمانويل ماكرون بحلّ الجمعية الوطنية في 9 حزيران، عشية نتائج الإنتخابات الأوروبية. والمحفز؟ الفوز التاريخي للتجمع الوطني.
حل البرلمان لم يكن ملزما خصوصا وأن التجمع الوطني أكد الأحد الماضي موقعه كحزب رائد في فرنسا. فهل هذا خطأ استراتيجي؟ أم انقلاب سياسي محسوب؟ الإجابة متروكة للمستقبل. وفي الأصل، لم تؤت تجربة الرئيس السابق جاك شيراك ثمارها في ذلك الوقت، وقادت إلى نوع من التعايش الشاق.
ما الذي ستؤول إليه الأمور؟ هل قد يحكم التجمع الوطني باسم “ائتلاف اليمين” ويظفر بأغلبية مطلقة؟ أم هل قد يواجه جوردان بارديلا مظاهرات أو إضرابات أو حتى دعوات للعصيان المدني؟ إيمانويل ماكرون لوّح بشبح “الحرب الأهلية”. وحتى بدون الذهاب إلى هذا الحد في الأصل، ستصعب إدارة الأمور في فرنسا.
وماذا عن السيناريو الذي يفتقر فيه الجميع للأغلبية المطلقة، ما الذي سيحدث حينها؟ الأصداء تسمع حول “حكومة تكنوقراط”.. موال لا يخفى على اللبنانيين ويعود ليصدح بعد كل شلل مؤسسي.. لكنه لا يفلح أبداً.
ومن ثم، هل يرتقب حلٌّ مقبل للجمعية الوطنية في غضون عام، بشكل يعيد زمام الأمور للرئيس الفرنسي ويسمح لمعسكره بالفوز في انتخابات 2027؟ الرهان محفوف بالمخاطر.. ذلك لأن الهشاشة قد تطبع فرنسا بعد فترة من عدم الاستقرار. فماذا عن الحلول؟ هل يعين (شبح) الرئيس اللبناني الذي لا وجود له، مثلاً “مبعوثا خاصاً لفرنسا” هذه المرة.. والمهمّة: محاولة تقريب وجهات النظر والدعوة إلى طاولة الحوار وكسر الجمود.. ألا يدين لبنان بذلك لأصدقائه؟ ألا يمكن محاكاة النظام السياسي اللبناني؟ أي نموذج أكثر ثباتاً.. وأي نموذج أكثر يقيناً لناحية النتائج؟ أي نموذج أكثر ضماناً لعودة المرشحين أنفسهم مراراً وتكراراً، من دورة إلى دورة إلى ما لا نهاية.. ولكن من كان ليرتضي بذلك لفرنسا؟ قالها ديغول سابقاً، ونعيدها اليوم بصيغة العصر..فرنسا مع “أجبانها” الـ 258 ستبقى بلد الحرية والتنوع.
مواضيع ذات صلة :
هل انتم من محبي “الجبنة”؟… اليكم هذا الخبر |