روسيا تدخل المشهد بقوة…
كتب Marc Saikali لـ”Ici Beyrouth”:
يوماً بعد يوم، تُنتقص سيادة لبنان المنتهكة أكثر فأكثر.. طاولة القرار الوهمية تزداد اتساعاً والمُفاوضون حول مستقبل البلاد كثر، من الولايات المتحدة إلى إسرائيل وإيران، وبدرجة أقل، فرنسا وقطر. أما المفاجأة فهي انضمام روسيا إلى المشهد، ولو بشكل متحفظ للغاية حتى الساعة.. لقد بات اسم موسكو، خلال أسابيع قليلة، أساسياً لأي تسوية.
يقدّم فلاديمير بوتين، الذي تسري في دمائه مهارة الشطرنج، نفسه كضامن لوقف تدفق الأسلحة والتهريب والأموال إلى حزب الله عبر سوريا. وها هو يعرض خدماته على المحاورين الآخرين وهو يمسك فعلياً المقصّ الكفيل بقطع الحبل السري للميليشيات الموالية لإيران. وهذا ما تؤكده بعض التقارير حول نشر الروس قوات في الجولان السوري كدليل على الجدية.
ماذا عن العواقب؟ الحديث كثر عن طوابير المركبات التي تقل أعضاء من الحرس الثوري الإيراني من سوريا باتجاه العراق. ونظام عائلة الأسد أبعد ما يكون عن الإنزعاج من ارتخاء قبضة طهران على بلاده بعض الشيء.. ذلك شرط لإعادة الاندماج في الحضن العربي وإعادة بناء السمعة. الأمر لم يحسم بعد ولكن من لا يجرب لن يعرف.
ومن ثم، يطرح سؤال جوهري: ما الذي ستطلبه روسيا مقابل مساعدتها؟ القائمة شاملة. أولاً، هناك الملف الأوكراني. فقد باءت “العملية الروسية الخاصة” التي انطلقت في شباط 2022، بالفشل المرير وأدّت إلى مقتل مئات الآلاف من الشباب الروس بينما كان يفترض ألّا تتخطّى أياماً معدودة. وقد يلقى بوتين آذاناً مصغية لدى دونالد ترامب في هذا السياق. وقد يتسبب وقف المساعدات الأميركية لأوكرانيا بهزيمة فولوديمير زيلينسكي وجيشه. وعلى المحك أيضاً، تخفيف العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا والتي يمكن لدونالد ترامب استخدامها لليّ الذراع.
أما على مستوى المنطقة، يبدو أنّ روسيا تحافظ على علاقات جيدة مع الجميع. إسرائيل وإيران ودول الخليج والفلسطينيون… وجميعهم يزورون موسكو بشكل منتظم. وعلى غرار الأيام الخوالي للحرب الباردة، العاصمة الروسية باتت محطة إلزامية. وهناك ملف دسم آخر: إيران. بإمكان موسكو لعب دور “الوسيط” في المفاوضات مع النظام الإيراني، القلق من التهديدات الإسرائيلية التي تهدّد الحلم النووي.
والآن وقد تخلّت إيران عن “محور المقاومة” الذي أنشأته بنفسها، باتت الأمور أبسط.
الأمر ينطبق على الفلسطينيين أيضاً، حيث تحتفظ روسيا بعلاقات ممتازة مع كافة الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حماس. وقد تكتسب الوساطة الروسية قيمة كبيرة في ما يتعلق بمناقشة مستقبل غزة والضفة الغربية.
حتى أنّ لروسيا باع طويل في ما يتعلق بكابوس دونالد ترامب الأكبر: الصين. وبإمكان موسكو لعب دور كبير نظراً لقربها من بكين.
أما في لبنان، يزداد الشعور بالعجز الذي تحاول المؤسسات إخفاءه تدريجيًا، وسط ضجيج المسيرات والغارات المتكررة. وتنتظر البلاد تحديد مصيرها بعجز واستسلام. وتخاطر بذلك باختزالها إلى جائزة ترضية صغيرة على هامش المفاوضات الكبيرة. أما حزب الله، فيواظب على خداع شريحة سكانية تتناقص باستمرار لدفعها للاعتقاد بأن الأمور تسير لصالحه. ولكن الواقع مغاير والأمور محسومة بالفعل. الأمر يذكرنا بما قاله ونستون تشرشل: النجاح هو الانتقال من فشل إلى فشل دون فقدان الحماسة. لكن مع فارق وحيد.. لقد أفلح الأمر بالنسبة لهذا الأخير!
مواضيع ذات صلة :
أميركا تناور وإسرائيل تفعل ما تشاء | أميركا تسجل أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة | كمنوا له أثناء محاولة فراره إلى سوريا… وهذا ما ضُبِطَ بحوزته |