القرار 1701 : لا عصا سحرية!
كتب Marc Saikali لـ“Ici Beyrouth”:
أكد المسؤولون اللبنانيون مراراً منذ زيارة آموس هوكشتاين الأخيرة، أن المبعوث الأميركي الخاص اكتفى بمناقشة تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، دون الخوض في أي تعديلات. وعلى الرغم من أنّ للكلمات وقع مهم، إلا أنّ أصل الحكاية يكمن في التفاصيل.
بالنسبة للمحللين، يكثر الحديث عن إعادة النظر في القرار 1701. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة خصوصاً وأن الصين وروسيا بطبيعة الحال ستواجهان التعديلات المقترحة بالـ”فيتو”. وهذا يعني أنّ الأمر محسوم ولن يطرأ أي تغيير بالقرار الأممي. ولكن هذا لا يعني نفي الجهود التي تبذل في الكواليس الدبلوماسية لتهيئة “البيئة الملائمة” لهذا القرار تمهيداً لما يعرف بـ”اليوم التالي” للحرب، إن حلّ أبداً!
وفي هذه المرحلة، تضج الساحة بالتكهنات. ويسعى الغرب والمعارضة اللبنانية لتطبيق القرار 1559 الذي ينص على نزع سلاح الميليشيات، وهذا يعني حزب الله. ولكن في الوقت الحالي، تفضل إيران ووكلاؤها تجنب الخوض في هذا الموضوع.
ومع ذلك، في وقت من الأوقات، لا بد وأن يحل الخيار المفروض مكان الخيار المرفوض.. وإلا لن تنتهي الحرب مطلقاً!
ولكن ماذا سيحدث إن تراجعت الميليشيا الموالية لإيران إلى ما وراء الليطاني، كما يقترح المسؤولون اللبنانيون. لنتخيل هذا السيناريو. حينها، ما الذي سيمنع حزب الله من إطلاق النار من مواقعه الجديدة؟ خصوصاً وأنّ مدى صواريخه يتخطى المسافة بين النهر والحدود والتي تعادل 20 كيلومترا. حينها، ألا يعني ذلك العودة إلى المربع الأول؟
هذا السيناريو ليس بغريب على المفاوضين الغربيين والعرب.
وبالتالي، لقد حان الوقت للتركيز على تلك “البيئة” التي تعد لتنفيذ الـ 1701. فما هي الخيارات؟
– أولاً، انتشار الجيش اللبناني على كامل الأراضي، على أن يتمتع بالتجهيزات الجيدة وبحق التحكم بأي أوضاع مشبوهة.
– ومن ثم، تعزيز موارد اليونيفيل وتغطيتها بترسانة قانونية تخولها القيام بعمليات على الأرض دون الحاجة لإذن مسبق.
– بالإضافة إلى ذلك، نشر تشكيلة من القوات الدولية (أميركية وأوروبية وسواها) إلى جانب الجيش اللبناني واليونيفيل، على أن يمتد دور هذه القوة ليشمل ضبط الحدود مع سوريا ومنع تهريب الأسلحة. وبالإمكان تكليف هذه القوة بمراقبة المطار والمرافئ أيضاً.
– انتخاب رئيس للجمهورية يضمن كافة بنود الاتفاق المحتمل. ونتضرع لله أن يعينه في هذه المهمة!
ما ذكر أعلاه ليس بمحض خيال علمي مهما بدت العقبات سوريالية! وقبل التطبيق، تطرح الكثير من علامات الاستفهام في ظل عدم اليقين. فهل سيوافق حزب الله على نزع سلاحه؟ كيف ذلك وقد شدد الأمين العام الجديد للميليشيا، نعيم قاسم، في خطابه الأول الأربعاء، على استمرار “خطة الحرب” والنصر المضمون وقدرة الحزب على الصمود لأسابيع وأشهر. وكيف ذلك وكان قد أكد أن الإسرائيليين لن يجدوا موطئ قدم في الأراضي اللبنانية وأن “المقاومة” سترعبهم.
ألا يجسد موقفه قوة التفكير الإيجابي بأبهى تجلياتها؟
وماذا عن إيران؟ هل تتخلى عن محورها في المنطقة؟ في هذه الحالة، لا شك بأن لا شيء مجاني. وقد بات من الواضح أن طهران لا تسعى إلا وراء مصلحتها الخاصة.
وماذا عن النظام السوري؟ هل سيتوقف عن استثمار أراضيه كممر للأسلحة إلى لبنان؟ لقد أرسل الإسرائيليون أكثر من إنذار (عسكري وسياسي) إلى عائلة الأسد. فإما أن يحرر النظام نفسه من سيطرة إيران وحزب الله، وإما لا ضمانة لبقائه في السلطة. في الوقت الحالي، يبدو أن بشار وماهر الأسد ليسا على نفس الموجة. الأول أكثر ميلاً للرضوخ من الثاني على الرغم من تلقي هذا الأخير الرسالة: غارة على منطقة تحت سيطرته في حي المزة في دمشق. ويحيط الغموض بالموقف الإسرائيلي. بنيامين نتنياهو يتأرجح بين التصعيد والتهدئة. لا أحد يعرف نواياه. قد يجمع في يوم حكومته لبحث “الحل السياسي” للحرب في لبنان. ثم في اليوم التالي، يرفع من حدة الضغط قليلاً. ويتبنى وزير دفاعه الاستراتيجية نفسها: يزعم أن حزب الله ما عاد يمتلك سوى 20% من قدراته، وأن الوضع ملائم لعودة سكان شمال إسرائيل. ثم بعدها بساعات قليلة، تشتد حدة القتال والغارات. الأكيد أنّ الجيش الإسرائيلي يقيم “منطقة عازلة فارغة” بعمق بضعة كيلومترات. منطقة تقتصر فائدتها، برأيي المتواضع كخبير استراتيجي عسكري، على التنديد بوجود الأنفاق المؤدية إلى إسرائيل.
حتى أنّ وجود تلك المنطقة لا يمنع إطلاق الصواريخ من مسافة أبعد قليلاً. وفي الواقع، كلما أسهبنا في التحليل، كلما اتضحت درجة التعقيد أكثر فأكثر بشكل يجعل الواقع أقرب للخيال في النهاية.
ولكن هيا، فلنلتحق بالركب ونكرر الدعوة على غرار الجميع: فلنطبق القرار 1701! ها هي المهمة قد أنجزت!
مواضيع ذات صلة :
تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | عملية “تنقيح” تجري على القرار 1701 ولا زيارة مرتقبة لهوكشتاين الى لبنان | القرار 1701 وألاعيب الطبقة السياسية |